هجوم السبت على «بقيق»، التي تحتضن واحدة من أهم منشآت معالجة النفط في السعودية، يهدد بتصعيد التوتر بشكل كبير في الخليج العربي. وإذا كان السعوديون لم يوجهوا اللوم لأي جهة حتى الآن، فإنهم من المحتمل أن يفعلوا ذلك قريباً – ويتصرفوا تبعاً لذلك. وفي الأثناء، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ما يشتبه فيه معظم المراقبين: أن الإيرانيين ربما لم ينظموا الهجمات بشكل مباشر، ولكنهم من شبه المؤكد أنهم يقفون وراءها.
وإن صح ذلك، فإن إيران تواصل ردها على حملة «الضغط الأقصى» التي تتبعها الإدارة الحالية بنسختها الخاصة من الضغط الأقصى. فلطالما أعلن الإيرانيون أنهم إذا لم يستطيعوا تصدير النفط، فإن الآخرين لن يستطيعوا تصديره أيضاً. وفي مايو الماضي، وبعد أسابيع فقط على قرار الرئيس دونالد ترامب زيادة العقوبات الموجودة بهدف تقليص صادرات طهران النفطية إلى الصفر، بدأ الإيرانيون هجومهم الذي ينكرونه عادة على إمدادات النفط المصدَّرة من المنطقة، فهاجموا ناقلات نفط واستخدموا وكلاء لهم في اليمن والعراق لمهاجمة المنشآت النفطية السعودية.
استخدام الوكلاء وإنكار المسؤولية عن مثل هذه الهجمات هو الطريقة الإيرانية لتقليص مخاطر مثل هذه الأعمال. والرد الأميركي، حتى الآن، أقنع المرشد علي خامنئي بأن مخاطر ما يفعله «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري مقدور عليها، ويمكن السيطرة عليها. وعلى كل حال، فعندما أعلن ترامب أننا لا نحصل على نفطنا من الخليج العربي، حتى يتحمّل آخرون المسؤولية الرئيسية عن الإبقاء على مضيق هرمز مفتوحاً، فإنه خالف سياسة كل رئيس أميركي منذ جيمي كارتر – الذي أعلن الخليج العربي مصلحة أمن قومي حيوية بالنسبة للولايات المتحدة في يناير 1980.
وقد نكون على شفا أول أزمة سياسة خارجية لإدارة ترامب، حيث سيواجه ترامب مأزقاً حقيقياً: ذلك أنه لن يرغب في ارتفاع أسعار النفط، ولن يرغب في التورط في حرب مع إيران. وهناك عدد من الخطوات التي عليه أن يتخذها:
أولاً: من الجيد أن ترامب مستعد للجوء إلى المخزون النفطي الاستراتيجي. ولكن الإفراج عنه ينبغي أن يكون مهماً، على الأقل 100 مليون برميل، ليس فقط تجنباً لارتفاع الأسعار، ولكن أيضاً حتى نُظهر للإيرانيين أننا نستطيع منعهم من الضغط على المجتمع الدولي بشكل فوري، بخصوص إمدادات النفط.
ثانياً: يجب على وزير الخارجية الأميركي أن يعمل فوراً من أجل دفع الأوروبيين إلى إعلان أنه ليس لديهم خيار آخر غير إعادة فرض العقوبات على إيران في حال وقوع مزيد من هذه الهجمات. فحتى الآن، الخوف الأوروبي من التصعيد والحرب – والارتياب في ما قد نفعله – هو الذي حال دون قيامهم بتحميل الإيرانيين مسؤولية الهجمات السابقة على الناقلات. غير أنه في هذه المرة يبدو بومبيو في موقف يسمح له بأن يقول، على نحو ذي مصداقية، إن عدم فعل أي شيء سيجعل الحرب حتمية ولا مفر منها.
ثالثاً: ينبغي على ترامب أن يتصل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويطلب منه نقل رسالة إلى خامنئي مفادها أنه إذا لم تتوقف الهجمات، فإننا سنتخذ خطوات عسكرية لوقفها. بوتين يرغب في أن ينظر إليه كحكم للأحداث في المنطقة، ولا يرغب في أن تبدو القوة الأميركية حاسمة من جديد. والمرشد الأعلى لن يتجاهل ما سينقله إليه بوتين في إطار جهودنا الرامية لنظهر لخامنئي أن سياسة الحرس الثوري الشرسة باتت أخطر من أن يتم التسامح معها.
رابعاً: لأن السعودية قد تشعر بأنه يجب عليها أن ترد من أجل حماية أراضيها وتُظهر أن إيران لا يمكنها أن تدبّر هذه الهجمات وتفلت من العقاب، فيجب على الإدارة الأميركية الآن أن تقدّم وسائل إضافية قادرة على التصدي لمثل هذه الهجمات. وإضافة إلى ذلك، إذا كانت الإدارة لا تريد أن يرد السعوديون عسكرياً، فسيتعين عليها أن تُظهر أننا نستطيع التأثير على سلوك إيران. وسيتعين علينا مع ذلك أن نُظهر أننا نستطيع وقف الهجمات الإيرانية، أو على الأقل توفير حماية ضد هجمات الطائرات المسيّرة.
وأخيراً، من الأساسي أن يخشى الإيرانيون عواقب أفعالهم الآن، والمشكلة أن ضغطنا الأقصى يضع طهران في الزاوية اقتصادياً ولكن ليس سياسياً أو عسكرياً. والمرشد الأعلى لا يعتقد أن ثمة الكثير الذي يمكن أن تخسره بلاده إذا لم تكن الولايات المتحدة مستعدة لرفع العقوبات عن إيران – أو تنفّذ فعلياً ضربات عسكرية ضدها.
إن إحداث توازن بين التهديدات وعرض مخرج على الإيرانيين هو التحدي الذي أمام الإدارة الحالية الآن. إحدى الإمكانيات تتمثل في أن تقترح الإدارة الحالية على الفرنسيين استضافة اجتماع لأطراف الاتفاق النووي الإيراني – أعضاء مجلس الأمن الدولي الخمسة الدائمين إضافة إلى ألمانيا والإيرانيين – بهدف مناقشة البرنامج النووي الإيراني والمخاطر الإقليمية. صحيح أن ثمة خطراً أن تصبح الولايات المتحدة تحت الضغط للانضمام إلى الاتفاق النووي من جديد أو إسقاط العقوبات، ولكن ينبغي على الإيرانيين والمشاركين الآخرين أن يعلموا أيضاً أنه إذا فشل ذلك، فإن النتيجة قد تكون تصعيداً خطيراً. وبغض النظر عن ذلك، إذا أراد ترامب تجنب أزمة قد تخرج عن السيطرة بسرعة، فسيتعين عليه أن يتحرك بسرعة.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلوميبرج نيوز سيرفس»
وإن صح ذلك، فإن إيران تواصل ردها على حملة «الضغط الأقصى» التي تتبعها الإدارة الحالية بنسختها الخاصة من الضغط الأقصى. فلطالما أعلن الإيرانيون أنهم إذا لم يستطيعوا تصدير النفط، فإن الآخرين لن يستطيعوا تصديره أيضاً. وفي مايو الماضي، وبعد أسابيع فقط على قرار الرئيس دونالد ترامب زيادة العقوبات الموجودة بهدف تقليص صادرات طهران النفطية إلى الصفر، بدأ الإيرانيون هجومهم الذي ينكرونه عادة على إمدادات النفط المصدَّرة من المنطقة، فهاجموا ناقلات نفط واستخدموا وكلاء لهم في اليمن والعراق لمهاجمة المنشآت النفطية السعودية.
استخدام الوكلاء وإنكار المسؤولية عن مثل هذه الهجمات هو الطريقة الإيرانية لتقليص مخاطر مثل هذه الأعمال. والرد الأميركي، حتى الآن، أقنع المرشد علي خامنئي بأن مخاطر ما يفعله «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري مقدور عليها، ويمكن السيطرة عليها. وعلى كل حال، فعندما أعلن ترامب أننا لا نحصل على نفطنا من الخليج العربي، حتى يتحمّل آخرون المسؤولية الرئيسية عن الإبقاء على مضيق هرمز مفتوحاً، فإنه خالف سياسة كل رئيس أميركي منذ جيمي كارتر – الذي أعلن الخليج العربي مصلحة أمن قومي حيوية بالنسبة للولايات المتحدة في يناير 1980.
وقد نكون على شفا أول أزمة سياسة خارجية لإدارة ترامب، حيث سيواجه ترامب مأزقاً حقيقياً: ذلك أنه لن يرغب في ارتفاع أسعار النفط، ولن يرغب في التورط في حرب مع إيران. وهناك عدد من الخطوات التي عليه أن يتخذها:
أولاً: من الجيد أن ترامب مستعد للجوء إلى المخزون النفطي الاستراتيجي. ولكن الإفراج عنه ينبغي أن يكون مهماً، على الأقل 100 مليون برميل، ليس فقط تجنباً لارتفاع الأسعار، ولكن أيضاً حتى نُظهر للإيرانيين أننا نستطيع منعهم من الضغط على المجتمع الدولي بشكل فوري، بخصوص إمدادات النفط.
ثانياً: يجب على وزير الخارجية الأميركي أن يعمل فوراً من أجل دفع الأوروبيين إلى إعلان أنه ليس لديهم خيار آخر غير إعادة فرض العقوبات على إيران في حال وقوع مزيد من هذه الهجمات. فحتى الآن، الخوف الأوروبي من التصعيد والحرب – والارتياب في ما قد نفعله – هو الذي حال دون قيامهم بتحميل الإيرانيين مسؤولية الهجمات السابقة على الناقلات. غير أنه في هذه المرة يبدو بومبيو في موقف يسمح له بأن يقول، على نحو ذي مصداقية، إن عدم فعل أي شيء سيجعل الحرب حتمية ولا مفر منها.
ثالثاً: ينبغي على ترامب أن يتصل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويطلب منه نقل رسالة إلى خامنئي مفادها أنه إذا لم تتوقف الهجمات، فإننا سنتخذ خطوات عسكرية لوقفها. بوتين يرغب في أن ينظر إليه كحكم للأحداث في المنطقة، ولا يرغب في أن تبدو القوة الأميركية حاسمة من جديد. والمرشد الأعلى لن يتجاهل ما سينقله إليه بوتين في إطار جهودنا الرامية لنظهر لخامنئي أن سياسة الحرس الثوري الشرسة باتت أخطر من أن يتم التسامح معها.
رابعاً: لأن السعودية قد تشعر بأنه يجب عليها أن ترد من أجل حماية أراضيها وتُظهر أن إيران لا يمكنها أن تدبّر هذه الهجمات وتفلت من العقاب، فيجب على الإدارة الأميركية الآن أن تقدّم وسائل إضافية قادرة على التصدي لمثل هذه الهجمات. وإضافة إلى ذلك، إذا كانت الإدارة لا تريد أن يرد السعوديون عسكرياً، فسيتعين عليها أن تُظهر أننا نستطيع التأثير على سلوك إيران. وسيتعين علينا مع ذلك أن نُظهر أننا نستطيع وقف الهجمات الإيرانية، أو على الأقل توفير حماية ضد هجمات الطائرات المسيّرة.
وأخيراً، من الأساسي أن يخشى الإيرانيون عواقب أفعالهم الآن، والمشكلة أن ضغطنا الأقصى يضع طهران في الزاوية اقتصادياً ولكن ليس سياسياً أو عسكرياً. والمرشد الأعلى لا يعتقد أن ثمة الكثير الذي يمكن أن تخسره بلاده إذا لم تكن الولايات المتحدة مستعدة لرفع العقوبات عن إيران – أو تنفّذ فعلياً ضربات عسكرية ضدها.
إن إحداث توازن بين التهديدات وعرض مخرج على الإيرانيين هو التحدي الذي أمام الإدارة الحالية الآن. إحدى الإمكانيات تتمثل في أن تقترح الإدارة الحالية على الفرنسيين استضافة اجتماع لأطراف الاتفاق النووي الإيراني – أعضاء مجلس الأمن الدولي الخمسة الدائمين إضافة إلى ألمانيا والإيرانيين – بهدف مناقشة البرنامج النووي الإيراني والمخاطر الإقليمية. صحيح أن ثمة خطراً أن تصبح الولايات المتحدة تحت الضغط للانضمام إلى الاتفاق النووي من جديد أو إسقاط العقوبات، ولكن ينبغي على الإيرانيين والمشاركين الآخرين أن يعلموا أيضاً أنه إذا فشل ذلك، فإن النتيجة قد تكون تصعيداً خطيراً. وبغض النظر عن ذلك، إذا أراد ترامب تجنب أزمة قد تخرج عن السيطرة بسرعة، فسيتعين عليه أن يتحرك بسرعة.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلوميبرج نيوز سيرفس»