هناك كارثة بيئية بطيئة الحركة من صنع الإنسان تحدث تحت أقدامنا الآن، ذلك أن 70% من المياه التي يجري استخراجها من البحيرات الجوفية عبر العالم تستخدم في الزراعة وجانب كبير من المتبقي يُستخدم في إرواء عطش المدن. والتنمية الصناعية تنتشر بإيقاع سريع يتم فيه تفريغ هذا المخزون الحيوي بإيقاع يتفوق على المعدل الذي يتم به تجددها طبيعياً.
ومع أزمة المناخ، هناك آثار كارثية كثيرة لمشكلة المياه هذه. وتشير دراسة جديدة نُشرت مؤخراً إلى أن تقلص المياه الجوفية يتسبب في انخفاض مستويات تدفق المياه في الجداول والأنهار أيضاً. وتقلص المياه الجوفية، مثل تقلص المياه على سطح الأرض، حيوي للمزارع والبلدات والمدن ولكل شيء من الغذاء إلى التجارة وإنتاج الطاقة. ومع تعرض أنظمة المياه على امتداد الكوكب لضغوط بسبب ارتفاع درجة حرارة الكوكب والإسراف في الاستخدام، يمثل هذا الكشف الجديد تهديداً جدياً آخر. ومستجمعات المياه هي مناطق تنبع منها مجموعة من الجداول والأنهار تغذيها الأمطار وذوبان الثلوج. وهذه تغذي المياه الجوفية. وبحلول عام 2050، ربما يشهد أكثر من نصف مستجمعات المياه التي يتم منها استخراج المياه الجوفية انخفاضاً في تدفق الأنهار، وفقاً للدراسة التي نشرتها مجلة «نيتشر».
وفي مستجمعات المياه، مثل «سنترال فالي» في كاليفورنيا وفي الهضاب العالية في الغرب الأوسط الأميركي وفي منطقة «آبر جانجز» و«اندوس» في جنوب آسيا.. تم استنفاد المياه الجوفية بالفعل. واستخدمت الدراسة بيانات تعود إلى عام 1960 واستشرفت تأثير سحب المياه الجوفية إلى عام 2100. ويرى «بيتسي أوتو»، مدير برنامج «مياه الكوكب» في «معهد موارد العالم»، أن «هذه الأنظمة جميعها متصلة، ولذا فحين نسحب المياه الجوفية فإننا نسحب المياه من روافد الأنهار وغيرها على سطح الأرض».
ويؤكد جيسون موريسون، رئيس «معهد الهادئ» الذي لم يشارك في الدراسة، أن «إسرافنا في استهلاك موارد المياه الجوفية يمثل أحد التحديات الصامتة التي يجري التقليل من شأنها. والتأثيرات أكثر عمقاً مما نستوعب»، مضيفاً أن الوضع الحالي يشبه كما لو أننا نقترب من حافة الهاوية لكننا نتوجه نحوها.
ويقول مؤلفو الدراسة، وهم ينتمون إلى جامعات في هولندا وألمانيا وكندا والولايات المتحدة، إن نتائجهم «تكشف التركة الحالية والمستقبلية للبيئة بشأن استخدام المياه الجوفية». والبحث جديد في تركيزه على تأثيرات سحب المياه من جوف الأرض على باقي مستجمعات المياه. وحددوا نقطة الخطر، وهي أن يتقلص تدفق الجدول لثلاث شهور منفصلة على الأقل في عامين متتابعين أو حين لا يستطيع فيها تدفق المياه أن يبقي على الحيوانات والنباتات في نظام بيئي حي.
وهذا الحد تم تجاوزه بالفعل فيما يصل إلى 21% من مستجمعات المياه التي ينتشر فيها سحب المياه. والمناطق الواقعة في مشكلات بالفعل مثل تلك التي في الولايات المتحدة والهند تنتمي إلى المناخ الأكثر حرارة الذي يعتمد على المياه الجوفية في الري؛ لأن الأنهار لا توفر ما يكفي من المياه. وفي أميركا، تقع مستجمعات المياه المتضررة في مركز الإنتاج الزراعي للبلاد، وهو من العناصر الرئيسية المتسببة في انخفاض المياه الجوفية.
والدراسة المذكورة أحدث إصدار لمجموعة أبحاث تشير إلى اتصال حيوي بين الأجزاء المتباعدة لأنظمة المياه الجارية. ويجري تجديد مخزون المياه الجوفية عبر فترات طويلة من الوقت. ولدى العلماء حالياً فهم أفضل لإسهام المياه الجوفية في تغذية الأنهار والبحيرات والجداول والمستنقعات.
وقد أوصى مؤلفو الدراسة أن تعرف الدول «عاجلاً» تجاوز حد الأمان الذي يبدأ فيه سحب المياه الجوفية في التأثير على بيئة السطح حتى تستطيع منع تفاقم الأمور. وتأمل «انجي دي جراف»، الأستاذ المساعد في جامعة فرايبورج والمشاركة البارزة في الدراسة، أن يبدأ المسؤولون عن إدارة المياه «في تطوير إدارة أكثر استدامة للمياه أو تقنيات ري مختلفة باستخدام مياه جوفية أقل». وردد الخبراء النتائج التي أفادت بأن التأثيرات البشرية في جانب من مستجمعات المياه قد تؤثر على بقية الأجزاء.
ويرى «يوسيهيد وادا»، القائم بأعمال مدير برنامج المياه في «المعهد الدولي للتحليل التطبيقي للأنظمة»، أن الارتباط بين المياه الجوفية والمياه على سطح الأرض مهم للغاية ويجعل الناس يدركون أن المشكلة عالمية. لكن «آبمانو لال»، مدير مركز مياه كولومبيا في نيويورك، يرى أن إثارة القضية مهم، لكن سياسات المياه الحالية لا تقدم الكثير من الأمل في أن هذا التهديد الجديد ستجري معالجته سريعاً. وأضاف: «حتى في المناطق التي يمثل فيها استنفاد المياه الجوفية تهديداً وجودياً أو اقتصادياً لم تفعل الحكومات الكثير». ولم تعالج الدراسة أثراً جانبياً سلبياً آخر لاستنفاد المياه الجوفية، وهو احتمال هبوط في الأرض وخراب الطرق وأعمدة الطاقة. وفي الحالات المتطرفة، قد يؤدي انهيار التربة فوق بئر مستنفد إلى شقوق قد تسمح بأن يصيب التلوثُ المياه الجوفية ويجعلها معرضة للخطر.
والأسوأ هو أن تقييم معدلات استنفاد المياه الجوفية والتأثيرات على السطح، «متفائلة على الأرجح؛ لأن أصحابها لم يأخذوا في الحسبان الزيادات المتوقعة في الطلب على المياه الجوفية بسبب تزايد السكان أو نمو الاقتصادات الصاعدة في العالم» بحسب قول المؤلفين. وبعبارة أخرى، ربما تكون الأخطار المرتبطة باستنفاد المياه الجوفية أسوأ بكثير مما نعتقد، كما كشفت الأمم المتحدة الشهر الماضي فيما يتعلق بارتفاع حرارة الكوكب.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
ومع أزمة المناخ، هناك آثار كارثية كثيرة لمشكلة المياه هذه. وتشير دراسة جديدة نُشرت مؤخراً إلى أن تقلص المياه الجوفية يتسبب في انخفاض مستويات تدفق المياه في الجداول والأنهار أيضاً. وتقلص المياه الجوفية، مثل تقلص المياه على سطح الأرض، حيوي للمزارع والبلدات والمدن ولكل شيء من الغذاء إلى التجارة وإنتاج الطاقة. ومع تعرض أنظمة المياه على امتداد الكوكب لضغوط بسبب ارتفاع درجة حرارة الكوكب والإسراف في الاستخدام، يمثل هذا الكشف الجديد تهديداً جدياً آخر. ومستجمعات المياه هي مناطق تنبع منها مجموعة من الجداول والأنهار تغذيها الأمطار وذوبان الثلوج. وهذه تغذي المياه الجوفية. وبحلول عام 2050، ربما يشهد أكثر من نصف مستجمعات المياه التي يتم منها استخراج المياه الجوفية انخفاضاً في تدفق الأنهار، وفقاً للدراسة التي نشرتها مجلة «نيتشر».
وفي مستجمعات المياه، مثل «سنترال فالي» في كاليفورنيا وفي الهضاب العالية في الغرب الأوسط الأميركي وفي منطقة «آبر جانجز» و«اندوس» في جنوب آسيا.. تم استنفاد المياه الجوفية بالفعل. واستخدمت الدراسة بيانات تعود إلى عام 1960 واستشرفت تأثير سحب المياه الجوفية إلى عام 2100. ويرى «بيتسي أوتو»، مدير برنامج «مياه الكوكب» في «معهد موارد العالم»، أن «هذه الأنظمة جميعها متصلة، ولذا فحين نسحب المياه الجوفية فإننا نسحب المياه من روافد الأنهار وغيرها على سطح الأرض».
ويؤكد جيسون موريسون، رئيس «معهد الهادئ» الذي لم يشارك في الدراسة، أن «إسرافنا في استهلاك موارد المياه الجوفية يمثل أحد التحديات الصامتة التي يجري التقليل من شأنها. والتأثيرات أكثر عمقاً مما نستوعب»، مضيفاً أن الوضع الحالي يشبه كما لو أننا نقترب من حافة الهاوية لكننا نتوجه نحوها.
ويقول مؤلفو الدراسة، وهم ينتمون إلى جامعات في هولندا وألمانيا وكندا والولايات المتحدة، إن نتائجهم «تكشف التركة الحالية والمستقبلية للبيئة بشأن استخدام المياه الجوفية». والبحث جديد في تركيزه على تأثيرات سحب المياه من جوف الأرض على باقي مستجمعات المياه. وحددوا نقطة الخطر، وهي أن يتقلص تدفق الجدول لثلاث شهور منفصلة على الأقل في عامين متتابعين أو حين لا يستطيع فيها تدفق المياه أن يبقي على الحيوانات والنباتات في نظام بيئي حي.
وهذا الحد تم تجاوزه بالفعل فيما يصل إلى 21% من مستجمعات المياه التي ينتشر فيها سحب المياه. والمناطق الواقعة في مشكلات بالفعل مثل تلك التي في الولايات المتحدة والهند تنتمي إلى المناخ الأكثر حرارة الذي يعتمد على المياه الجوفية في الري؛ لأن الأنهار لا توفر ما يكفي من المياه. وفي أميركا، تقع مستجمعات المياه المتضررة في مركز الإنتاج الزراعي للبلاد، وهو من العناصر الرئيسية المتسببة في انخفاض المياه الجوفية.
والدراسة المذكورة أحدث إصدار لمجموعة أبحاث تشير إلى اتصال حيوي بين الأجزاء المتباعدة لأنظمة المياه الجارية. ويجري تجديد مخزون المياه الجوفية عبر فترات طويلة من الوقت. ولدى العلماء حالياً فهم أفضل لإسهام المياه الجوفية في تغذية الأنهار والبحيرات والجداول والمستنقعات.
وقد أوصى مؤلفو الدراسة أن تعرف الدول «عاجلاً» تجاوز حد الأمان الذي يبدأ فيه سحب المياه الجوفية في التأثير على بيئة السطح حتى تستطيع منع تفاقم الأمور. وتأمل «انجي دي جراف»، الأستاذ المساعد في جامعة فرايبورج والمشاركة البارزة في الدراسة، أن يبدأ المسؤولون عن إدارة المياه «في تطوير إدارة أكثر استدامة للمياه أو تقنيات ري مختلفة باستخدام مياه جوفية أقل». وردد الخبراء النتائج التي أفادت بأن التأثيرات البشرية في جانب من مستجمعات المياه قد تؤثر على بقية الأجزاء.
ويرى «يوسيهيد وادا»، القائم بأعمال مدير برنامج المياه في «المعهد الدولي للتحليل التطبيقي للأنظمة»، أن الارتباط بين المياه الجوفية والمياه على سطح الأرض مهم للغاية ويجعل الناس يدركون أن المشكلة عالمية. لكن «آبمانو لال»، مدير مركز مياه كولومبيا في نيويورك، يرى أن إثارة القضية مهم، لكن سياسات المياه الحالية لا تقدم الكثير من الأمل في أن هذا التهديد الجديد ستجري معالجته سريعاً. وأضاف: «حتى في المناطق التي يمثل فيها استنفاد المياه الجوفية تهديداً وجودياً أو اقتصادياً لم تفعل الحكومات الكثير». ولم تعالج الدراسة أثراً جانبياً سلبياً آخر لاستنفاد المياه الجوفية، وهو احتمال هبوط في الأرض وخراب الطرق وأعمدة الطاقة. وفي الحالات المتطرفة، قد يؤدي انهيار التربة فوق بئر مستنفد إلى شقوق قد تسمح بأن يصيب التلوثُ المياه الجوفية ويجعلها معرضة للخطر.
والأسوأ هو أن تقييم معدلات استنفاد المياه الجوفية والتأثيرات على السطح، «متفائلة على الأرجح؛ لأن أصحابها لم يأخذوا في الحسبان الزيادات المتوقعة في الطلب على المياه الجوفية بسبب تزايد السكان أو نمو الاقتصادات الصاعدة في العالم» بحسب قول المؤلفين. وبعبارة أخرى، ربما تكون الأخطار المرتبطة باستنفاد المياه الجوفية أسوأ بكثير مما نعتقد، كما كشفت الأمم المتحدة الشهر الماضي فيما يتعلق بارتفاع حرارة الكوكب.
إيريك روستون
صحفي متخصص في شؤون البيئة والمناخينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»