اختارت تونس رئيسها السادس في تاريخها، في ثاني انتخابات رئاسية مباشرة من الشعب بعد ثورة 2011، وبعد إقرار الدستور الجديد عام 2014، حيث شهدت تونس منذ ذلك الوقت ستة انتخابات حرة نزيهة، أشاد بها المراقبون الدوليون، وبذلك سطَّر الشعب التونسي إنجازاً جديداً في طريق تعزيز الديمقراطية، تعزز بإجراء الانتخابات التشريعية في السادس من أكتوبر الحالي، حيث بلغت نسبة المشاركة 41 في المئة، لكنها بلغت في الشوط الثاني من الانتخابات الرئاسية نحو 57 في المئة.
فمن هو الرئيس الجديد؟ وهل يستطيع إدارة الحكم في مجتمع مفتوح، وفي ظل دولة متعددة الأحزاب؟
الرئيس الجديد هو قيس سعيد، وهو خبير في القانون الدستوري، وقد حصل على نسبة 72 في المئة من مجموع أصوات الناخبين خلال الشوط الثاني من الاقتراع الرئاسي، المنظم في الرابع عشر من أكتوبر الجاري، بينما حصل خصمه على 27 في المئة من الأصوات.
أهم أفكار الرئيس الجديد رغبته في وجود قضاء مستقل، حيث أكد أن القضاء المستقل أفضل من ألف دستور، فالرئيس لا ينتمي لأي حزب سياسي، وليست لديه خبرة في إدارة الحكم، وإنما هو شخصية مستقلة، وبسبب خلفيته القانونية يرى أن حل القضايا الأمنية يكمن في تطبيق القانون على الجميع بلا تمييز، كما يرى أن تحسين التعليم سيساعد على ذلك.
وانتقد سعيّد النظام الحزبي، وأكد على الإرادة الشعبية المستقلة، لقد حقق سعيد فوزاً كاسحاً رغم حقيقة أنه لم يقدم أي برنامج انتخابي محدد.. فهو رجل قناعات يعرض مقاربة تقوم أساساً على لا مركزية للسلطة، وأن السلطة للشعب.
وفي توجهاته الفكرية والاجتماعية فهو شخصية محافظة، إذ يرفض المساواة في الميراث، ويعارض أي تسامح مع المثلية الجنسية، كما يعارض إلغاء الإعدام. وبالنسبة للقضية الفلسطينية.. فهو مدافع قوي عن حقوق الشعب الفلسطيني، وقد أكد بأن القضية ستكون من أولويات اهتماماته.
وقد تبلورت ديمقراطية الرئيس التونسي الجديد في تصريحه بأنه لا مجال للإقصاء في البلاد، أياً كانت درجة الاختلاف، وبأن الدولة ملتزمة بتطبيق قوانينها وتعهداتها الدولية.
وعلينا أن نؤكد هنا بأن النظام البرلماني التونسي المعدل يحد من سلطات الرئيس، فالدستور الجديد يعطي سلطات واسعة لرئيس الحكومة التي تشكلها الأغلبية الفائزة في الانتخابات البرلمانية، مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية، لكنها صلاحيات مهمة، مثل الدفاع والأمن القومي والسياسة الخارجية، إلى جانب مشاريع القوانين التي يمكن أن يتقدم بها إلى البرلمان.
ويتطلب تشكيل الحكومة التونسية الجديدة إجراء مشاورات بين الرئيس وبين الحزبين الفائزين بأكبر عدد من مقاعد البرلمان، وهما «النهضة» (52 مقعداً)، و«قلب تونس» (38 مقعداً)، وغيرهما من الأحزاب والكتل السياسية، فالحكومة الجديدة حتماً ستكون ممثلة للشعب التونسي الذي اختار أعضاء البرلمان من ألوان الطيف على اختلافها، وأخيراً نبارك للشعب التونسي الشقيق على نجاحه في تعزيز الديمقراطية وتحقيق الاستقرار في وطنه وإدارته لشؤونه بنفسه.. والله يوفقهم.
*أستاذ العلوم السياسية -جامعة الكويت
فمن هو الرئيس الجديد؟ وهل يستطيع إدارة الحكم في مجتمع مفتوح، وفي ظل دولة متعددة الأحزاب؟
الرئيس الجديد هو قيس سعيد، وهو خبير في القانون الدستوري، وقد حصل على نسبة 72 في المئة من مجموع أصوات الناخبين خلال الشوط الثاني من الاقتراع الرئاسي، المنظم في الرابع عشر من أكتوبر الجاري، بينما حصل خصمه على 27 في المئة من الأصوات.
أهم أفكار الرئيس الجديد رغبته في وجود قضاء مستقل، حيث أكد أن القضاء المستقل أفضل من ألف دستور، فالرئيس لا ينتمي لأي حزب سياسي، وليست لديه خبرة في إدارة الحكم، وإنما هو شخصية مستقلة، وبسبب خلفيته القانونية يرى أن حل القضايا الأمنية يكمن في تطبيق القانون على الجميع بلا تمييز، كما يرى أن تحسين التعليم سيساعد على ذلك.
وانتقد سعيّد النظام الحزبي، وأكد على الإرادة الشعبية المستقلة، لقد حقق سعيد فوزاً كاسحاً رغم حقيقة أنه لم يقدم أي برنامج انتخابي محدد.. فهو رجل قناعات يعرض مقاربة تقوم أساساً على لا مركزية للسلطة، وأن السلطة للشعب.
وفي توجهاته الفكرية والاجتماعية فهو شخصية محافظة، إذ يرفض المساواة في الميراث، ويعارض أي تسامح مع المثلية الجنسية، كما يعارض إلغاء الإعدام. وبالنسبة للقضية الفلسطينية.. فهو مدافع قوي عن حقوق الشعب الفلسطيني، وقد أكد بأن القضية ستكون من أولويات اهتماماته.
وقد تبلورت ديمقراطية الرئيس التونسي الجديد في تصريحه بأنه لا مجال للإقصاء في البلاد، أياً كانت درجة الاختلاف، وبأن الدولة ملتزمة بتطبيق قوانينها وتعهداتها الدولية.
وعلينا أن نؤكد هنا بأن النظام البرلماني التونسي المعدل يحد من سلطات الرئيس، فالدستور الجديد يعطي سلطات واسعة لرئيس الحكومة التي تشكلها الأغلبية الفائزة في الانتخابات البرلمانية، مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية، لكنها صلاحيات مهمة، مثل الدفاع والأمن القومي والسياسة الخارجية، إلى جانب مشاريع القوانين التي يمكن أن يتقدم بها إلى البرلمان.
ويتطلب تشكيل الحكومة التونسية الجديدة إجراء مشاورات بين الرئيس وبين الحزبين الفائزين بأكبر عدد من مقاعد البرلمان، وهما «النهضة» (52 مقعداً)، و«قلب تونس» (38 مقعداً)، وغيرهما من الأحزاب والكتل السياسية، فالحكومة الجديدة حتماً ستكون ممثلة للشعب التونسي الذي اختار أعضاء البرلمان من ألوان الطيف على اختلافها، وأخيراً نبارك للشعب التونسي الشقيق على نجاحه في تعزيز الديمقراطية وتحقيق الاستقرار في وطنه وإدارته لشؤونه بنفسه.. والله يوفقهم.
*أستاذ العلوم السياسية -جامعة الكويت