بمناسبة الذكرى 46 لحرب أكتوبر 1973، نشرت صحيفة «يسرائيل هيوم»، في 5 أكتوبر الحالي، حواراً مع ضابط شاب، يحمل رتبة عقيد، ويعمل حالياً بالمخابرات العسكرية (واسمها العبري «أمان»). لم تذكر الصحيفة الاسم الحقيقي للضابط، ورمزت له بحرف الدال كاسم كودي، كما نشرت له صورة من الظهر حماية لشخصيته، غير أنها ذكرت أنه يحمل عدة شهادات عليا في تخصصات علمية مختلفة، منها دراسة القانون من أهم جامعات العالم وهي جامعة هارفارد الأميركية. وتقول الصحيفة: إن هذا العقيد يرأس الآن في المخابرات العسكرية قسماً يسمى «قسم النقد والتقييم والمراجعة»، ومهمته الاطلاع على تقديرات جميع أجهزة المخابرات المتعلقة بمخاطر الحروب، والتهديدات المحتملة للدولة، وإخضاعها للنقد والتدقيق والمراجعة، وتقديم تقديرات عكسية بديلة تذهب في الاتجاه العكسي لهذه التقديرات. وعلى سبيل المثال، إذا تلقت الوحدة تقديراً حول نوايا واستعدادات عدو معين، وكان التقدير يستبعد تعرض إسرائيل لهجوم من هذا العدو، فإن وحدة النقد والتقييم والمراجعة تفحص جميع المعلومات والأسانيد التي اعتمد عليها التقدير، وتقيّم صحة هذه المعلومات أولاً، ثم تقيّم الاستنتاجات التي تم استخلاصها من المعلومات، وبعد ذلك تقوم بإجراء دراسة تستهدف إثبات أن العكس هو الصحيح، وأن إسرائيل ستتعرض لهجوم من ذلك العدو.
وهنا يجب أن نوضح كيف نشأت أصلاً فكرة تأسيس ذلك القسم الهام، والذي لم يكن موجوداً أثناء حرب أكتوبر. لقد أنشئ القسم بعد تلك الحرب بسنة كاملة، وذلك تطبيقاً للدرس الذي استخلصته «لجنة أجرانات»، من تحقيقاتها حول أسباب الفشل المخابراتي الذريع، الذي تعرضت له أجهزة المخابرات الإسرائيلية، وهو فشل تمثل في عدم توقع الهجوم العربي على الجبهتين المصرية والسورية حتى يوم الهجوم ذاته، رغم توفر معلومات غزيرة عن الحشود العسكرية العربية.
لقد استطاع الرئيس السادات، أن يضلل أجهزة المخابرات الإسرائيلية، عن طريق خطة الخداع الاستراتيجي التي قادها بنفسه، فأعماها عن القراءة الصحيحة لدلالات المعلومات المتوفرة عن الحشود ونية الهجوم. من هنا جاءت التوصية من جانب اللجنة التي حققت في أسباب الهزيمة، بإنشاء وحدة للتقديرات العكسية. كانت العقيدة المستقرة آنذاك، لدى القيادات السياسية والعسكرية في إسرائيل، هي أن المخابرات تمثل درع الحماية الأول، وأنها قادرة على التنبؤ بأي نوايا عربية للهجوم، واكتشاف هذا الهجوم المتوقع قبل حصوله على الأقل باثنتين وسبعين ساعة، مما يمنح الجيش الإسرائيلي الفرصة للاستعداد لمواجهة الهجوم، وتوجيه ضربة إجهاضية له قبل حدوثه.
وفي إطار هذه العقيدة، أصدر الجنرال إلياهو زاعيرا، رئيس المخابرات العسكرية، وعداً للحكومة قبل الحرب بشهور، بأنه سيحذّرها مبكراً من أي نوايا لأي هجوم عربي، ما جعل الحكومة في حالة اطمئنان كامل، رغم الحشود العربية على الجبهتين المصرية والسورية. وكما هو معلوم، فشل زاعيرا في الوفاء بوعده، ودفع ثمن هذا الفشل في تقدير الموقف، بفقد منصبه بناءً على توصيات «لجنة أجرانات»، وبعد رحيله أنشئ قسم التقديرات العكسية.
وهنا يجب أن نوضح كيف نشأت أصلاً فكرة تأسيس ذلك القسم الهام، والذي لم يكن موجوداً أثناء حرب أكتوبر. لقد أنشئ القسم بعد تلك الحرب بسنة كاملة، وذلك تطبيقاً للدرس الذي استخلصته «لجنة أجرانات»، من تحقيقاتها حول أسباب الفشل المخابراتي الذريع، الذي تعرضت له أجهزة المخابرات الإسرائيلية، وهو فشل تمثل في عدم توقع الهجوم العربي على الجبهتين المصرية والسورية حتى يوم الهجوم ذاته، رغم توفر معلومات غزيرة عن الحشود العسكرية العربية.
لقد استطاع الرئيس السادات، أن يضلل أجهزة المخابرات الإسرائيلية، عن طريق خطة الخداع الاستراتيجي التي قادها بنفسه، فأعماها عن القراءة الصحيحة لدلالات المعلومات المتوفرة عن الحشود ونية الهجوم. من هنا جاءت التوصية من جانب اللجنة التي حققت في أسباب الهزيمة، بإنشاء وحدة للتقديرات العكسية. كانت العقيدة المستقرة آنذاك، لدى القيادات السياسية والعسكرية في إسرائيل، هي أن المخابرات تمثل درع الحماية الأول، وأنها قادرة على التنبؤ بأي نوايا عربية للهجوم، واكتشاف هذا الهجوم المتوقع قبل حصوله على الأقل باثنتين وسبعين ساعة، مما يمنح الجيش الإسرائيلي الفرصة للاستعداد لمواجهة الهجوم، وتوجيه ضربة إجهاضية له قبل حدوثه.
وفي إطار هذه العقيدة، أصدر الجنرال إلياهو زاعيرا، رئيس المخابرات العسكرية، وعداً للحكومة قبل الحرب بشهور، بأنه سيحذّرها مبكراً من أي نوايا لأي هجوم عربي، ما جعل الحكومة في حالة اطمئنان كامل، رغم الحشود العربية على الجبهتين المصرية والسورية. وكما هو معلوم، فشل زاعيرا في الوفاء بوعده، ودفع ثمن هذا الفشل في تقدير الموقف، بفقد منصبه بناءً على توصيات «لجنة أجرانات»، وبعد رحيله أنشئ قسم التقديرات العكسية.