على مدى ثلاثة عقود، اتبعت الإداراتُ «الجمهورية» و«الديمقراطية» الهدفين نفسيهما في أوكرانيا: مساعدتها على التصدي لتدخلات روسيا، وتقوية ديمقراطيتها. هدفان يرتبطان بمحاربة الفساد الذي يُعد المشكلة الأكبر بالنسبة لأوكرانيا وإحدى الأدوات الرئيسية للتدخلات الخارجية.
لكن في ظرف أشهُر غيّر ترامب ومحاميه رودي جولياني السياسة الأميركية في أوكرانيا لمصلحتهما الشخصية، ما تسبب في اضطراب داخل البيت الأبيض ووزارة الخارجية، وأضعف علاقة ثنائية تُعد أساسية لاحتواء التدخل الروسي في أوروبا.
والواقع أن قصة إكراه ترامب للرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، هي أولاً وقبل كل شيء، قصة سوء استخدام للسلطة سعياً وراء مكاسب انتخابية. لكنها أيضاً مثال واضح لما يصيب الدبلوماسية الأميركية في أماكن مختلفة من العالم.
وكأحد الصحفيين الأميركيين القلائل الذين يتابعون أوكرانيا عن قرب منذ سنوات، أجدُ أن الجزء الأكثر إثارة للحزن في هذه القصة هو رؤية جهاز من المهنيين الدبلوماسيين الأميركيين المتخصصين في أوكرانيا، يُسحق خلال محاولته احتواء تدخل شبيه بالإعصار من قبل جولياني وترامب. والواقع أن شكوى المبلِّغ تُقدّم صورة جزئية فقط عن هذا الوضع السيئ.
ومع أن ترامب لم يكن له رأي إيجابي حيال أوكرانيا، فإن المتاعب بدأت مع جولياني، الذي لديه سجل من العمل مع اللاعبين الأوكرانيين المرتبطين بروسيا. فمع مطلع هذه السنة، بدأ جولياني في تجميع ما يسميه الروس الـ«كومبرومات» وبينهم مدعيان عامان كان يُنظر إليهما من قبل المدافعين عن الإصلاحات داخل أوكرانيا باعتبارهما فاسدين، فزوّداه بقصص ملفقة استهدفت إحداها جو بايدن، بينما حاولت أخرى شيطنة السفير الأميركي في أوكرانيا.
وعندما بدأ جولياني نشر قصصه على ترامب ووسائل الإعلام المحافظة، كان المسؤولون الأميركيون قلقين للغاية. ففي البداية، راح بعضهم يقلل من شأن عمل عمدة نيويورك السابق باعتباره مجرد «عرض جانبي هدفه صرف الانتباه». لكن بحلول أواخر مايو، أدركوا أنه تسبب في ضرر حقيقي. وعندما أبلغ أعضاءُ الوفد الأميركي لتنصيب زيلينسكي في 20 مايو ترامب وعبّروا له عن حماسهم بخصوص الرئيس الجديد، تحدث ترامب طويلاً عن «الفساد الأوكراني» وعن مؤامرة مفترضة تحاك في أوكرانيا للحؤول دون انتخابه. وبعد ذلك رفض برمجة اجتماع مع زيلينسكي.
وبالنسبة للمهنيين المتخصصين في أوكرانيا، كان هذا محبطاً، لأن زيلينسكي - الذي حقق فوزاً ساحقاً ببرنامج انتخابي يركّز على محاربة الفساد، بدا أكثر جدياً للغاية بشأن مواجهة أوليغارشيي البلاد ونظامها القضائي الذي يحتاج لإصلاحات. وكانت إحدى خطواته الأولى مطالبة البرلمان بإقالة يوري لوتسينكو، أحد المدّعين اللذين أمدّا جولياني بمعلومات مؤذية.
ما العمل؟ البعض رأى أن الأفضل إبعاد ترامب عن أوكرانيا، لكن في ما بعد أتت وزارة الخارجية بحل كلاسيكي: تنظيم حوارات. ورأى المسؤولون أنه إذا أمكن إبعاد جولياني عن لوتسينكو، واستطاع ترامب أن يسمع بنفسه مدى التزام زيلينسكي بمحاربة الفساد، فقد يغيّر رأيه. فرتّب كُرت فوكر، وهو دبلوماسي مخضرم كان مبعوث وزارة الخارجية الخاص إلى أوكرانيا، محادثات بين جولياني وأحد مساعدي زيلينسكي. كما دفع فوكر باتجاه مكالمة هاتفية بين ترامب وزيلينسكي. وكانت الفكرة تتمثل في أن يتحدث زيلينسكي حول خطته لـ«تجفيف المستنقع» في كييف، على أن يعرض عليه ترامب زيارة البيت الأبيض.
لكن ترامب لم يكن لديه اهتمام جاد بالفساد الأوكراني، وكان كل هدفه هو الضغط على الأوكرانيين للحصول على المعلومات المضرة ببايدن والديمقراطيين التي قال جولياني إنها لديهم.
والنتيجة كانت مكالمة 25 يوليو الهاتفية، التي أدت إلى شكوى المبلِّغ وقد تؤدي إلى عزل ترامب. والضحية ستكون العلاقة الأميركية الأوكرانية، إضافة للمهنيين الأميركيين.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
لكن في ظرف أشهُر غيّر ترامب ومحاميه رودي جولياني السياسة الأميركية في أوكرانيا لمصلحتهما الشخصية، ما تسبب في اضطراب داخل البيت الأبيض ووزارة الخارجية، وأضعف علاقة ثنائية تُعد أساسية لاحتواء التدخل الروسي في أوروبا.
والواقع أن قصة إكراه ترامب للرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، هي أولاً وقبل كل شيء، قصة سوء استخدام للسلطة سعياً وراء مكاسب انتخابية. لكنها أيضاً مثال واضح لما يصيب الدبلوماسية الأميركية في أماكن مختلفة من العالم.
وكأحد الصحفيين الأميركيين القلائل الذين يتابعون أوكرانيا عن قرب منذ سنوات، أجدُ أن الجزء الأكثر إثارة للحزن في هذه القصة هو رؤية جهاز من المهنيين الدبلوماسيين الأميركيين المتخصصين في أوكرانيا، يُسحق خلال محاولته احتواء تدخل شبيه بالإعصار من قبل جولياني وترامب. والواقع أن شكوى المبلِّغ تُقدّم صورة جزئية فقط عن هذا الوضع السيئ.
ومع أن ترامب لم يكن له رأي إيجابي حيال أوكرانيا، فإن المتاعب بدأت مع جولياني، الذي لديه سجل من العمل مع اللاعبين الأوكرانيين المرتبطين بروسيا. فمع مطلع هذه السنة، بدأ جولياني في تجميع ما يسميه الروس الـ«كومبرومات» وبينهم مدعيان عامان كان يُنظر إليهما من قبل المدافعين عن الإصلاحات داخل أوكرانيا باعتبارهما فاسدين، فزوّداه بقصص ملفقة استهدفت إحداها جو بايدن، بينما حاولت أخرى شيطنة السفير الأميركي في أوكرانيا.
وعندما بدأ جولياني نشر قصصه على ترامب ووسائل الإعلام المحافظة، كان المسؤولون الأميركيون قلقين للغاية. ففي البداية، راح بعضهم يقلل من شأن عمل عمدة نيويورك السابق باعتباره مجرد «عرض جانبي هدفه صرف الانتباه». لكن بحلول أواخر مايو، أدركوا أنه تسبب في ضرر حقيقي. وعندما أبلغ أعضاءُ الوفد الأميركي لتنصيب زيلينسكي في 20 مايو ترامب وعبّروا له عن حماسهم بخصوص الرئيس الجديد، تحدث ترامب طويلاً عن «الفساد الأوكراني» وعن مؤامرة مفترضة تحاك في أوكرانيا للحؤول دون انتخابه. وبعد ذلك رفض برمجة اجتماع مع زيلينسكي.
وبالنسبة للمهنيين المتخصصين في أوكرانيا، كان هذا محبطاً، لأن زيلينسكي - الذي حقق فوزاً ساحقاً ببرنامج انتخابي يركّز على محاربة الفساد، بدا أكثر جدياً للغاية بشأن مواجهة أوليغارشيي البلاد ونظامها القضائي الذي يحتاج لإصلاحات. وكانت إحدى خطواته الأولى مطالبة البرلمان بإقالة يوري لوتسينكو، أحد المدّعين اللذين أمدّا جولياني بمعلومات مؤذية.
ما العمل؟ البعض رأى أن الأفضل إبعاد ترامب عن أوكرانيا، لكن في ما بعد أتت وزارة الخارجية بحل كلاسيكي: تنظيم حوارات. ورأى المسؤولون أنه إذا أمكن إبعاد جولياني عن لوتسينكو، واستطاع ترامب أن يسمع بنفسه مدى التزام زيلينسكي بمحاربة الفساد، فقد يغيّر رأيه. فرتّب كُرت فوكر، وهو دبلوماسي مخضرم كان مبعوث وزارة الخارجية الخاص إلى أوكرانيا، محادثات بين جولياني وأحد مساعدي زيلينسكي. كما دفع فوكر باتجاه مكالمة هاتفية بين ترامب وزيلينسكي. وكانت الفكرة تتمثل في أن يتحدث زيلينسكي حول خطته لـ«تجفيف المستنقع» في كييف، على أن يعرض عليه ترامب زيارة البيت الأبيض.
لكن ترامب لم يكن لديه اهتمام جاد بالفساد الأوكراني، وكان كل هدفه هو الضغط على الأوكرانيين للحصول على المعلومات المضرة ببايدن والديمقراطيين التي قال جولياني إنها لديهم.
والنتيجة كانت مكالمة 25 يوليو الهاتفية، التي أدت إلى شكوى المبلِّغ وقد تؤدي إلى عزل ترامب. والضحية ستكون العلاقة الأميركية الأوكرانية، إضافة للمهنيين الأميركيين.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»