ربما يعد تعهد الرئيس دونالد ترامب بعدم التعاون مع التحقيق بشأن العزل الذي يجريه مجلس النواب ذو الأغلبية «الديمقراطية» أزمة دستورية، وقد لا يكون كذلك، لكنه اختبار جديد للوثيقة القانونية التأسيسية للأمة - ربما تكون أهم محاكمة من نوعها منذ رفض «ريتشارد نيكسون» تسليم تسجيلات البيت الأبيض. وطريقة حل هذه المسألة يمكن أن تعيد ضبط توازن القوى بين السلطتين التنفيذية والتشريعية للحكومة في عصرنا السياسي المستقطب.
هذا الاختبار هو مسألة قانونية جزئياً. وهي أيضا سياسية – مناشدة لدعم «هيئة المحلفين» للناخبين الأميركيين. وبدا خطاب الرئيس ترامب العدواني إلى مجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي، وكأنه موجه نحو قاعدته المحتشدة كمحاولة جادة لمناقشة قضايا قانونية مع القادة «الديمقراطيين». وإذا حافظ على شعبيته بين ناخبي الحزب «الجمهوري»، فمن غير المرجح بدرجة كبيرة أن تؤدي عملية المساءلة إلى عزله من منصبه.
يقول «جيمس كوري»، أستاذ العلوم السياسية بجامعة يوتا: «لم يكن ترامب إطلاقاً هذا النوع من الرؤساء الذين يبدو أنهم غير منخرطين في الجدل. ويمكنك القول إن جزءاً مما جعله ناجحاً مع الجمهوريين هو استعداده للتنافس».
ويرى الخبراء الذين يعتقدون أن البلاد تمر بأزمة دستورية أن المواجهة الحالية بين ترامب ومجلس النواب ليست أمراً يمكن أن يحله الدستور بحد ذاته.
وينبع الخلاف من حقيقة أن الرئيس يرفض تقديم مستندات أو شهادات الشهود الذين تم استدعاؤهم من قبل مجلس النواب. وفي خطابه الناري إلى رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي هذا الأسبوع، قال مستشار البيت الأبيض «بات سيبولون» إن التحقيق الذي يجريه مجلس النواب بشأن العزل «غير شرعي»، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن المجلس لم يأذن له بإجراء تصويت كامل، لذا لن يتمكن المحامون الرئاسيون من استجواب الشهود، وغير ذلك من المخالفات.
لكن سلطة استدعاء مجلس النواب راسخة في القانون. ويمنح الدستور مجلس النواب سلطة الإقالة، ولا يقول أي شيء آخر عن الموضوع – السماح لقيادة مجلس النواب بإجراء تحقيقات من أجل العزل بموجب أي إجراءات يختارونها.
صحيح أنه لا يزال يتعين عليهم إجراء تصويت كامل يُصرّح بإجراء تحقيق من أجل العزل، كما تم قبل تحقيقات الرئيسين نيكسون وبيل كلينتون، بيد أن لا شيء في القانون يتطلب منهم القيام بذلك.
وفي الوقت نفسه، يكافح مجلس النواب لفرض صلاحياته الدستورية. والدعاوى المدنية التي تهدف إلى فرض الامتثال للمذكرات السابقة تمضي في طريقها –ببطء –من خلال المحاكم. وقد لا يكتمل أي إجراء قانوني يتعلق باستحضار مذكرات الإقالة إلا ما بعد انتخابات عام 2020.
لقد أعطى الآباء المؤسسون الكونجرس ما شعروا أنه وسيلة قوية لتحقيق الغلبة في حال المنافسة بين فروع الحكومة، حيث إن لدى مجلس النواب القدرة على عزل الرؤساء، ومجلس الشيوخ لديه القدرة على إجراء تصويت لإقالتهم. لكنهم لم يتصورا الولايات المتحدة، حيث تكون خطوط الصدع السياسي بين الأحزاب بعضها ببعض، وليست بين السلطة التشريعية مقابل السلطة التنفيذية. والنتيجة: الفوضى الحالية من التقاعس ومطالبات المتضاربة.
يقول «كريس إيدلسون»، أستاذ مساعد في شؤون الحكم بكلية الشؤون العامة بالجامعة الأميركية: «بالنسبة لي، المصطلح الصحيح هو الفشل الدستوري. والسبب في أنني أقول ذلك هو أن النظام لا يعمل بالطريقة التي تم وضعها للعمل به. لقد تم تصميمه كنظام من الضوابط والتوازنات، أي عندما يذهب أحد الفروع إلى أبعد من ذلك، يكون هناك فرع آخر يسيطر عليه».
ويضيف «ويليام جالستون»، زميل بارز في معهد بروكينجز بواشنطن «أن الدستور ليس مُنَفِذا لذاته. وتعتمد فعاليته على استعداد الرجال والنساء للدفاع عن المؤسسات الحكومية التي ينتمون إليها، بما في ذلك الكونجرس، ولسوء الحظ، نحن في وضع حيث تجعل الشراكة المفرطة الكثير من الناس الذين من المفترض أن يدافعوا عن الكونجرس، يدافعون بدلاً من ذلك عن الرئيس، مهما كان ما يفعله. وهذه مشكلة حقيقية لنظامنا الدستوري»
وقال، واقعياً، فإن الحل النهائي للمواجهة الحالية هو التصويت. وسيتعين على الشعب الأميركي اختيار وحل القضايا من خلال صندوق الاقتراع. وأوضح «لا أعتقد أن الآليات الدستورية كافية».
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»