مع اكتساب مسعى توجيه الاتهام للرئيس الأميركي زخماً إضافياً، أصبح مصير دونالد ترامب في يد مؤسسة واحدة، ليست مجلس الشيوخ الذي يتخذ القرار النهائي حول عزل الرئيس بموجب الدستور، بل شبكة «فوكس نيوز». ومن الطبيعي أن أتشكك في قوة المؤسسات الإعلامية بما فيها «فوكس نيوز»، رغم أنها أكثر القنوات «الإخبارية» مشاهدة في الولايات المتحدة، لاسيما خلال أوقات الذروة. بيد أنه لدى الأميركيين أمور يفضلون القيام بها في المساء بدل الاستماع لنشرات الأخبار.
إلا أن مشاهدي فوكس نيوز أكثر قوة بكثير من وزنهم، لأنهم بؤرة أي تحد أساسي من اليمين المتشدد الذي قد يشن حربه على أي سناتور جمهوري في المجلس. وأعتقد أن ترامب لا يحظى بإعجاب غالبية مجلس الشيوخ، لكنهم يخشونه، وبالتالي يتهاونون معه. والخوف نابع من قبضته القوية على بؤرة مشاهدي فوكس نيوز ومن الاعتقاد بأنه قادر على تحويل هذه البؤرة إلى آلة لسحق أي عضو في مجلس الشيوخ.
وحين تبدأ قبضة ترامب في التراخي، سيبدأ الخوف في التبدد وسيبدأ خط الحماية البرلمانية للرئيس في الانهيار. إنها الطريقة التي أنظر بها للأمور ولعل ترامب يقوم بحساب مشابه، إذ أصبح متضايقاً من فوكس نيوز ويرى بعض أعمالها معاديةً. لقد صادفت أزمة ترامب مرحلة تحول في فوكس نيوز، إذ باع قطب الإعلام الأميركي روبرت ميرودخ جزءاً كبيراً من إمبراطوريته ككل. وجاء موت روجر ايلز، المتهم بالتحرش الجنسي، والذي رسم رؤية شبكة فوكس نيوز، ليفتح المجال لتفكير جديد تحتاجه القناة بشدة، مع الأخذ بالاعتبار أن متوسط أعمار مشاهديها يبلغ 65 عاماً.
وفي غمرة هذا التحول، من المثير أن فوكس نيوز أضافت بول راين، وهو سياسي مخضرم، إلى مجلس إدارتها هذا العام وجعلته مسؤولا عن ترشيح أعضاء مجلس الإدارة مستقبلا. ولدى راين، وهو رئيس مجلس النواب السابق، الكثير من الأسباب ليضمر حقداً كبيراً ضد الرئيس، لذلك فوجوده في هذا الموقع لا يمكن أن يبشر بخير لترامب.
دعنا نتذكر كيف كان حال راين حين وصل ترامب لقيادة الحزب الجمهوري. راين قادم من ويسكونسن وهو من المنادين بالمسؤولية المالية، وكان مرشح الحزب الجمهوري لنائب الرئيس في انتخابات 2012. وحين انتخب رئيساً لمجلس النواب (وعمره 45 عاماً) كان أصغر شخص خلال 150 عاماً الماضية يتولى ثالث أعلى منصب في البلاد. وهناك من يعتقد أن راين كان وجه مستقبل الحزب الجمهوري، لكن بعد أن خدم ترامب لمدة عامين فحسب، أضر عدم مراعاة ترامب لتدقيق الميزانية بمصداقية راين باعتباره متشدداً في المسائل المالية. وفي 2018، رفض راين خوض إعادة الانتخاب. لذا، فلديه رؤية واضحة فيما يتعلق بمصير كل من يتلكأ في تأييد ترامب. ونقل الصحفي جابرييل شيرمان عن مسؤول تنفيذي في فوكس نيوز قوله «بول راين متضايق من ترامب، والآن لديه السلطة لترجمة تضايقه».
وإذا كان لفوكس نيوز أن تنهي قصة تمجيدها لترامب، فهي تحتاج قصةً بديلةً.. فلنراقب طريقة تغطيتها لأخبار نائب الرئيس مايك بنس في الشهور القليلة المقبلة.
إن نجاح عملية اتهام الرئيس بعدم الأهلية بالمنصب سيخلق أزمة، وسيفاقم اغتراب أنصار ترامب ويعزز الانقسام الثقافي. فقد كانت هناك أسباب معقولة دفعت واضعي الدستور الأميركي لجعل الانتخابات أكثر تواتراً ولجعل توجيه الاتهام أكثر صعوبة.
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
إلا أن مشاهدي فوكس نيوز أكثر قوة بكثير من وزنهم، لأنهم بؤرة أي تحد أساسي من اليمين المتشدد الذي قد يشن حربه على أي سناتور جمهوري في المجلس. وأعتقد أن ترامب لا يحظى بإعجاب غالبية مجلس الشيوخ، لكنهم يخشونه، وبالتالي يتهاونون معه. والخوف نابع من قبضته القوية على بؤرة مشاهدي فوكس نيوز ومن الاعتقاد بأنه قادر على تحويل هذه البؤرة إلى آلة لسحق أي عضو في مجلس الشيوخ.
وحين تبدأ قبضة ترامب في التراخي، سيبدأ الخوف في التبدد وسيبدأ خط الحماية البرلمانية للرئيس في الانهيار. إنها الطريقة التي أنظر بها للأمور ولعل ترامب يقوم بحساب مشابه، إذ أصبح متضايقاً من فوكس نيوز ويرى بعض أعمالها معاديةً. لقد صادفت أزمة ترامب مرحلة تحول في فوكس نيوز، إذ باع قطب الإعلام الأميركي روبرت ميرودخ جزءاً كبيراً من إمبراطوريته ككل. وجاء موت روجر ايلز، المتهم بالتحرش الجنسي، والذي رسم رؤية شبكة فوكس نيوز، ليفتح المجال لتفكير جديد تحتاجه القناة بشدة، مع الأخذ بالاعتبار أن متوسط أعمار مشاهديها يبلغ 65 عاماً.
وفي غمرة هذا التحول، من المثير أن فوكس نيوز أضافت بول راين، وهو سياسي مخضرم، إلى مجلس إدارتها هذا العام وجعلته مسؤولا عن ترشيح أعضاء مجلس الإدارة مستقبلا. ولدى راين، وهو رئيس مجلس النواب السابق، الكثير من الأسباب ليضمر حقداً كبيراً ضد الرئيس، لذلك فوجوده في هذا الموقع لا يمكن أن يبشر بخير لترامب.
دعنا نتذكر كيف كان حال راين حين وصل ترامب لقيادة الحزب الجمهوري. راين قادم من ويسكونسن وهو من المنادين بالمسؤولية المالية، وكان مرشح الحزب الجمهوري لنائب الرئيس في انتخابات 2012. وحين انتخب رئيساً لمجلس النواب (وعمره 45 عاماً) كان أصغر شخص خلال 150 عاماً الماضية يتولى ثالث أعلى منصب في البلاد. وهناك من يعتقد أن راين كان وجه مستقبل الحزب الجمهوري، لكن بعد أن خدم ترامب لمدة عامين فحسب، أضر عدم مراعاة ترامب لتدقيق الميزانية بمصداقية راين باعتباره متشدداً في المسائل المالية. وفي 2018، رفض راين خوض إعادة الانتخاب. لذا، فلديه رؤية واضحة فيما يتعلق بمصير كل من يتلكأ في تأييد ترامب. ونقل الصحفي جابرييل شيرمان عن مسؤول تنفيذي في فوكس نيوز قوله «بول راين متضايق من ترامب، والآن لديه السلطة لترجمة تضايقه».
وإذا كان لفوكس نيوز أن تنهي قصة تمجيدها لترامب، فهي تحتاج قصةً بديلةً.. فلنراقب طريقة تغطيتها لأخبار نائب الرئيس مايك بنس في الشهور القليلة المقبلة.
إن نجاح عملية اتهام الرئيس بعدم الأهلية بالمنصب سيخلق أزمة، وسيفاقم اغتراب أنصار ترامب ويعزز الانقسام الثقافي. فقد كانت هناك أسباب معقولة دفعت واضعي الدستور الأميركي لجعل الانتخابات أكثر تواتراً ولجعل توجيه الاتهام أكثر صعوبة.
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»