في وقت مبكر من السباق الرئاسي، كان كثير من المحللين السياسيين يحرصون على شطب أكثر المرشحين تقدميةً ممن ينافسون على الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي. وجادلوا بأن السناتور المستقل بيرني ساندرز لن يستطع أن يحول نجاحه إلى ساحة أكثر احتشاداً. ويقرون بأن السناتور الديمقراطية إليزابيث وارين لديها مهارات سياسية، لكن هذا لن يساعدها في جذب الناخبين الذين ينصب اهتمامهم على اختيار شخص يستطيع إلحاق الهزيمة بترامب.
وفي مناظرة للسباق التمهيدي على ترشيح الحزب الديمقراطي في أوهايو، مؤخراً، ظهر نائب الرئيس السابق جو بايدن في مكانه المعتاد وسط المسرح، مما يعكس موقعه في السباق على الترشيح. ووقف على جانبيه ساندرز ووارين اللذان صعدا ليصبحا أبرز منافسيه على الترشيح. فقد قلبا السياسة التقليدية التي تستبعد البدائل رأساً على عقب. ودعمهما لسياسات تتضمن الرعاية الطبية للجميع، وصفقة خضراء جديدة، وفرض ضرائب على الأثرياء، وإلغاء الديون على الطلبة.. فهذه الأفكار لم تذكر في جدل التيار العام فحسب، بفضل شجاعة وارين وساندرز، بل هيمنت على لغة الخطاب أيضاً.
وقد نبع نجاح السناتورين التقدميين، في جانب منه، من قرارهما وضع خلافاتهما جانباً والانضمام إلى القوى المناهضة للمؤسسة «الديمقراطية» المؤيدة للشركات.
والأكثر لفتاً للانتباه هو أن السناتورين هيمنا على الجدل، بينما اعتمدا حصرياً على المتبرعين من القاعدة الشعبية لتمويل حملة كل منهما. وكلا المرشحين تعهد برفض تبرعات لجان العمل السياسي وجامعي الدولارات الكبار. لكنهما مازالا يجمعان أموالاً في الربع الثالث من العام أكثر من أقرب الخصوم لهما. فقد جمع ساندرز 25.3 مليون دولار ووارين 24.6 مليون دولار. وهذا الصعود المؤثر يعصف بالحكمة التقليدية عما يتطلبه الأمر في سباق على مستوى قومي وإثبات أن الديمقراطيين يمكنهم تحرير حملاتهم من سلطان جماعات الضغط والشركات، وهو شرط أساسي، إلى جانب الفوز بمجلس الشيوخ، للقضاء على التزييف في نظامنا السياسي المحاصر بالأموال وتحقيق أهداف تقدمية كثيرة.
ومن السذاجة أن نتوقع استمرار هذا الزخم تلقائياً. ففي المدى القريب، قد يستهلك التحقيق بشأن مساءلة الرئيس ترامب في مجلس النواب، الطاقة والاهتمام بعيداً عن الأفكار التي صاغت الانتخابات التمهيدية حتى الآن. كما سعى البعض إلى شن حملة للتفريق بين معسكري ساندرز ووارين، وإذا نجح هذا المسعى، فقد يُضعف الطاقة وسط التقدميين. ففيما تراجع نشاط ساندرز عشية تعرضه لأزمة قلبية، تتعرض وارين لموجة جديدة من الهجمات الشخصية.
ومع دخول الحملة مرحلتها التالية، من المهم أن يبقى التقدميون متحدين ويتذكروا خصمهم الحقيقي. وهذا يتطلب من ساندرز ووارين الحفاظ على الهدنة بينهما ومواصلة المنافسة باستخدام جرأة أفكارهما وليس التصادم فيما بينهما. وأنصار المتسابقين قد يلتقطون إشارة من ساندرز الذي استغل وعكته الصحية الأخيرة كفرصة لتجديد التركيز على قضايا في لب حملته. فقد أعلن الأسبوع الماضي في رسالة إلى أنصاره قائلاً: «افتخروا بالجهود التي نقوم بها. وتفهموا المعارضة الهائلة التي نواجهها من شركات العقاقير والتأمين. لكننا سنفوز في هذا الصراع. التاريخ إلى جانبنا».
*ناشرة ومحررة مجلة «ذي نيشن» الأميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
وفي مناظرة للسباق التمهيدي على ترشيح الحزب الديمقراطي في أوهايو، مؤخراً، ظهر نائب الرئيس السابق جو بايدن في مكانه المعتاد وسط المسرح، مما يعكس موقعه في السباق على الترشيح. ووقف على جانبيه ساندرز ووارين اللذان صعدا ليصبحا أبرز منافسيه على الترشيح. فقد قلبا السياسة التقليدية التي تستبعد البدائل رأساً على عقب. ودعمهما لسياسات تتضمن الرعاية الطبية للجميع، وصفقة خضراء جديدة، وفرض ضرائب على الأثرياء، وإلغاء الديون على الطلبة.. فهذه الأفكار لم تذكر في جدل التيار العام فحسب، بفضل شجاعة وارين وساندرز، بل هيمنت على لغة الخطاب أيضاً.
وقد نبع نجاح السناتورين التقدميين، في جانب منه، من قرارهما وضع خلافاتهما جانباً والانضمام إلى القوى المناهضة للمؤسسة «الديمقراطية» المؤيدة للشركات.
والأكثر لفتاً للانتباه هو أن السناتورين هيمنا على الجدل، بينما اعتمدا حصرياً على المتبرعين من القاعدة الشعبية لتمويل حملة كل منهما. وكلا المرشحين تعهد برفض تبرعات لجان العمل السياسي وجامعي الدولارات الكبار. لكنهما مازالا يجمعان أموالاً في الربع الثالث من العام أكثر من أقرب الخصوم لهما. فقد جمع ساندرز 25.3 مليون دولار ووارين 24.6 مليون دولار. وهذا الصعود المؤثر يعصف بالحكمة التقليدية عما يتطلبه الأمر في سباق على مستوى قومي وإثبات أن الديمقراطيين يمكنهم تحرير حملاتهم من سلطان جماعات الضغط والشركات، وهو شرط أساسي، إلى جانب الفوز بمجلس الشيوخ، للقضاء على التزييف في نظامنا السياسي المحاصر بالأموال وتحقيق أهداف تقدمية كثيرة.
ومن السذاجة أن نتوقع استمرار هذا الزخم تلقائياً. ففي المدى القريب، قد يستهلك التحقيق بشأن مساءلة الرئيس ترامب في مجلس النواب، الطاقة والاهتمام بعيداً عن الأفكار التي صاغت الانتخابات التمهيدية حتى الآن. كما سعى البعض إلى شن حملة للتفريق بين معسكري ساندرز ووارين، وإذا نجح هذا المسعى، فقد يُضعف الطاقة وسط التقدميين. ففيما تراجع نشاط ساندرز عشية تعرضه لأزمة قلبية، تتعرض وارين لموجة جديدة من الهجمات الشخصية.
ومع دخول الحملة مرحلتها التالية، من المهم أن يبقى التقدميون متحدين ويتذكروا خصمهم الحقيقي. وهذا يتطلب من ساندرز ووارين الحفاظ على الهدنة بينهما ومواصلة المنافسة باستخدام جرأة أفكارهما وليس التصادم فيما بينهما. وأنصار المتسابقين قد يلتقطون إشارة من ساندرز الذي استغل وعكته الصحية الأخيرة كفرصة لتجديد التركيز على قضايا في لب حملته. فقد أعلن الأسبوع الماضي في رسالة إلى أنصاره قائلاً: «افتخروا بالجهود التي نقوم بها. وتفهموا المعارضة الهائلة التي نواجهها من شركات العقاقير والتأمين. لكننا سنفوز في هذا الصراع. التاريخ إلى جانبنا».
*ناشرة ومحررة مجلة «ذي نيشن» الأميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»