حققت المملكة العربية السعودية إنجازاً تاريخياً، يمنح المرأة حقوقَها في استخراج الوثائق وفي السفر والتنقل.. بعد مبادرة من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الذي سبق أن أكد بأن للمرأة حقوقاً كفلها الإسلام لم تحصل عليها بعد، وبأن المملكة ستسعى لتمكينها منها. وقد وفى ولي العهد بكلامه، من خلال قراره القاضي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، ثم من خلال القرار الجديد الذي يفتح الباب أمام المرأة السعودية للمساهمة في الحياة الاقتصادية النشطة في بلادها، ويؤكد القرار الجديد على إعادة الاعتبار للمرأة كمواطنة كاملة الحقوق. والمفارقة الملحوظة في بعض الدول العربية، كونها تؤكد في دساتيرها المكتوبة على مفهوم المساواة أمام القانون لكل مواطنيها (من الجنسين)، كما تؤكد في جميع تشريعاتها على الحقوق والحريات الأساسية للإنسان (وضمنه المرأة).. لكنها عملياً تحرم النساء من بعض حقوقهن الأساسية، لا سيما حق المرأة في اختيار زوج المستقبل، حيث تشترط كثير من قوانين الأحوال الشخصية العربية موافقة ولي الأمر (الوالد، أو الأخ أو العم في حالات معينة)، حتى وإن كانت المرأة بالغة وعاقلة ورشيدة.. لذا جاءت الخطوة السعودية الأخيرة سعياً لإصلاح الأمور، ورغبةً في تحقيق بعض الأمنيات العزيزة إلى قلب المرأة، والتي طالما طمحت إلى تَجسُّدها واقعاً.
إنها خطوة في الطريق الصحيح بالفعل، لذلك على المرأة السعودية أن تعمل بجد وإخلاص، لتثبت أنها أهل لنيل جميع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية.. فالاعتماد على الذات هو الأساس في أي تطور اجتماعي، لا سيما في ظل مجتمعات محافظة وتقليدية وغير متحمسة في الأصل لخوض غمار التغيير، لذا لا غرابة في أن نجد أن الحكومات الخليجية أكثر انفتاحاً وتحرراً من مجتمعات بلدانها، فالتجربة الكويتية التي حصلت فيها المرأة على حقوقها السياسية، سمحت للنساء بالترشح للسلطة التشريعية (مجلس الأمة)، حيث فازت بأربعة مقاعد في المجلس التشريعي السابق، لكن تخاذل المرأة الكويتية عن دعم أختها المرأة، جعل النساء الكويتيات يخسرن مقاعدهن في المجلس التالي، حيث لم يفز منهن سوى واحدة فقط هي النائبة صفاء الهاشم.
ومن المؤكد أن تيارات الإسلام السياسي في السعودية سترفض منح المرأة حقوقها، لأن فهمَ هذه التيارات للإسلام فهم قاصر وخاطئ.. لكن نفس التيارات لا تمانع من استغلال المرأة للعمل على إنجاح مرشحيها للانتخابات العامة.
ولعل أهم إنجازات المرأة في الخليج هو نجاحها تعليمياً، حيث دخلت سوق العمل بأعداد كبيرة، وهذا القانون الجديد في السعودية سيمنح النساء السعوديات مكانة كبيرة وواسعة في سوق العمل.
إن دخول المرأة في سوق العمل يمثل الخطوة الرئيسية نحو تحررها الاقتصادي.. فهي هنا تعتمد على ذاتها وتعليمها وابتكارها وتحسين أوضاعها.. دون الاعتماد على الرجل.
نتوقع أن تحقق المرأة السعودية إنجازات كبيرة في سوق العمل، لأنها الأكثر تعليماً وثقافةً وإخلاصاً في أداء عملها.
*أستاذ العلوم السياسية -جامعة الكويت