كانت كاليفورنيا رائدة في جهود تنظيف هوائنا منذ أن كان رونالد ريجان حاكماً للولاية. ولكن لسبب ما، تبدو إدارة ترامب مصممة اليوم على إلغاء عقود من التاريخ والتقدم.
والحق أنني لا أستطيع أن أجزم ما إن كان الأمر يتعلق بخطوة سياسوية، أم بقصر نظر، أم بمجرد غيرة وحسد. ولكنني أستطيع أن أجزم بأنه خطأ، وعمل غير أميركي، وإساءة للمبادئ المحافظة العريقة.
ولفهم أسباب غضبي، بشأن خطوة الإدارة الرامية لإلغاء «الإعفاء» الذي تتمتع به كاليفورنيا بشأن تقنين انبعاثات السيارات، يجب أن نعود إلى التاريخ. ففي 1967، أنشأ ريجان «مجلس الموارد الهوائية في كاليفورنيا» من أجل محاربة التلوث. مجلس لم يعيّن على رأسه سياسياً أو شخصية من المجموعات الضاغطة، وإنما عالم هو آري جان هاجن سميت، الذي كان من رواد الباحثين في أسباب تلوث الهواء وتأثيراته. ومنح «قانونُ الهواء النظيف» لعام 1970، الذي وقّعه «جمهوري» آخر من كاليفورنيا هو الرئيس ريتشارد نيكسون، كاليفورنيا صلاحيات لتقنين تلوث الهواء - ومنذ ذلك العهد، لدينا «إعفاء» من الحكومة الفيدرالية لتحديد الحدود المسموح بها لتلوث السيارات.
وتاريخياً، كان ذلك ناجحاً. فقد كنا نحدد معاييرنا بأنفسنا، وكانت الحكومة الفيدرالية لا تحترم صلاحياتنا فحسب، وإنما كانت تجعل من قواعدنا عموماً المعيارَ بالنسبة لكل البلاد. والحق أنه خلال الفترة التي كنتُ فيها حاكماً للولاية، كانت لدينا بعض الصعوبات مع مسؤولي إدارة جورج دبليو. بوش، حيث كانوا يقولون لنا إن غازات الاحتباس الحراري ليست ملوثات، ولكننا فزنا في المحكمة العليا. وبعد ذلك لم يوافقوا على «الإعفاء» الذي لدينا بخصوص الهواء النظيف، ولكن ذلك انتهى عندما وصل الرئيس باراك أوباما إلى المنصب وجعل من نسخة وسطى من المعيار المتبع في ولايتنا بمثابة المعيار الوطني.
والواقع أن تهديد إدارة ترامب بإلغاء «الإعفاء» الخاص بنا أكثر تطرفاً. وكونه صدر عن بيت أبيض «جمهوري» ينم عن نفاق صريح واضح في الحقيقة.
فكم مرة سمعتم «محافظين» يتغنون بحقوق الولايات؟ ولكن فجأة، عندما ترغب ولاية ما في تقليص تلوثها وحماية مواطنيها من التلوث القاتل، يتنكر «المحافظون» لحقوق الولايات. كان نيكسون وريجان يفهمان أهمية حق كاليفورنيا في هواء نظيف، ولكن بعض من يسمون أنفسهم «جمهوريين» اليوم يبدو أنهم لا يؤمنون بحقوق الولايات إلا عندما يكون ذلك منسجماً مع مصالحهم، أو عندما كانت الولاية تصوّت لحزبهم، أو عندما تقوم الولاية بشيء غبي حقاً.
وكم مرة سمعتم «جمهوريين» يتحدثون عن الأمن والسلامة العامة؟ عندما يهاجَم أميركيون أو تنهار جسور، نطالب بتحرك. والحال أننا نعلم أن التلوث يتسبب في أمراض ويقتل مئات الآلاف، بل إن وكالة حماية البيئة الأميركية التابعة للإدارة الأميركية نفسها تقول إن خفض معيار انبعاثات السيارات سيقتل أشخاصاً أكثر. ولكن فجأة تصبح السلامة العامة غير مهمة كثيراً!
وعليه، فلماذا تتم مناقشة إلغاء «الإعفاء» الذي تتمتع به كاليفورنيا؟
أنا واثق بأن وكالة حماية البيئة الأميركية والبيت الأبيض سيستمران في القول إن قرار هذه السياسة الغبية إنما يتعلق بوقف القوانين والتنظيمات التي «تعرقل الاقتصاد». ولكنهم ينبغي أن يأتوا إلى كاليفورنيا. فالعام الماضي، نما الاقتصاد الأميركي بـ2.9 في المئة. أما اقتصاد كاليفورنيا، بقوانينه المعسرة على ما يفترض، فقد نما بـ3.5 في المئة. لقد تجاوزنا النمو الاقتصادي للبلاد رغم عملنا على حماية مواطنينا!
إن نجاحنا مبني على الثبات والانسجام في الموقف. فمنذ ريجان، واصل كل الحكام الذين تعاقبوا على ولاية كاليفورنيا مهمة الانتقال نحو مستقبل طاقة نظيف. ثم إننا لا نلعب ألاعيب واشنطن، حيث تغير كل إدارة أميركية مسار الولايات المتحدة، وترغم الشركات على التخمين بشأن الوجهة التي نحن متجهون إليها.
وهذا سبب رئيسي يفسر لماذا تأتي قرابة نصف رؤوس الأموال الاستثمارية في الولايات المتحدة إلى كاليفورنيا. فالشركات لا تفكر في رؤوس أقلام لحملتها الانتخابية المقبلة، بل تخطط لخمس سنوات، وعشر سنوات، وعشرين سنة. فالشركات يجب أن تكون لها رؤية طويلة المدى من أجل النجاح.
إن السياسات الرجعية، مثل خطوة إلغاء إعفاء الطاقة النظيفة، تخلق حالة عدم اليقين. فهذه الشركات تخطّط وتعمل نحو هدف سيارات أنظف منذ عقد من الزمن. وهي لم تطلب تفكير إدارة ترامب الرجعي، وتعلم أنه لن يفيدها.
ومديرو الشركات – وسكان كاليفورنيا – يعرفون أن المرء لا يستطيع شطب عقود من التاريخ والتقدم فقط من خلال جرة قلم. وقد حان الوقت لكي تستوعب الإدارة هذا الدرس. وكاليفورنيا ستقاوم هذا القرار بكل ما أوتيت من قوة. وأعدكم أننا سننتصر.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
والحق أنني لا أستطيع أن أجزم ما إن كان الأمر يتعلق بخطوة سياسوية، أم بقصر نظر، أم بمجرد غيرة وحسد. ولكنني أستطيع أن أجزم بأنه خطأ، وعمل غير أميركي، وإساءة للمبادئ المحافظة العريقة.
ولفهم أسباب غضبي، بشأن خطوة الإدارة الرامية لإلغاء «الإعفاء» الذي تتمتع به كاليفورنيا بشأن تقنين انبعاثات السيارات، يجب أن نعود إلى التاريخ. ففي 1967، أنشأ ريجان «مجلس الموارد الهوائية في كاليفورنيا» من أجل محاربة التلوث. مجلس لم يعيّن على رأسه سياسياً أو شخصية من المجموعات الضاغطة، وإنما عالم هو آري جان هاجن سميت، الذي كان من رواد الباحثين في أسباب تلوث الهواء وتأثيراته. ومنح «قانونُ الهواء النظيف» لعام 1970، الذي وقّعه «جمهوري» آخر من كاليفورنيا هو الرئيس ريتشارد نيكسون، كاليفورنيا صلاحيات لتقنين تلوث الهواء - ومنذ ذلك العهد، لدينا «إعفاء» من الحكومة الفيدرالية لتحديد الحدود المسموح بها لتلوث السيارات.
وتاريخياً، كان ذلك ناجحاً. فقد كنا نحدد معاييرنا بأنفسنا، وكانت الحكومة الفيدرالية لا تحترم صلاحياتنا فحسب، وإنما كانت تجعل من قواعدنا عموماً المعيارَ بالنسبة لكل البلاد. والحق أنه خلال الفترة التي كنتُ فيها حاكماً للولاية، كانت لدينا بعض الصعوبات مع مسؤولي إدارة جورج دبليو. بوش، حيث كانوا يقولون لنا إن غازات الاحتباس الحراري ليست ملوثات، ولكننا فزنا في المحكمة العليا. وبعد ذلك لم يوافقوا على «الإعفاء» الذي لدينا بخصوص الهواء النظيف، ولكن ذلك انتهى عندما وصل الرئيس باراك أوباما إلى المنصب وجعل من نسخة وسطى من المعيار المتبع في ولايتنا بمثابة المعيار الوطني.
والواقع أن تهديد إدارة ترامب بإلغاء «الإعفاء» الخاص بنا أكثر تطرفاً. وكونه صدر عن بيت أبيض «جمهوري» ينم عن نفاق صريح واضح في الحقيقة.
فكم مرة سمعتم «محافظين» يتغنون بحقوق الولايات؟ ولكن فجأة، عندما ترغب ولاية ما في تقليص تلوثها وحماية مواطنيها من التلوث القاتل، يتنكر «المحافظون» لحقوق الولايات. كان نيكسون وريجان يفهمان أهمية حق كاليفورنيا في هواء نظيف، ولكن بعض من يسمون أنفسهم «جمهوريين» اليوم يبدو أنهم لا يؤمنون بحقوق الولايات إلا عندما يكون ذلك منسجماً مع مصالحهم، أو عندما كانت الولاية تصوّت لحزبهم، أو عندما تقوم الولاية بشيء غبي حقاً.
وكم مرة سمعتم «جمهوريين» يتحدثون عن الأمن والسلامة العامة؟ عندما يهاجَم أميركيون أو تنهار جسور، نطالب بتحرك. والحال أننا نعلم أن التلوث يتسبب في أمراض ويقتل مئات الآلاف، بل إن وكالة حماية البيئة الأميركية التابعة للإدارة الأميركية نفسها تقول إن خفض معيار انبعاثات السيارات سيقتل أشخاصاً أكثر. ولكن فجأة تصبح السلامة العامة غير مهمة كثيراً!
وعليه، فلماذا تتم مناقشة إلغاء «الإعفاء» الذي تتمتع به كاليفورنيا؟
أنا واثق بأن وكالة حماية البيئة الأميركية والبيت الأبيض سيستمران في القول إن قرار هذه السياسة الغبية إنما يتعلق بوقف القوانين والتنظيمات التي «تعرقل الاقتصاد». ولكنهم ينبغي أن يأتوا إلى كاليفورنيا. فالعام الماضي، نما الاقتصاد الأميركي بـ2.9 في المئة. أما اقتصاد كاليفورنيا، بقوانينه المعسرة على ما يفترض، فقد نما بـ3.5 في المئة. لقد تجاوزنا النمو الاقتصادي للبلاد رغم عملنا على حماية مواطنينا!
إن نجاحنا مبني على الثبات والانسجام في الموقف. فمنذ ريجان، واصل كل الحكام الذين تعاقبوا على ولاية كاليفورنيا مهمة الانتقال نحو مستقبل طاقة نظيف. ثم إننا لا نلعب ألاعيب واشنطن، حيث تغير كل إدارة أميركية مسار الولايات المتحدة، وترغم الشركات على التخمين بشأن الوجهة التي نحن متجهون إليها.
وهذا سبب رئيسي يفسر لماذا تأتي قرابة نصف رؤوس الأموال الاستثمارية في الولايات المتحدة إلى كاليفورنيا. فالشركات لا تفكر في رؤوس أقلام لحملتها الانتخابية المقبلة، بل تخطط لخمس سنوات، وعشر سنوات، وعشرين سنة. فالشركات يجب أن تكون لها رؤية طويلة المدى من أجل النجاح.
إن السياسات الرجعية، مثل خطوة إلغاء إعفاء الطاقة النظيفة، تخلق حالة عدم اليقين. فهذه الشركات تخطّط وتعمل نحو هدف سيارات أنظف منذ عقد من الزمن. وهي لم تطلب تفكير إدارة ترامب الرجعي، وتعلم أنه لن يفيدها.
ومديرو الشركات – وسكان كاليفورنيا – يعرفون أن المرء لا يستطيع شطب عقود من التاريخ والتقدم فقط من خلال جرة قلم. وقد حان الوقت لكي تستوعب الإدارة هذا الدرس. وكاليفورنيا ستقاوم هذا القرار بكل ما أوتيت من قوة. وأعدكم أننا سننتصر.
آرنولد شوارتزينيجر
الحاكم السابق لولاية كاليفورنياينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»