في أحدث تطور في سياق المنافسة المحتدمة على مشروع وزارة الدفاع الأميركية الخاص بالحوسبة السحابية، والبالغة قيمته 10 مليارات دولار، أعلن مكتب المفتش العام للبنتاجون عن تحقيق جديد، من أجل تحديد ما إن كانت عملية طرح الصفقة قد شابتها اختلالات أو فساد حتى الآن. هذا التحقيق، الذي وصفته لي بعض المصادر من داخل البنتاجون باعتباره مهماً للغاية، سيكمل تحقيقاً آخر بدأه منذ بعض الوقت وزيرُ الدفاع الأميركي الجديد مارك إيسبر.
ويُعرف مشروع الحوسبة السحابية رسمياً بـ«مشروع البنية التحتية المشتركة للدفاع»، أو «جيدي» اختصاراً، ومن المرتقب أن يوفّر نظامَ إدارة واحداً ومستودعاً واحداً لتخزين سيل البيانات الضخمة جداً للوزارة، وحين انتشر خبر الفضيحة، كانت الوزارة على وشك الإعلان عن الفائز بالصفقة، بعد أن انحصرت المنافسة في الأخير بين شركة «أمازون ويب سيرفسز» (التي تعتبر المرشحة الأوفر حظاً جداً) وشركة «مايكروسوفت».
التحقيقان كان وراءهما الضغط من ثلاثة مصادر هي: المنافسون المستاؤون الذين شعروا بأنهم باتوا خارج المنافسة، ولاعبون من الكونجرس يمثّلون دوائر وولايات حيث يوجد مقر هؤلاء المنافسين، والمكتب البيضاوي نفسه، وقد قال الرئيس دونالد ترامب، في منتصف يوليو الماضي، إنه يعتزم التدقيق في طريقة إجراء صفقة «جيدي»، بعد أن تلقى «كماً ضخماً من الشكاوى» بشأن العملية من «بعض من أعظم الشركات في العالم»، من بينها «آي بي إم»، و«مايكروسوفت»، و«أوراكل».. وكل واحدة منها قدمت عرضاً خاصاً بها للظفر بصفقة «جيدي».
والواقع أنه لا شيء من هذا يُعتبر غير عاد بالنسبة لعمليات الشراء الكبيرة المتعلقة بالدفاع، فيما عدا التدخل المباشر من قبل القائد الأعلى للقوات، وذلك بالنظر إلى التعقيد الكبير الذي يطبع عملية الشراء في البنتاجون، فحين كنتُ أميرالاً بنجمة واحدة في 2000، كلفتُ بإدارة صفقة معقدة للاتصالات شملت إنشاء مجموعة جديدة من الأقمار الاصطناعية، وبحلول الوقت الذي تم فيه الإعلان عن الفائز بالصفقة، كان قد مضى وقت طويل على نقلي خارج البنتاجون. وفي 2013، حين كنت أميرالاً ذا أربعة نجوم، وعلى وشك إنهاء مسيرتي العسكرية، كنتُ ما أزال أتساءل: لماذا لم تدخل مجموعة الأقمار الاصطناعية الخدمة بشكل كامل بعد؟ والجواب القصير على ذلك هو أنه عندما تلتقي الاعتمادات المالية الكبيرة، والنفوذ السياسي، والتكنولوجيا غير الأكيدة.. يصبح التأخير شيئاً مؤكداً.
والحال أنه من أجل الفعالية، وخلق مرونة جديدة، وتوفير نقطة اتصال واحدة لكل عمليات تكنولوجيا المعلومات، ينبغي على وزارة الدفاع إكمال هذين التحقيقين بشكل كامل وسريع، وإذا كانت ثمة حالات حقيقية لاختلالات وممارسات غير قانونية، فإنه ينبغي الكشف عنها ومعاقبة المتورطين فيها فوراً.
ويمكن القول بكل صراحة، إن أمام الوزير إيسبر مجموعة غير جذابة من الخيارات التي تشمل: إعادة طرح عملية المناقصة برمتها، وتلقي عروض الشركات المتنافسة من جديد، أو المضي قدماً في إرسائها رغم الضغط الخارجي الكبير الذي سيتعرض له، أو البحث عن أرضية وسطى ما قد لا ترضي أي أحد، ولا شك في أن قدرته على تخطي كل العقبات وإتمام الأمر حتى نهايته من عدمها، ستمثّل أولَ اختبار لقدراته في القيادة، وسيكون أحد أهم الاختبارات التي سيواجهها.
أما في حال تبين أن كل هذا الدخان لم يكشف عن نار حقيقية، وإنما عن مجرد منافسين مستائين ومزيج من القلق والخوف السياسي (ومكوّن قوي من النفوذ المناوئ لـ«أمازون» من جانب البيت الأبيض، حيث يُعتبر مؤسس «أمازون» ومالك صحيفة «واشنطن بوست» شخصاً مكروهاً)، فينبغي على إيسبر في تلك الحالة أن يمضي قدماً في إرساء الصفقة خلال أسرع وقت تسمح به اللوائح والأنظمة ذات الصلة. ذلك أن خوض الحروب في القرن الحادي والعشرين سيكون معركة «أدمغة»، ولا شك أن بنيةً تحتيةً واحدة وكبيرة للحوسبة السحابية هي المادة الرمادية التي يحتاج إليها الجيش الأميركي.
*أميرال أميركي متقاعد وقائد سابق لقوات «الناتو»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
ويُعرف مشروع الحوسبة السحابية رسمياً بـ«مشروع البنية التحتية المشتركة للدفاع»، أو «جيدي» اختصاراً، ومن المرتقب أن يوفّر نظامَ إدارة واحداً ومستودعاً واحداً لتخزين سيل البيانات الضخمة جداً للوزارة، وحين انتشر خبر الفضيحة، كانت الوزارة على وشك الإعلان عن الفائز بالصفقة، بعد أن انحصرت المنافسة في الأخير بين شركة «أمازون ويب سيرفسز» (التي تعتبر المرشحة الأوفر حظاً جداً) وشركة «مايكروسوفت».
التحقيقان كان وراءهما الضغط من ثلاثة مصادر هي: المنافسون المستاؤون الذين شعروا بأنهم باتوا خارج المنافسة، ولاعبون من الكونجرس يمثّلون دوائر وولايات حيث يوجد مقر هؤلاء المنافسين، والمكتب البيضاوي نفسه، وقد قال الرئيس دونالد ترامب، في منتصف يوليو الماضي، إنه يعتزم التدقيق في طريقة إجراء صفقة «جيدي»، بعد أن تلقى «كماً ضخماً من الشكاوى» بشأن العملية من «بعض من أعظم الشركات في العالم»، من بينها «آي بي إم»، و«مايكروسوفت»، و«أوراكل».. وكل واحدة منها قدمت عرضاً خاصاً بها للظفر بصفقة «جيدي».
والواقع أنه لا شيء من هذا يُعتبر غير عاد بالنسبة لعمليات الشراء الكبيرة المتعلقة بالدفاع، فيما عدا التدخل المباشر من قبل القائد الأعلى للقوات، وذلك بالنظر إلى التعقيد الكبير الذي يطبع عملية الشراء في البنتاجون، فحين كنتُ أميرالاً بنجمة واحدة في 2000، كلفتُ بإدارة صفقة معقدة للاتصالات شملت إنشاء مجموعة جديدة من الأقمار الاصطناعية، وبحلول الوقت الذي تم فيه الإعلان عن الفائز بالصفقة، كان قد مضى وقت طويل على نقلي خارج البنتاجون. وفي 2013، حين كنت أميرالاً ذا أربعة نجوم، وعلى وشك إنهاء مسيرتي العسكرية، كنتُ ما أزال أتساءل: لماذا لم تدخل مجموعة الأقمار الاصطناعية الخدمة بشكل كامل بعد؟ والجواب القصير على ذلك هو أنه عندما تلتقي الاعتمادات المالية الكبيرة، والنفوذ السياسي، والتكنولوجيا غير الأكيدة.. يصبح التأخير شيئاً مؤكداً.
والحال أنه من أجل الفعالية، وخلق مرونة جديدة، وتوفير نقطة اتصال واحدة لكل عمليات تكنولوجيا المعلومات، ينبغي على وزارة الدفاع إكمال هذين التحقيقين بشكل كامل وسريع، وإذا كانت ثمة حالات حقيقية لاختلالات وممارسات غير قانونية، فإنه ينبغي الكشف عنها ومعاقبة المتورطين فيها فوراً.
ويمكن القول بكل صراحة، إن أمام الوزير إيسبر مجموعة غير جذابة من الخيارات التي تشمل: إعادة طرح عملية المناقصة برمتها، وتلقي عروض الشركات المتنافسة من جديد، أو المضي قدماً في إرسائها رغم الضغط الخارجي الكبير الذي سيتعرض له، أو البحث عن أرضية وسطى ما قد لا ترضي أي أحد، ولا شك في أن قدرته على تخطي كل العقبات وإتمام الأمر حتى نهايته من عدمها، ستمثّل أولَ اختبار لقدراته في القيادة، وسيكون أحد أهم الاختبارات التي سيواجهها.
أما في حال تبين أن كل هذا الدخان لم يكشف عن نار حقيقية، وإنما عن مجرد منافسين مستائين ومزيج من القلق والخوف السياسي (ومكوّن قوي من النفوذ المناوئ لـ«أمازون» من جانب البيت الأبيض، حيث يُعتبر مؤسس «أمازون» ومالك صحيفة «واشنطن بوست» شخصاً مكروهاً)، فينبغي على إيسبر في تلك الحالة أن يمضي قدماً في إرساء الصفقة خلال أسرع وقت تسمح به اللوائح والأنظمة ذات الصلة. ذلك أن خوض الحروب في القرن الحادي والعشرين سيكون معركة «أدمغة»، ولا شك أن بنيةً تحتيةً واحدة وكبيرة للحوسبة السحابية هي المادة الرمادية التي يحتاج إليها الجيش الأميركي.
*أميرال أميركي متقاعد وقائد سابق لقوات «الناتو»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»