لمن الكلمة الأخيرة والنفوذ الأكبر: للولايات المتحدة أم لإيران؟ حاولت طهران وتحاول استغلال أزمة احتجاز ناقلات النفط لتشيع التباساً حول اتساع قدراتها وخياراتها ومحدودية القدرات والخيارات الأميركية. فبعدما أسقطت طائرة أميركية مسيّرة ثم احتجزت ناقلة بريطانية جنّدت كبار مسؤوليها لتسليط الضوء على «الندّية» التي أظهرتها إزاء دولتين كبريين. منازلة واقعة عملياً بدليل نتائجها الآنية المباشرة، ولافتة نظرياً بما تفرضه من قواعد اشتباك ولو غير معترفٍ بها. ذاك أن خصومها لا يمارسون مثلها سياسة حافة الهاوية ولم يتموضعوا لشن حرب هجومية. فالأميركيون حشدوا لردع إيران عن إشعال أي حرب ردّاً على العقوبات، والبريطانيون لا يشاركون حتى الآن في أي عمل عدائي أو حتى استفزازي، أما إيران فتعتبر أنها أقامت توازناً جديداً وتمكّنت من ردع الولايات المتحدة.
ما الذي حدث في لندن وجبل طارق خلال الأسبوع الماضي؟ حين بدأ الحديث عن وشوك الإفراج عن الناقلة الإيرانية المحتجزة «غريس 1» لم تنفه سلطات جبل طارق بل أكّدته، وأعلنت لندن ببساطة أن الأمر متروك للقضاء الطارقي. كان الاحتجاز تمّ وفقاً لأمرَين: الأول، عقوبات أوروبية على النظام السوري تمنع وصول شحنة النفط التي تحملها الناقلة إلى مرفأ بانياس. والثاني، الأهم، طلب أميركي استجابت له بريطانيا صاحبة سلطة الوصاية على إقليم جبل طارق. وكانت مكالمة هاتفية بين وزيري الخارجية، البريطاني والإيراني، أكّدت رغبة الطرفين في عدم التصعيد، وأن «غريس 1» تُطلق إذا قدّمت طهران وثائق توضح مسارها وعدم توجّهها إلى سوريا، لكن احتجاز ناقلة بريطانية ألغى هذا التفاهم وتلته اتصالات لإجراء مقايضة.
قبل أن تتخذ محكمة جبل طارق قرار إنهاء احتجاز «غريس 1» أفادت سلطاتها بوجود تعهّد إيراني «خطّي»، لكن طهران نفت وواظبت على النفي، ما دفع الجانب الأميركي إلى تقديم اعتراض فتأخّر قرار المحكمة لكنه صدر أخيراً لمصلحة إيران التي بادرت إلى مهاجمة «القرصنة» الأميركية ثم إعلان «الانتصار» عليها. كان الاحتجاز اضطر طهران إلى تغيير أوراق الناقلة واسمها (أصبح «أدريان داريا») وإلى استبدال العلم الإيراني بالبنمي الذي كانت ترفعه. وإذ بدا لوهلة أن واشنطن اعترضت شكلياً، فإن تحريك الناقلة من مكانها، تمهيداً لمغادرتها، عنى أن بريطانيا أفرجت «رسمياً» عنها. كانت هذه التطوّرات مستغربة خصوصاً أنها حصلت غداة زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون للندن، وقيل إنه طلب التشدّد حيال إيران لقاء إسراع واشنطن في إنجاز معاهدة تجارية تحتاجها بريطانيا بشدّة لمواجهة تداعيات الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
لحظة تحرّكت الناقلة تغيّرت طبيعة الاعتراض الأميركي ليصبح «أمراً» من محكمة اتحادية باحتجازها. ولُخّصت الأسباب بأن «شبكة من شركات الواجهة التابعة للحرس الثوري الإيراني غسلت ملايين الدولارات لدعم شحنة النفط» إلى سوريا. لم يكن واضحاً كيف ومَن سينفّذ هذا الأمر، غير أنه أربك الجميع فليس معلوماً والحال هذه إذا كانت بريطانيا ستستعيد ناقلتها «ستينا امبيرو» التي تحتجزها إيران عملاً بالمقايضة، فيما كثرت التكهنات عن ردّ إيران إذا اعترض الأسطول الأميركي ناقلتها بعد إبحارها من جبل طارق.
احتجاز الناقلة البريطانية أطلق عملية دولية لتأمين سلامة الملاحة، والأرجح أنه ستتوصّل إلى صيغةٍ ما رغم الصعوبات التي تواجهها أميركا. ولمقاومة هذا التوجّه تدرّج موقف إيران من التهديد بمنع أي وجود دولي في مياه الخليج، ثم القول بأنها الوحيدة القادرة على ضمان أمن الخليج، ثم محاولة استقطاب روسيا والصين، وأخيراً بالدعوة إلى «صيغة إقليمية». أيٌّ من هذه الخيارات لا يبدو واقعياً.
ما الذي حدث في لندن وجبل طارق خلال الأسبوع الماضي؟ حين بدأ الحديث عن وشوك الإفراج عن الناقلة الإيرانية المحتجزة «غريس 1» لم تنفه سلطات جبل طارق بل أكّدته، وأعلنت لندن ببساطة أن الأمر متروك للقضاء الطارقي. كان الاحتجاز تمّ وفقاً لأمرَين: الأول، عقوبات أوروبية على النظام السوري تمنع وصول شحنة النفط التي تحملها الناقلة إلى مرفأ بانياس. والثاني، الأهم، طلب أميركي استجابت له بريطانيا صاحبة سلطة الوصاية على إقليم جبل طارق. وكانت مكالمة هاتفية بين وزيري الخارجية، البريطاني والإيراني، أكّدت رغبة الطرفين في عدم التصعيد، وأن «غريس 1» تُطلق إذا قدّمت طهران وثائق توضح مسارها وعدم توجّهها إلى سوريا، لكن احتجاز ناقلة بريطانية ألغى هذا التفاهم وتلته اتصالات لإجراء مقايضة.
قبل أن تتخذ محكمة جبل طارق قرار إنهاء احتجاز «غريس 1» أفادت سلطاتها بوجود تعهّد إيراني «خطّي»، لكن طهران نفت وواظبت على النفي، ما دفع الجانب الأميركي إلى تقديم اعتراض فتأخّر قرار المحكمة لكنه صدر أخيراً لمصلحة إيران التي بادرت إلى مهاجمة «القرصنة» الأميركية ثم إعلان «الانتصار» عليها. كان الاحتجاز اضطر طهران إلى تغيير أوراق الناقلة واسمها (أصبح «أدريان داريا») وإلى استبدال العلم الإيراني بالبنمي الذي كانت ترفعه. وإذ بدا لوهلة أن واشنطن اعترضت شكلياً، فإن تحريك الناقلة من مكانها، تمهيداً لمغادرتها، عنى أن بريطانيا أفرجت «رسمياً» عنها. كانت هذه التطوّرات مستغربة خصوصاً أنها حصلت غداة زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون للندن، وقيل إنه طلب التشدّد حيال إيران لقاء إسراع واشنطن في إنجاز معاهدة تجارية تحتاجها بريطانيا بشدّة لمواجهة تداعيات الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
لحظة تحرّكت الناقلة تغيّرت طبيعة الاعتراض الأميركي ليصبح «أمراً» من محكمة اتحادية باحتجازها. ولُخّصت الأسباب بأن «شبكة من شركات الواجهة التابعة للحرس الثوري الإيراني غسلت ملايين الدولارات لدعم شحنة النفط» إلى سوريا. لم يكن واضحاً كيف ومَن سينفّذ هذا الأمر، غير أنه أربك الجميع فليس معلوماً والحال هذه إذا كانت بريطانيا ستستعيد ناقلتها «ستينا امبيرو» التي تحتجزها إيران عملاً بالمقايضة، فيما كثرت التكهنات عن ردّ إيران إذا اعترض الأسطول الأميركي ناقلتها بعد إبحارها من جبل طارق.
احتجاز الناقلة البريطانية أطلق عملية دولية لتأمين سلامة الملاحة، والأرجح أنه ستتوصّل إلى صيغةٍ ما رغم الصعوبات التي تواجهها أميركا. ولمقاومة هذا التوجّه تدرّج موقف إيران من التهديد بمنع أي وجود دولي في مياه الخليج، ثم القول بأنها الوحيدة القادرة على ضمان أمن الخليج، ثم محاولة استقطاب روسيا والصين، وأخيراً بالدعوة إلى «صيغة إقليمية». أيٌّ من هذه الخيارات لا يبدو واقعياً.