بحكم تربيتي الأولى كإماراتي، وبحكم تكويني العسكري لاحقاً في كلية سانت هيرست العسكرية، فأنا أعشق المواجهة حتى وإن كان في الهروب طوق نجاتي، كما أحترم كل من يصدح بالحق، هكذا نشأت وترعرعت ككلّ أبناء جيلي نحن الذين كان لنا شرف لقاء الآباء المؤسسين، ومن بينهم بالتأكيد الوالد الراحل الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه.
ما قادني إلى تلك المقدمة متابعتي لكلمة الإمارات في اجتماعات الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي ألقاها سمو الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية والتعاون الدولي، مستخدماً فيها سموه كلمات بالغة الدقة، تعبر عن موقفه بوضوح، حيث قال: (إننا أفراد وحكومات وشعوب نمتلك الخيار، فإما أن نبدأ بعقد جديد ننقذ فيه مستقبل المنطقة والعالم، أو نتركه تحت هيمنة الأفكار المتطرفة الهدّامة وسيطرة الجماعات الإرهابية). تلك بالتأكيد معادلة لا مكان فيها لما يوصف ب «الحلول الوسط»، والقرار الحاسم إما الإصلاح والإعمار، أو ترك الأمور إلى الخراب والدمار.
جاءت الكلمة شاملة ومعبّرة عن موقف الإمارات والنهج الذي رسمته لنفسها وقدمت من خلاله رؤيتها إلى العالم، والتي تشمل العديد من القضايا الإقليمية والدولية، كما رسمت صورة لحقيقة الأوضاع بلا رتوش أو تزييف، وقدمت الأسلوب الأمثل لمعالجتها.
وسأتوقف عند نقطتين في كلمة سمو وزير الخارجية، أولهما: إدانة الأعمال الإرهابية بشكل كامل، ومن بينها تلك التي تستهدف المملكة العربية السعودية الشقيقة واستمرار الاعتداءات على منشآتها المدنية والحيوية وآخرها الاعتداء على منشآت أرامكو. وقد دعى سمو الوزير إلى ضرورة تحكيم العقل، وتأمين الملاحة والطاقة، والبحث عن حلول مستدامة أساسها احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. فالأعمال الإرهابية وبصرف النظر عن جهة مرتكبها وتبعيته، فإنها تزعزع الاستقرار في المنطقة، وتهدد الأمن والسّلم العالميين، وتعصف بمستقبل الأجيال الناشئة.
أما النقطة الثانية فتتعلق بالقضية الفلسطينية التي تمثل حجر الزاوية والأساس لكل مشكلات المنطقة منذ بدايتها، حيث أكد سمو وزير الخارجية أنها ستبقى قضية العرب المركزية، ولا يمكن بالتالي ترسيخ الاستقرار في المنطقة من دون وجود حل عادل شامل ودائم يمكّن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. كما أدان سموه بوضوح الانتهاكات التي تنتهجها سلطة الاحتلال وقواته تجاه الفلسطينيين ومدينة القدس، متهماً تلك القوات بدعم الإرهاب عبر تمكين الجماعات المتطرفة من استغلال معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق، وهذا هو موقف الإمارات الثابت والدائم، والذي لم يتغير على مر الزمان، وتحفظه سجلات التاريخ.
إن كلمات سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، بما حملته من مواقف صلبة ومشرفة أعادتني إلى 46 عاماً، وتحديداً إلى شهر أكتوبر1973 لأستعيد صفحة ناصعة من صفحات تاريخ العرب المجيد، وصورة جلية لإحدى أروع صور التضامن بين الحكام والشعوب من المحيط إلى الخليج، وذلك بدعم جيشي مصر وسوريا في معركة الكرامة التي أذهلت العالم، وعُرف معها معنى أن يستفيق المارد من غفوته: أذكر حينها كيف صارت كلمات الوالد زايد تتصدر عناوين كبريات الصحف، وهو الذي أعلن في تلك الفترة من التاريخ قطع إمدادات البترول عن الدول التي تدعم العدو، وقال مقولته الخالدة: (إن البترول العربي ليس بأغلى من الدم العربي).
كان موقف زايد تعبيراً حقيقياً عن روح التضامن، وهو الموقف ذاته الذي اتخذه الملك فيصل بن عبدالعزيز الذي قال: (عشنا وعاش أجدادنا على التمر واللبن وسنعود إليهما)، هكذا وبكل بساطة عبّر عن موقفه الحازم، ويومها كان قد زاره وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر، وذلك في محاولة لإثنائه عن قراره. وهي القصة التي رواها الوزير الأميركي بنفسه، حيث قال كيسنجر في مذكراته، إنه عندما التقى الملك فيصل بن عبدالعزيز في جدة رآه متجهماً، فأراد أن يستفتح الحديث معه بمداعبة فقال للملك: (إن طائرتي تقف هامدة في المطار بسبب نفاد الوقود، فهل تأمرون جلالتكم بتموينها وأنا مستعد للدفع بالأسعار الحرة؟)، كتب كيسنجر (لم يبتسم الملك، بل رفع رأسه نحوي وردّ قائلاً: وأنا رجل طاعن في السن، وأمنيتي أن أصلي ركعتين في المسجد الأقصى قبل أن أموت فهل تساعدني في تحقيق هذه الأمنية؟).
هؤلاء هم قادتنا، وهؤلاء هم الرجال الذين علمونا قبل أن يسلمونا الراية معاني الرجولة، وكيف تكون المواجهة، فما أشبه اليوم بالبارحة، حيث يذكرنا أبناء زايد دائماً بما يملأ أنفسنا بالفخر، وهو الأمر الذي يجعلني على يقين أنه لن يصح إلا الصحيح، وأن روح ومنطق التسامح والمحبة الذي تنتهجه دولة الإمارات وحرصها على أن تمد يدها بالخير للجميع، سيجعلها تنتصر لا محالة على قوى الشر والظلام وذلك امتثالاً لوعد الحق في كتابه الكريم (فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
ما قادني إلى تلك المقدمة متابعتي لكلمة الإمارات في اجتماعات الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي ألقاها سمو الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية والتعاون الدولي، مستخدماً فيها سموه كلمات بالغة الدقة، تعبر عن موقفه بوضوح، حيث قال: (إننا أفراد وحكومات وشعوب نمتلك الخيار، فإما أن نبدأ بعقد جديد ننقذ فيه مستقبل المنطقة والعالم، أو نتركه تحت هيمنة الأفكار المتطرفة الهدّامة وسيطرة الجماعات الإرهابية). تلك بالتأكيد معادلة لا مكان فيها لما يوصف ب «الحلول الوسط»، والقرار الحاسم إما الإصلاح والإعمار، أو ترك الأمور إلى الخراب والدمار.
جاءت الكلمة شاملة ومعبّرة عن موقف الإمارات والنهج الذي رسمته لنفسها وقدمت من خلاله رؤيتها إلى العالم، والتي تشمل العديد من القضايا الإقليمية والدولية، كما رسمت صورة لحقيقة الأوضاع بلا رتوش أو تزييف، وقدمت الأسلوب الأمثل لمعالجتها.
وسأتوقف عند نقطتين في كلمة سمو وزير الخارجية، أولهما: إدانة الأعمال الإرهابية بشكل كامل، ومن بينها تلك التي تستهدف المملكة العربية السعودية الشقيقة واستمرار الاعتداءات على منشآتها المدنية والحيوية وآخرها الاعتداء على منشآت أرامكو. وقد دعى سمو الوزير إلى ضرورة تحكيم العقل، وتأمين الملاحة والطاقة، والبحث عن حلول مستدامة أساسها احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. فالأعمال الإرهابية وبصرف النظر عن جهة مرتكبها وتبعيته، فإنها تزعزع الاستقرار في المنطقة، وتهدد الأمن والسّلم العالميين، وتعصف بمستقبل الأجيال الناشئة.
أما النقطة الثانية فتتعلق بالقضية الفلسطينية التي تمثل حجر الزاوية والأساس لكل مشكلات المنطقة منذ بدايتها، حيث أكد سمو وزير الخارجية أنها ستبقى قضية العرب المركزية، ولا يمكن بالتالي ترسيخ الاستقرار في المنطقة من دون وجود حل عادل شامل ودائم يمكّن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. كما أدان سموه بوضوح الانتهاكات التي تنتهجها سلطة الاحتلال وقواته تجاه الفلسطينيين ومدينة القدس، متهماً تلك القوات بدعم الإرهاب عبر تمكين الجماعات المتطرفة من استغلال معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق، وهذا هو موقف الإمارات الثابت والدائم، والذي لم يتغير على مر الزمان، وتحفظه سجلات التاريخ.
إن كلمات سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، بما حملته من مواقف صلبة ومشرفة أعادتني إلى 46 عاماً، وتحديداً إلى شهر أكتوبر1973 لأستعيد صفحة ناصعة من صفحات تاريخ العرب المجيد، وصورة جلية لإحدى أروع صور التضامن بين الحكام والشعوب من المحيط إلى الخليج، وذلك بدعم جيشي مصر وسوريا في معركة الكرامة التي أذهلت العالم، وعُرف معها معنى أن يستفيق المارد من غفوته: أذكر حينها كيف صارت كلمات الوالد زايد تتصدر عناوين كبريات الصحف، وهو الذي أعلن في تلك الفترة من التاريخ قطع إمدادات البترول عن الدول التي تدعم العدو، وقال مقولته الخالدة: (إن البترول العربي ليس بأغلى من الدم العربي).
كان موقف زايد تعبيراً حقيقياً عن روح التضامن، وهو الموقف ذاته الذي اتخذه الملك فيصل بن عبدالعزيز الذي قال: (عشنا وعاش أجدادنا على التمر واللبن وسنعود إليهما)، هكذا وبكل بساطة عبّر عن موقفه الحازم، ويومها كان قد زاره وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر، وذلك في محاولة لإثنائه عن قراره. وهي القصة التي رواها الوزير الأميركي بنفسه، حيث قال كيسنجر في مذكراته، إنه عندما التقى الملك فيصل بن عبدالعزيز في جدة رآه متجهماً، فأراد أن يستفتح الحديث معه بمداعبة فقال للملك: (إن طائرتي تقف هامدة في المطار بسبب نفاد الوقود، فهل تأمرون جلالتكم بتموينها وأنا مستعد للدفع بالأسعار الحرة؟)، كتب كيسنجر (لم يبتسم الملك، بل رفع رأسه نحوي وردّ قائلاً: وأنا رجل طاعن في السن، وأمنيتي أن أصلي ركعتين في المسجد الأقصى قبل أن أموت فهل تساعدني في تحقيق هذه الأمنية؟).
هؤلاء هم قادتنا، وهؤلاء هم الرجال الذين علمونا قبل أن يسلمونا الراية معاني الرجولة، وكيف تكون المواجهة، فما أشبه اليوم بالبارحة، حيث يذكرنا أبناء زايد دائماً بما يملأ أنفسنا بالفخر، وهو الأمر الذي يجعلني على يقين أنه لن يصح إلا الصحيح، وأن روح ومنطق التسامح والمحبة الذي تنتهجه دولة الإمارات وحرصها على أن تمد يدها بالخير للجميع، سيجعلها تنتصر لا محالة على قوى الشر والظلام وذلك امتثالاً لوعد الحق في كتابه الكريم (فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).