مما لا يعرفه الباحثون من أبناء الأجيال الجديدة أن موشيه ديان وزير الدفاع في حكومة جولدا مائير التي تلقت الهزيمة العسكرية في السادس من أكتوبر 1973 على يد الجيوش العربية، كان الوحيد بين أعضاء تلك الحكومة الذي امتلك بعد نظر وحاول مبكراً تفادي وقوع هذه الحرب، وكأنه كان يشعر أن نهايته كوزير للدفاع سيكتبها الانتصار العربي في تلك الحرب.
جاءت محاولة «ديان» في صورة مبادرة عرفت باسمه قدّمها للحكومة قبل الحرب بأكثر من عام، يدعو فيها إلى الانسحاب الجزئي من سيناء وبدء عملية سلام مع مصر لتجنّب الحرب التي رأى مؤشراتها تتجمع في الأفق، غير أن الحكومة رفضت مبادرته. وجاءت المبادرة بعد فترة من توقف حرب الاستنزاف المصرية في أغسطس 1970 عقب قبول مصر لمبادرة روجرز وزير الخارجية الأميركي، وكانت تلك حرباً ضروساً كبّدت إسرائيل خسائر فادحة.
اعتبرت الحكومة برئاسة جولدا مائير أن فترة الهدوء التي أعقبت مبادرة روجرز قد أصبحت نهائية، لذلك أصبحت مطمئنة لعدم وجود خطر يهدد قواتها في سيناء، وبالتالي لم تر أي سبب يدعوها لقبول مبادرة ديان. كانت هذه هي الغلطة التي دفعت جولدا مائير مستقبلَها السياسي ثمناً لها.
ذلك أن الحكومة كانت قد اضطرت تحت الضغط الشعبي في أعقاب حرب أكتوبر 1973 إلى تشكيل لجنة للتحقيق في أسباب التقصير الذي أدى للهزيمة، وكان يرأس اللجنة القاضي أجرانات، رئيس المحكمة العليا، ويشاركه فيها عدد من كبار العسكريين السابقين. استدعت اللجنة عدداً كبيراً من المسؤولين السياسيين والعسكريين بدءاً من رئيسة الوزراء نفسها وحتى صغار القادة الميدانيين في جبهة سيناء، واستمعت إلى شهاداتهم، ثم أصدرت تقريرها المبدئي في أبريل 1974 وانتهت فيه إلى تبرئة القيادة السياسية ممثلةً في جولدا وديان، وألقت بالمسؤولية الكاملة على القيادة العسكرية ممثلةً في رئيس الأركان دافيد إلعازار ورئيس المخابرات العسكرية إلياهو زاعيرا وقائد جبهة سيناء الجنرال شموئيل جونين. لم تقتنع الجماهير الإسرائيلية بهذه النتيجة فانطلقت المظاهرات التي أجبرت جولدا وديان على تقديم استقالتيهما. لم تشفع لديان هالة البطولة العسكرية التي كان قد حصل عليها منذ عام 1967.
كان ديان قد تولى منصب وزير الدفاع قبل أيام قليلة من حرب يونيو 1967، واستطاع تحقيق نصر كبير عندما فاجأ جيوش مصر وسوريا والأردن بتوجيه ضربة الطيران المباغتة لمعظم المطارات في هذه الدول، فهشّم أسلحة الجو واستطاع أن يحرم القوات البرية العربية من أي غطاء جوي، فأصبحت فريسة سهلة للطيران الإسرائيلي بعد ذلك.
وعندما أتأمل مسيرة ديان منذ 1967، ألاحظ أن تفكيره قد تطور تحت الضغط العسكري المصري والعربي من التشدد في ميول التوسع في سيناء، إلى تقديم مبادرته للانسحاب بعد حرب الاستنزاف، إلى المشاركة في صنع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979 عندما أصبح وزيراً للخارجية في حكومة مناحيم بيجين زعيم «ليكود».
وكان ديان قد أطلق مقولة توسعية نصها «شرم الشيخ من دون سلام أفضل لإسرائيل من سلام من دون شرم الشيخ». لقد سحب ديان هذه المقولة بعد انتصار العرب في حرب أكتوبر وأصبح يفضل السلام مع مصر من دون شرم الشيخ.
جاءت محاولة «ديان» في صورة مبادرة عرفت باسمه قدّمها للحكومة قبل الحرب بأكثر من عام، يدعو فيها إلى الانسحاب الجزئي من سيناء وبدء عملية سلام مع مصر لتجنّب الحرب التي رأى مؤشراتها تتجمع في الأفق، غير أن الحكومة رفضت مبادرته. وجاءت المبادرة بعد فترة من توقف حرب الاستنزاف المصرية في أغسطس 1970 عقب قبول مصر لمبادرة روجرز وزير الخارجية الأميركي، وكانت تلك حرباً ضروساً كبّدت إسرائيل خسائر فادحة.
اعتبرت الحكومة برئاسة جولدا مائير أن فترة الهدوء التي أعقبت مبادرة روجرز قد أصبحت نهائية، لذلك أصبحت مطمئنة لعدم وجود خطر يهدد قواتها في سيناء، وبالتالي لم تر أي سبب يدعوها لقبول مبادرة ديان. كانت هذه هي الغلطة التي دفعت جولدا مائير مستقبلَها السياسي ثمناً لها.
ذلك أن الحكومة كانت قد اضطرت تحت الضغط الشعبي في أعقاب حرب أكتوبر 1973 إلى تشكيل لجنة للتحقيق في أسباب التقصير الذي أدى للهزيمة، وكان يرأس اللجنة القاضي أجرانات، رئيس المحكمة العليا، ويشاركه فيها عدد من كبار العسكريين السابقين. استدعت اللجنة عدداً كبيراً من المسؤولين السياسيين والعسكريين بدءاً من رئيسة الوزراء نفسها وحتى صغار القادة الميدانيين في جبهة سيناء، واستمعت إلى شهاداتهم، ثم أصدرت تقريرها المبدئي في أبريل 1974 وانتهت فيه إلى تبرئة القيادة السياسية ممثلةً في جولدا وديان، وألقت بالمسؤولية الكاملة على القيادة العسكرية ممثلةً في رئيس الأركان دافيد إلعازار ورئيس المخابرات العسكرية إلياهو زاعيرا وقائد جبهة سيناء الجنرال شموئيل جونين. لم تقتنع الجماهير الإسرائيلية بهذه النتيجة فانطلقت المظاهرات التي أجبرت جولدا وديان على تقديم استقالتيهما. لم تشفع لديان هالة البطولة العسكرية التي كان قد حصل عليها منذ عام 1967.
كان ديان قد تولى منصب وزير الدفاع قبل أيام قليلة من حرب يونيو 1967، واستطاع تحقيق نصر كبير عندما فاجأ جيوش مصر وسوريا والأردن بتوجيه ضربة الطيران المباغتة لمعظم المطارات في هذه الدول، فهشّم أسلحة الجو واستطاع أن يحرم القوات البرية العربية من أي غطاء جوي، فأصبحت فريسة سهلة للطيران الإسرائيلي بعد ذلك.
وعندما أتأمل مسيرة ديان منذ 1967، ألاحظ أن تفكيره قد تطور تحت الضغط العسكري المصري والعربي من التشدد في ميول التوسع في سيناء، إلى تقديم مبادرته للانسحاب بعد حرب الاستنزاف، إلى المشاركة في صنع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979 عندما أصبح وزيراً للخارجية في حكومة مناحيم بيجين زعيم «ليكود».
وكان ديان قد أطلق مقولة توسعية نصها «شرم الشيخ من دون سلام أفضل لإسرائيل من سلام من دون شرم الشيخ». لقد سحب ديان هذه المقولة بعد انتصار العرب في حرب أكتوبر وأصبح يفضل السلام مع مصر من دون شرم الشيخ.