السياسيون والنقاد الذين يقولون إنه من السهل «إنهاء» الحروب وإعادة القوات إلى الوطن ليسوا صريحين مع الناخبين. قبل يوم الثلاثاء، بدا أن «بيت بوتيجيج»، عمدة ساوث بند، في ولاية إنديانا، قد أدرك هذا. ففي خطاب في شهر يونيو الماضي، قال إنه «مع وجود سلطات قانونية مناسبة، يجب أن نحافظ على مهمات استخباراتية محدودة ومركزة ومتخصصة في مكافحة الإرهاب في أماكن مثل أفغانستان». وبالمثل، قال رداً على أسئلة من مجلس العلاقات الخارجية «إن اتفاق سلام يتم التفاوض عليه ونحافظ فيه على وجود عمليات خاصة ذات صلة/ مهمات استخباراتية لكنه يعيد للوطن قواتنا البرية هو أفضل وسيلة لضمان أن أفغانستان لن تصبح قاعدة لهجمات إرهابية ضد الولايات المتحدة أو حلفائها مرة أخرى. واستخدام وجودنا الحالي للمساعدة على إبرام اتفاق سلام يجب أن يكون جزءا من هذه الاستراتيجية».
كانت هذه إجابات أكثر دقة مما قاله خلال أول ليلة من المناظرة «الديمقراطية» الثانية، حيث قال بوتيجيج «سننسحب. يجب أن نفعل ذلك». وبسؤاله إن كان هذا سيحدث في عامه الأول، قال «نعم، انظر حول العالم، سنفعل ما يلزم للحفاظ على سلامة أميركا. لكنني كنت أظن أنني واحد من آخر الجنود الذين يغادرون أفغانستان عندما اعتقدت أنني أطفئ الأنوار قبل سنوات. (ولم يرد متحدث عن سؤال حول التناقض في إجابته أثناء المناظرة).
هناك سؤال حقيقي حول ما إذا كان وجود قوة صغيرة لمكافحة الإرهاب هو أمر مستدام وفعال (وكم عدد القوات الإضافية اللازمة لدعم هذه الوحدة). ينبغي أن يناقش المرشحون المسؤولون ما إذا كان مزيج من الدبلوماسية والمساعدة غير العسكرية الدائمة يمكن أن يضمن الاستقرار إذا أزلنا جميع القوى. في تقرير جديد، تقول«كيلي ماجسامين» و«مايكل فوكس»، من «مركز التقدم الأميركي»:
«أحد التحديات التي تواجه السياسة الأميركية في أفغانستان هو أنه لا توجد نظرية مقنعة لتحقيق النصر –بغض النظر عن الاستراتيجية التي تسلكها الولايات المتحدة، لا يوجد ضمان أن الولايات المتحدة يمكنها أن تحول أفغانستان إلى ديمقراطية آمنة ومحكومة بشكل جيد في المستقبل المنظور. وبالنسبة للعديد من صانعي السياسة في الإدارات، فإن مخاطر المغادرة غير المعروفة كانت دائماً تتفوق على مخاطر البقاء المعروفة –والبقاء يتطلب عبئا غير متناسب على الجيش الأميركي. لقد حان الوقت لإجراء تقييم شامل لتلك المخاطر والافتراضات التي تكمن وراءها. وعلى الرغم من أن الأوضاع ليست هي نفسها، فإن تجربة الانسحاب الأميركي من العراق في 2011 وما تلاها من صعود تنظيم داعش قد جعلت الصناع السياسة أكثر تجنباً للمخاطر فيما يتعلق بالانسحاب من أفغانستان في السنوات الأخيرة». صياغة سياسة مسؤولة يعني أن نكون صادقين بشأن الوضع الحالي (أننا مثلا في حالة جمود) ومخاطر المغادرة (لن نتمكن من جمع المعلومات الاستخباراتية، وسنواجه خطر عودة الجماعات الإرهابية، وربما انهيار الحكومة الأفغانية) بالإضافة إلى شرح الجوانب السلبية للبقاء (على سبيل المثال، من الأفضل التركيز واستغلال الموارد في أماكن أخرى، فنحن نضر بالاستعداد العسكري لأغراض أخرى).
وينبغي السعي لتحقيق اقتراح الكاتبين بأن «ندرس وجود قوة عسكرية سريعة لضمان نشر القوات بسرعة في حالة وجود تهديد مُلِح للعاملين الدبلوماسيين الأميركيين أو الحكومة الأفغانية»، وفي الوقت نفسه تعزيز الدعم الإقليمي للحكومة الأفغانية. (إنني أقل تفاؤلا من الكاتبين بشأن فك الارتباط بين انسحابنا العسكري والتقدم المحرز في المفاوضات مع طالبان، ولا أعتقد أنه ينبغي استبعاد وجود قوات مخفضة في أفغانستان –حيث انخفض إجمالي عدد القوات إلى 8400 في عهد الرئيس باراك أوباما).
يجب أن تكون سياسة أفغانستان جزءا من رؤية سياسية شاملة. في كتابهما عن اليمن في العام الماضي، قال«بريان كاتوليس»و«لورانس كورب»: «إن إنهاء الحروب سيتطلب مجموعة من الاستثمارات في الدبلوماسية وحنكة السياسة الاقتصادية، واستراتيجية طويلة الأجل لمنطقة الشرق الأوسط الأوسع المفقودة في العمل قبل وقت طويل من تولي ترامب منصبه». إذا كان الديمقراطيون يريدون الدفاع عن استراتيجية مختلفة في أفغانستان، فإنهم بحاجة إلى تفسير كيف سيفيد هذا أمننا العام، وإذا كانوا يريدون تقليص ميزانية الدفاع، فمن الأفضل أن يوضحوا كيف يتوقعون أن تفعل قواتنا ما هو أكثر من ذلك في ظل ميزانية أقل.
ولأغراض الحملة، يجب أن يركز المرشحون «الديمقراطيون» على أهداف أكثر شيوعا –مثل توخي اليقظة ضد الإرهاب، ومكافحة العدوان الاقتصادي والفضائي، وحماية ديمقراطيتنا من التخريب الأجنبي وتطوير نُهُج معقولة لأزمات اللاجئين والتغير المناخي في جميع أنحاء العالم –وأيضا خلق استجابة فعالة لمواجهة رسالة الرئيس ترامب التي تأتي بنتائج عكسية لكنها جذابة (أميركا أولا).
*كاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»