شعوب من كل بقاع الأرض، نساء ورجال، ويافعون وأطفال، يلتقون في بيت الله الحرام لأداء شعيرة من شعائر الإسلام التي تسكن وجدان كل واحد منّا، ملايين الأشخاص يؤمّون الكعبة كل عام في أيام معدودات، يختلفون من حيث المنابت والثقافات واللغات، لكنهم يجتمعون تحت رباط واحد، وعلى نداءٍ ثابتٍ مردّدين، وهم يطوفون حول الكعبة (لبيك اللهم لبيك... لبيك لا شريك لك لبيك).
فالشعيرة التي جاءت تلبيةً لنداء إبراهيم عليه السلام، قبل حوالي أربعة آلاف عام، عندما أمره الله تعالى أن يؤذّن في الناس بالحج، ليأتوا من كل فجّ عميق إلى البيت العتيق، ما تزال حاضرة وبقوة، فيما يقضي أغلبية المؤمنين أعمارهم ممنّين أنفسهم بزيارته.
من آبائنا وأمهاتنا، سمعنا قصصاً وحكايات عن الحج قديماً، وقرأنا عن الرحلات المضنية إلى أرض الحرمين من كل بقاع الأرض التي وصل إليها الإسلام، فكان الناس يختبرون صبرهم شهوراً عدّة خلالها، متجاوزين كل ما يكتنفها من صعوبات جمّة، وبوصولهم إلى أرض الرسالة المحمديّة تنفرج أساريهم، ويعيشون أجمل الأيام، تغمرهم نفحات عظيمة من الروحانية ضمن أجواء مباركة.
لعل موسم الحج مناسبة حقيقية، كي نتخفف من أعباء الدنيا ومشاغلها، وننأى - ولو قليلاً - عن أحوال أمتنا التي تجاوزت كلّ معقول، لنتأمل في معاني الحج، ونبتهل مع الحجيج للمولى عزّ وجلّ، ونتفكّر في يوم عرفة والأضحية من بعده، بما يحمل كل ذلك من معانٍ سامية لطاعة الله والفداء والتضحية.
وشعيرة الحج كفريضة عظيمة، دليل على عظمة ودقّة هذا الموقف الكبير، وقدرته الخلاقة على تهذيب النفوس وتربيتها، بما فيه من مظاهر منظّمة لاحتشاد الملايين على اختلاف ثقافاتهم وألوانهم وألسنتهم في بقعة واحدة. فالتزامهم التام وطاعتهم الكاملة لكل ما في الحج من مظاهر وطقوس إيمانية، أمر يثير الدهشة ويبهر العقول، فكيف يتوحد سلوك كل هؤلاء بدءاً من سماع النداء، ثم الوصول إلى البيت الحرام، والإحرام، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة، والذّهاب إلى منى، ثم الوقوف بعرفة، والتوجه إلى المزدلفة، والعودة ثانيةً إلى منى لرمي الجمرات، وما يلي ذلك من نحرٍ للأضاحي، ومناسك غيرها تجمع المسلمين القادمين من كل مكان.
لا شك أن الحج في الماضي كان صعباً للغاية وشاقاً، لكن مع توالي السنين أصبح أكثر سهولة، فالمملكة العربية السعودية تقدّم في كل عام تسهيلات أكبر للحجيج، وتوفر لهم الخدمات التي تمكّنهم من أداء فريضتهم بيسر وأمان وطمأنينة، عبر المنافذ كافة براً وبحراً وجواً، فهي تعتبر خدمة ضيوف الرحمن أمر عظيم، وهو ما التزمت به من خلال منظومةِ خدماتٍ متكاملةٍ تحظى برعاية واهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد.
وسنوياً، نشهد المزيد من التطور بطرح المزيد من الخدمات، وفي ظل الجهود التي تُبذل من قبل عدد هائل من الموظفين الذين يتحلّون بالرقي والإنسانية، والتنظيم الاحترافي لذلك الحدث، وهو ما يؤكد أن الحكومة مستمرة في تسهيل الإجراءات وتذليل الصعوبات التي قد تواجه حجاج بيت الله، ليس فقط للأصحاء من مختلف الأعمار، إنما للمرضى وأصحاب الهمم، فكل جهة حكومية تقدّم ما عليها من التزامات، سواء كانت خدمية أو أمنية، ذلك أن موقفاً مهيباً كالحج في أيامنا هذه، وبوجود عدد كبير من الحجيج القادمين من خارج المملكة ومن داخلها، يتطلب تخطيطاً وتنظيماً وبذلاً في المال والوقت والجهد.
ولا يختلف اثنان على أن الحج من حق كل مسلم، وإن اختلفت دولتان في السياسة والموقف، فهذا لا يعني أن مواطني الدولتين مختلفون على أداء مناسك فرضها الله، وبناء على ذلك فقد نجحت المملكة في منع تسييس تلك الفريضة من طرف أي دولة كانت، وحرصت أن تبقى أبوابها مفتوحة أمام قاصدي بيت الله الحرام، وغير ذلك القول يبقى مجرد ادعاء كاذب الهدف منه تشويه الصورة، وتعكير أجواء حج وعبادة ضيوف الرحمن.
وإزاء المقاصد الإيمانية العظيمة للحج، والطاعات والعبادات التي يؤديها الحجيج تقرباً لله، والجهود التي تُبذل كل عام من قبل المملكة، لن تنفع كل الشعارات السياسية أو المذهبية المقيتة الرامية إلى الفتنة، والتي تسقط فعلاً بمجرد قول (لبيك اللهم لبّيك).
قبل وأثناء أداء الفريضة، تجدد السعودية دعوتها إلى أهمية التفرغ للعبادة بنيّة صالحة وخالصة لله، وتشدد على ضرورة ابتعاد أي شخص كان عن أي تصرف من شأنه أن يعكر صفو الحجيج، فلا يَرفث أحد بكلام قبيح، ولا يُفسق في فعل، ولا يجادل فيما يثير البلبلة والشقاق في مكان مقدس وروحاني.
فكل عام، والعالم والمسلمون في شتى بقاع الأرض، وأرض الحرمين وأهلها، والقائمون على أمرها بألف سلام وخير، وفي هذه الأيام التي يعيشها المسلمون أستذكر قصيدة «إلى عرفات الله» التي كتبها أمير الشعراء أحمد شوقي، وغنّتها أم كلثوم، ومما جاء في القصيدة التي تدعونا للتفكّر في كل كلمة من كلماتها:
أرى الناس أفواجاً ومن كل بقعة إليك انتهوا من غربةٍ وشتاتِ
تساووا فلا الأنساب فيها تفاوتٌ لديك ولا الأقدار مختلفاتِ
فالشعيرة التي جاءت تلبيةً لنداء إبراهيم عليه السلام، قبل حوالي أربعة آلاف عام، عندما أمره الله تعالى أن يؤذّن في الناس بالحج، ليأتوا من كل فجّ عميق إلى البيت العتيق، ما تزال حاضرة وبقوة، فيما يقضي أغلبية المؤمنين أعمارهم ممنّين أنفسهم بزيارته.
من آبائنا وأمهاتنا، سمعنا قصصاً وحكايات عن الحج قديماً، وقرأنا عن الرحلات المضنية إلى أرض الحرمين من كل بقاع الأرض التي وصل إليها الإسلام، فكان الناس يختبرون صبرهم شهوراً عدّة خلالها، متجاوزين كل ما يكتنفها من صعوبات جمّة، وبوصولهم إلى أرض الرسالة المحمديّة تنفرج أساريهم، ويعيشون أجمل الأيام، تغمرهم نفحات عظيمة من الروحانية ضمن أجواء مباركة.
لعل موسم الحج مناسبة حقيقية، كي نتخفف من أعباء الدنيا ومشاغلها، وننأى - ولو قليلاً - عن أحوال أمتنا التي تجاوزت كلّ معقول، لنتأمل في معاني الحج، ونبتهل مع الحجيج للمولى عزّ وجلّ، ونتفكّر في يوم عرفة والأضحية من بعده، بما يحمل كل ذلك من معانٍ سامية لطاعة الله والفداء والتضحية.
وشعيرة الحج كفريضة عظيمة، دليل على عظمة ودقّة هذا الموقف الكبير، وقدرته الخلاقة على تهذيب النفوس وتربيتها، بما فيه من مظاهر منظّمة لاحتشاد الملايين على اختلاف ثقافاتهم وألوانهم وألسنتهم في بقعة واحدة. فالتزامهم التام وطاعتهم الكاملة لكل ما في الحج من مظاهر وطقوس إيمانية، أمر يثير الدهشة ويبهر العقول، فكيف يتوحد سلوك كل هؤلاء بدءاً من سماع النداء، ثم الوصول إلى البيت الحرام، والإحرام، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة، والذّهاب إلى منى، ثم الوقوف بعرفة، والتوجه إلى المزدلفة، والعودة ثانيةً إلى منى لرمي الجمرات، وما يلي ذلك من نحرٍ للأضاحي، ومناسك غيرها تجمع المسلمين القادمين من كل مكان.
لا شك أن الحج في الماضي كان صعباً للغاية وشاقاً، لكن مع توالي السنين أصبح أكثر سهولة، فالمملكة العربية السعودية تقدّم في كل عام تسهيلات أكبر للحجيج، وتوفر لهم الخدمات التي تمكّنهم من أداء فريضتهم بيسر وأمان وطمأنينة، عبر المنافذ كافة براً وبحراً وجواً، فهي تعتبر خدمة ضيوف الرحمن أمر عظيم، وهو ما التزمت به من خلال منظومةِ خدماتٍ متكاملةٍ تحظى برعاية واهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد.
وسنوياً، نشهد المزيد من التطور بطرح المزيد من الخدمات، وفي ظل الجهود التي تُبذل من قبل عدد هائل من الموظفين الذين يتحلّون بالرقي والإنسانية، والتنظيم الاحترافي لذلك الحدث، وهو ما يؤكد أن الحكومة مستمرة في تسهيل الإجراءات وتذليل الصعوبات التي قد تواجه حجاج بيت الله، ليس فقط للأصحاء من مختلف الأعمار، إنما للمرضى وأصحاب الهمم، فكل جهة حكومية تقدّم ما عليها من التزامات، سواء كانت خدمية أو أمنية، ذلك أن موقفاً مهيباً كالحج في أيامنا هذه، وبوجود عدد كبير من الحجيج القادمين من خارج المملكة ومن داخلها، يتطلب تخطيطاً وتنظيماً وبذلاً في المال والوقت والجهد.
ولا يختلف اثنان على أن الحج من حق كل مسلم، وإن اختلفت دولتان في السياسة والموقف، فهذا لا يعني أن مواطني الدولتين مختلفون على أداء مناسك فرضها الله، وبناء على ذلك فقد نجحت المملكة في منع تسييس تلك الفريضة من طرف أي دولة كانت، وحرصت أن تبقى أبوابها مفتوحة أمام قاصدي بيت الله الحرام، وغير ذلك القول يبقى مجرد ادعاء كاذب الهدف منه تشويه الصورة، وتعكير أجواء حج وعبادة ضيوف الرحمن.
وإزاء المقاصد الإيمانية العظيمة للحج، والطاعات والعبادات التي يؤديها الحجيج تقرباً لله، والجهود التي تُبذل كل عام من قبل المملكة، لن تنفع كل الشعارات السياسية أو المذهبية المقيتة الرامية إلى الفتنة، والتي تسقط فعلاً بمجرد قول (لبيك اللهم لبّيك).
قبل وأثناء أداء الفريضة، تجدد السعودية دعوتها إلى أهمية التفرغ للعبادة بنيّة صالحة وخالصة لله، وتشدد على ضرورة ابتعاد أي شخص كان عن أي تصرف من شأنه أن يعكر صفو الحجيج، فلا يَرفث أحد بكلام قبيح، ولا يُفسق في فعل، ولا يجادل فيما يثير البلبلة والشقاق في مكان مقدس وروحاني.
فكل عام، والعالم والمسلمون في شتى بقاع الأرض، وأرض الحرمين وأهلها، والقائمون على أمرها بألف سلام وخير، وفي هذه الأيام التي يعيشها المسلمون أستذكر قصيدة «إلى عرفات الله» التي كتبها أمير الشعراء أحمد شوقي، وغنّتها أم كلثوم، ومما جاء في القصيدة التي تدعونا للتفكّر في كل كلمة من كلماتها:
أرى الناس أفواجاً ومن كل بقعة إليك انتهوا من غربةٍ وشتاتِ
تساووا فلا الأنساب فيها تفاوتٌ لديك ولا الأقدار مختلفاتِ