بعيداً عن قضية وحدة اليمن، وهل هو يمنان أم يمن واحد، لابد أن نسأل سؤالاً يكون نقطة نظام لمشكلة الحرب اليمنية في وضعها الراهن، والخلاف الذي ثار مؤخراً بين المجلس الانتقالي وحكومة الرئيس هادي منصور، عسى أن نلمح مدخلاً إلى حل الأزمة بأقل الخسائر. السؤال الأهم هو: هل بإمكان الشرعية اليمنية بوضعها الحالي ورجالها الحاليين أن تحسم المعركة وتنتصر على الحوثي وتدحر المشروع الإيراني في اليمن؟ هذا هو سؤال المربع الأول الذي سننطلق منه لرؤية الأشياء كما هي.
والذي أعتقده أن الشرعية أثبتت بكل وضوح عجزها عن تحقيق هذه الغاية، بل عن تحقيق ما هو أسهل منها، ألا هو حماية نفسها. ولو بقي المشهد السياسي اليمني كما هو، فلنا أن نتوقع قضية كقضية فلسطين، وسبعين سنة قادمة بلا حل لأزمة صنعاء المختطفة من قبل الحوثي، وإنها لخسارة كبرى ومنهكة جداً على كافة الأصعدة.
الصدام الذي حدث في عدن، رغم أنه جاء في توقيت سيء، فإنه لم يكن شرّاً مطلقاً، فقد كشف عن هشاشة «الشرعية» التي لم تستطع حتى حماية قصر معاشيق الرئاسي في عدن، لذا كان منطقياً أن نخلص إلى أن هذه الشرعية لديها مشكلات بنيوية وأنه أصبح من الضروري تمحيصها.
هناك اتهامات جادة لهذه الشرعية بأنها معارضة فنادق، وبأن رجالها صاروا تجار حرب لا يُريدون للصراع أن ينتهي، بل يريدون أن يبقى للأبد بلا حل من أجل الارتزاق منه، بالحديث عن الصمود والثبات والشرف! لابد من تمحيص وتنقية «الشرعية» من كل العناصر التي لا تحمل نفس النوايا ولا تحمل الهم العربي الذي قام من أجله التحالف العربي وعاصفة الحزم.
وفي عموم المشهد، فإن كل القوى الإقليمية حاضرة الآن في اليمن، ابتداءً من ملالي إيران الذين يحاولون التشبث بشمال يتزعمه الحوثي ليبقى سلاحاً مشهوراً في وجه المنطقة وضد أمنها واستقرارها، وكذلك تركيا التي تتواجد هناك وتمد حلفاءها من حزب «الإصلاح» الإخواني بالسلاح، وقطر بصبيانيتها وجنونها المعهودين، والتي تدعم هي أيضاً الحوثيين و«الإخوان» طالما إشباعاً لشهوتها في إيذاء السعودية والإمارات.. والكل يحاول أن يحقق في اليمن أجندته الخاصة.
شرعية الدولة اليمنية هي ممثل اليمن حالياً في مواجهة المشروع الإيراني الحوثي، لكن لابد من تمحيص هذه الشرعية، والتي هي أكبر من مجرد شخص الرئيس هادي.
وخلاصة القول: الشرعية اليوم على المحك، ولابد أن تتحدث مع حلفائها بشفافية ليستطيعوا إنقاذها من الاختراقات في صفوفها. إنه خلل يتعين إصلاحه وإلا فلن تنتهي الحرب. وهناك معلومات لا يمكن التعامي عنها، وضمنها قيام أحد القادة المحسوبين على «الإخوان» بسرقة السلاح وتسليمه للحوثيين و«الإصلاح»، وتسليم معسكرات بأكملها لتنظيم «القاعدة»، واتهامات جدية أخرى لمسؤولين في الشرعية بالتواصل مع النظام القطري. والهدف من كل ذلك هو إطالة عمر الحرب، لكي تمتلئ جيوب لوارداتها بالدولارات، ولكي يتم إنهاك المنطقة بأزمة مفتوحة كهذه. إنها خيانات حقيقية، ومع ذلك هناك مكابرات ومزايدات يتناسى أصحابها أن الحكومة اليمنية هي من استنجدت بالسعودية والإمارات لإنقاذ اليمن من الانقلاب الحوثي، وقد بذلتا الغالي والنفيس في ذلك السبيل. ثم نفاجأ بأشخاص يُنسبون للشرعية يتهمون دولة الإمارات، الحليف الأول للسعودية، ويُهاجمونها بلغة تشبه لغة قناة «الجزيرة» القطرية، مع علمهم بأن السعودية عمق استراتيجي للإمارات والإمارات عمق استراتيجي للسعودية.
*كاتب سعودي