قرأت مؤخراً في صحيفة عربية مقالة تنتقد مشاركة فلسطينيي 1948 في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية، لأن هذه المشاركة تعزز مقولة أن إسرائيل دولة ديمقراطية، وتنتقد تزكية عشرة من النواب الفلسطينيين زعيم حزب «أزرق-أبيض» لتشكيل الوزارة. وثمة ملاحظات ضرورية لمناقشة هذا الرأي، أبدؤها بالتذكير بأن عشرةً فقط من بين ثلاثة عشر نائباً فلسطينياً هم من زكوه، ما يعني أن المسألة كانت موضع خلاف، وهذا طبيعي، إذ لا أحد من هؤلاء النواب من السذاجة بحيث يتصور أن ثمة فارقاً نوعياً بين نتنياهو وجانتس، خاصة أن زعماء حزب الأخير من القيادات العسكرية وليس جانتس وحده مَن تلطخت يداه بدماء الفلسطينيين، وإنما جاءت التزكية من الرغبة في عقاب نتنياهو على ما ارتكبه بحق الفلسطينيين لحرمانه من رئاسة الوزراء، ولعلها رسالة بأن الفلسطينيين أصبحوا رقماً فاعلاً في المعادلة السياسية الإسرائيلية، ولو في اللحظات الحاسمة، ومع ذلك فلا يمكن القول بأن هكذا خطوة هي موضع اتفاق أو أنها مجدية أصلاً، لذا فمن حق منتقديها أن يرفضوها، وعليه فإني أناقش في بقية المقالة المسألة الأهم في تقديري وهي رفض المشاركة الفلسطينية في الانتخابات أصلاً.
وقبل أن نحكم على السلوك السياسي لفلسطينيي 1948 يجب أن نتذكر أنهم هم الذين صمدوا في وطنهم رغم الأهوال، وتحملوا عنت السياسة الإسرائيلية وعنصريتها لسبعة عقود، وحافظوا على هويتهم على نحو يدعو للاحترام، وناضلوا من أجل حقوقهم في ظل الدولة الصهيونية التي نشأت على أرضهم، وأظهروا الدعم لقضيتهم الكبرى دوماً. ولكى نحكم على مشاركتهم من عدمها في الانتخابات الإسرائيلية ينبغي أن نسأل: وما البديل الذي قدمه لهم الفلسطينيون خارج إسرائيل أو العرب ككل حتى يقاطعوا الانتخابات؟ بعبارة أخرى أنت تقاطع لأن لديك مشروعاً آخر أفضل من العمل في إطار النظام السياسي الإسرائيلي الذي نسلم بعنصريته ووحشيته ضد الفلسطينيين، فأين هو هذا المشروع؟ هل هو الانقسام الفلسطيني الذي عجز الفلسطينيون معه عن العمل ككيان واحد يسعى لاستعادة الحقوق أو على الأقل استعادة الحد الأدنى المعقول منها؟ أم أنه انشغال العرب عن قضيتهم بسبب التحديات الداخلية التي يواجهها عديد من الدول العربية وظهور تهديدات جديدة لأمنهم سواء تمثلت في الإرهاب أو القوى الإقليمية الطامعة؟ الطريف أن الموقفين، الفلسطيني والعربي، يتبنيان رسمياً التسوية السلمية مع إسرائيل، أي أنها وفقاً لهذا النهج باتت حقيقة قائمة في الواقع العربي الفلسطيني، فكيف نلوم الفلسطينيين الذين صمدوا في أرضهم إنْ هم حاولوا تحسين أوضاعهم والحصول على المزيد من الحقوق؟ صحيح أن هناك من يرفض التسوية مع إسرائيل حتى الآن، لكن أصحاب هذا الموقف لم يحققوا أدنى نجاح لنهجهم، فهل نلوم من يتعرض للعسف والتمييز والظلم في حياته اليومية إنْ هو حاول تحسين نوعية حياته بالانخراط في عملية سياسية لا بديل لها حتى الآن؟
لقد حصل الفلسطينيون داخل إسرائيل في الانتخابات الأخيرة على ثلاثة عشر مقعداً، ليصبحوا القوة السياسية الثالثة في إسرائيل، رغم ما هو معروف عن تدني نسبة مشاركة الفلسطينيين في الانتخابات مقارنة بنسبة مشاركة اليهود. ولنتصور أن هذه النسبة قد زادت، ألا يعني هذا فعالية أكبر سواء في الدفاع عن حقوقهم المحلية أو في قضايا السياسة الإسرائيلية عموماً؟ صحيح أن هذه السياسة لن تتورع عن فعل أي شيء للحفاظ على كيانها العنصري، غير أن تزايد القوة السياسية للفلسطينيين في إسرائيل سيزيد من المصاعب أمام السياسة الإسرائيلية، ولنتخيل يوماً تنجح فيه النخبة الفلسطينية في تحقيق وحدتها والشروع في عمل جاد ومؤثر لاستعادة الحقوق.. ألا يمكن أن يؤدى هذا إلى تقوية معسكر السلام في إسرائيل؟ يمكن ساعتها أن يظهر تكتل بين هذا المعسكر وفلسطينيي الداخل قد يؤثر بدرجة أو بأخرى على مجريات الأمور. اتركوا فلسطينيي 1948 الذين لم يتخلوا يوماً عن هويتهم أو نصرة قضيتهم الكبرى، يباشرون تنظيم حياتهم بالطريقة التي يرونها مناسبة، وعلى من يرى في سلوكهم أمراً سلبياً أن يقدم لهم بديلاً مقنعاً.
وقبل أن نحكم على السلوك السياسي لفلسطينيي 1948 يجب أن نتذكر أنهم هم الذين صمدوا في وطنهم رغم الأهوال، وتحملوا عنت السياسة الإسرائيلية وعنصريتها لسبعة عقود، وحافظوا على هويتهم على نحو يدعو للاحترام، وناضلوا من أجل حقوقهم في ظل الدولة الصهيونية التي نشأت على أرضهم، وأظهروا الدعم لقضيتهم الكبرى دوماً. ولكى نحكم على مشاركتهم من عدمها في الانتخابات الإسرائيلية ينبغي أن نسأل: وما البديل الذي قدمه لهم الفلسطينيون خارج إسرائيل أو العرب ككل حتى يقاطعوا الانتخابات؟ بعبارة أخرى أنت تقاطع لأن لديك مشروعاً آخر أفضل من العمل في إطار النظام السياسي الإسرائيلي الذي نسلم بعنصريته ووحشيته ضد الفلسطينيين، فأين هو هذا المشروع؟ هل هو الانقسام الفلسطيني الذي عجز الفلسطينيون معه عن العمل ككيان واحد يسعى لاستعادة الحقوق أو على الأقل استعادة الحد الأدنى المعقول منها؟ أم أنه انشغال العرب عن قضيتهم بسبب التحديات الداخلية التي يواجهها عديد من الدول العربية وظهور تهديدات جديدة لأمنهم سواء تمثلت في الإرهاب أو القوى الإقليمية الطامعة؟ الطريف أن الموقفين، الفلسطيني والعربي، يتبنيان رسمياً التسوية السلمية مع إسرائيل، أي أنها وفقاً لهذا النهج باتت حقيقة قائمة في الواقع العربي الفلسطيني، فكيف نلوم الفلسطينيين الذين صمدوا في أرضهم إنْ هم حاولوا تحسين أوضاعهم والحصول على المزيد من الحقوق؟ صحيح أن هناك من يرفض التسوية مع إسرائيل حتى الآن، لكن أصحاب هذا الموقف لم يحققوا أدنى نجاح لنهجهم، فهل نلوم من يتعرض للعسف والتمييز والظلم في حياته اليومية إنْ هو حاول تحسين نوعية حياته بالانخراط في عملية سياسية لا بديل لها حتى الآن؟
لقد حصل الفلسطينيون داخل إسرائيل في الانتخابات الأخيرة على ثلاثة عشر مقعداً، ليصبحوا القوة السياسية الثالثة في إسرائيل، رغم ما هو معروف عن تدني نسبة مشاركة الفلسطينيين في الانتخابات مقارنة بنسبة مشاركة اليهود. ولنتصور أن هذه النسبة قد زادت، ألا يعني هذا فعالية أكبر سواء في الدفاع عن حقوقهم المحلية أو في قضايا السياسة الإسرائيلية عموماً؟ صحيح أن هذه السياسة لن تتورع عن فعل أي شيء للحفاظ على كيانها العنصري، غير أن تزايد القوة السياسية للفلسطينيين في إسرائيل سيزيد من المصاعب أمام السياسة الإسرائيلية، ولنتخيل يوماً تنجح فيه النخبة الفلسطينية في تحقيق وحدتها والشروع في عمل جاد ومؤثر لاستعادة الحقوق.. ألا يمكن أن يؤدى هذا إلى تقوية معسكر السلام في إسرائيل؟ يمكن ساعتها أن يظهر تكتل بين هذا المعسكر وفلسطينيي الداخل قد يؤثر بدرجة أو بأخرى على مجريات الأمور. اتركوا فلسطينيي 1948 الذين لم يتخلوا يوماً عن هويتهم أو نصرة قضيتهم الكبرى، يباشرون تنظيم حياتهم بالطريقة التي يرونها مناسبة، وعلى من يرى في سلوكهم أمراً سلبياً أن يقدم لهم بديلاً مقنعاً.