مع إتمام رحلة أول رائد فضاء إماراتي وأول عربي يهبط على المحطة الفضائية الدولية، هزاع المنصوري، تكون دولة الإمارات العربية المتحدة قد حققت إنجازاً تاريخياً وغير مسبوق على مستوى المنطقة، حيث يمثل هذا الإنجاز حدثاً تاريخياً في تاريخ الدولة والمنطقة، فالنجاح في إرسال أول رائد فضاء إماراتي إلى المحطة الفضائية الدولية وعودته سالماً، يعد علامة فارقة ليس فقط في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، وإنما أيضاً في تاريخ المنطقة والعالم العربي. فالوصول إلى الفضاء ليس أمراً سهلاً، ودونه صعوبات وتحديات كبيرة، ولكن، وكما عودتنا قيادتنا الرشيدة، فإن التصميم والإرادة يمكن أن يحققا المعجزات، وبذلك أصبح حلم المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حقيقة واقعة.
ويمثل استقبال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، رائدي الفضاء الإماراتيين هزاع المنصوري وسلطان النيادي لدى وصولهما مطار الرئاسة عائدَين من روسيا بعد نجاح رحلة المنصوري إلى محطة الفضاء الدولية، مدى تقدير القيادة الرشيدة لأبناء الإمارات الذين يسهمون في رفعة هذا الوطن وبناء مجده بين الأمم، ويحققون أحلام الآباء المؤسسين الذين أرادوا لهذا الوطن منذ تأسيسه أن يكون نموذجاً يحتذى به في كل شيء، ويحقق الإنجازات التي تجعل منه كذلك.
إن إتمام المهمة على النحو الذي كان مخططاً له وعودة المنصوري إلى أرض الوطن سالماً، ينطويان على أهمية كبيرة ليس فقط لأنها حدث تاريخي بامتياز، أو لأنها سبق على مستوى الدولة والمنطقة، ولكن لأن لها دلالات أخرى لا تقل أهمية عن الرمزية التاريخية، ومن بينها: أولاً، أنها أظهرت أن القيادة الرشيدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، قادرة على تحقيق طموحات وتطلعات شعبها، وهي حريصة على الارتقاء بهذا الوطن وجعله في مصاف الدول المتقدمة. ثانياً، مدى التطور الذي حققته الدولة على مستوى تأهيل الكوادر البشرية، فوجود رواد فضاء إماراتيين بهذا المستوى، لم يأتِ من فراغ، وإنما هو حصيلة جهود متراكمة قامت بها الدولة من أجل توفير كل ما يلزم من أجل تمكين أبناء الإمارات من المهارات اللازمة التي تمكنهم من تحقيق إنجازات وطنية وعالمية في الوقت نفسه. وثالثاً، هذا الإنجاز يمثل دافعاً لأبناء الإمارات جميعاً للاجتهاد والعمل من أجل تطوير أنفسهم والارتقاء بوطنهم. رابعاً، يؤكد قدرة الإمارات على المساهمة في حركة التطور في العالم، وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حيث أشاد بالروح العالية والهمة الكبيرة وقوة الإرادة التي ظهر بها المنصوري خلال كل مراحل هذه الرحلة، ما أسهم في نقل صورة طيبة عن الإمارات وشعبها إلى العالم كله، وأكد ريادتها وقوة إرادتها للمشاركة في مسيرة التقدم الإنساني. وخامساً، ستكون له انعكاسات إيجابية على جوانب وقطاعات أخرى في الدولة، فهذا الحدث سيدفع الدولة إلى مواصلة تطوير جهودها والمضي قدماً في طريق بناء مشروع فضائي وطني متكامل وقادر على المنافسة في العالم، وخاصة مع وجود سياسة وطنية متقدمة للفضاء، والسعي الحثيث لتطبيق هذه السياسة، وهذا من شأنه التأثير الإيجابي في بقية القطاعات الاقتصادية والمجالات الحيوية في الدولة، حيث يسهم في تنويع الاقتصاد الوطني، وتشجيع واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، ودعم وتعزيز استكشاف وإدارة الموارد الطبيعية للدولة وخلق فرص عمل ترتكز على مهارات ومعرفة عالية، كما سيعزز هذا القطاع، القدرات الوطنية في مجالات علوم الأرض ومراقبة المناخ والطقس والبيئة والتغير المناخي، وغير ذلك من المكاسب التي تعدّ الإمارات في أمس الحاجة إليها لاستكمال مشروعها التنموي الطموح.
إذاً، نحن أمام حدث تاريخي له دلالات رمزية وتاريخية وانعكاسات عملية، وسيكون له ما بعده، حيث يمثل فاتحة لأبواب أوسع في مجال الفضاء وغيره من مجالات التقدم والتطور والازدهار.