«الإنسان هو الثروة الحقيقية لهذا البلد قبل النفط وبعده، كما أن مصلحة الوطن هي الهدف الذي نعمل من أجله ليل نهار»، تلك مقولة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تعكس منهاج الإمارات في كافة قطاعات التنمية التي تهدف إلى رفع اسم الإمارات عالياً، واستمرار تميز حكومتها في تقارير التنافسية العالمية. ومن أبرز تلك القطاعات، قطاع الفضاء الذي تقوده «وكالة الإمارات للفضاء»، والتي أكملت عامها الخامس قبل أيام في ظل تحقيق إنجازات تعادل ما حققته الدول المتقدمة في مجال الفضاء خلال عقود.
وتأتي برامج وسياسات «وكالة الإمارات للفضاء»، تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للفضاء 2030، التي أعلنتها حكومة الإمارات وترمي إلى وضع خريطة طريق لكافة الأطراف المعنية والشركات العاملة والمُشغلة للقطاع في الدولة ومختلف المشاريع الوطنية التي تعمل عليها، حول سبل دفع مسيرة دولة الإمارات من أجل تحقيق أهدافها الطموحة المحددة في رؤية الإمارات 2021 والاستراتيجية الوطنية للابتكار ووثيقة السياسة الوطنية لقطاع الفضاء. أضف إلى ذلك الإنجاز التاريخي لحكومة الإمارات المتمثل في موافقة المجلس الوطني الاتحادي على مشروع قانون اتحادي بشأن تنظيم قطاع الفضاء، لتصبح دولة الإمارات من الدول الرائدة والقليلة عالمياً التي لديها تشريعات وقوانين فضائية متكاملة.
والمتتبع لمسيرة «وكالة الإمارات للفضاء»، يلاحظ أنها تسير على نهج يهدف إلى وضع دولة الإمارات العربية المتحدة على رأس الريادة الإقليمية في القطاع الفضائي، من خلال تدشين العديد من المشاريع الرامية لخدمة مجتمع الإمارات بشكل خاص والبشرية بشكل عام. فالطموح الإماراتي لا يقف عند حد إنشاء المؤسسات المتخصصة في قطاع الفضاء وإطلاق مشاريع قصيرة المدى بل الهدف الاستراتيجي لحكومة الإمارات منذ دخولها هذا القطاع هو الانطلاق نحو آفاق الفضاء من خلال إطلاق العديد من مشاريع الاستكشاف الفضائي على مستوى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. وتهدف تلك المشاريع إلى زيادة مستوى المعرفة البشرية بسطح كوكب المريخ، وإيجاد الحلول المستدامة لاستيطانه، ويشمل «مسبار الأمل» لدراسة غلافه الجوي وأسباب تلاشيه، ومشروع «المريخ 2117» الذي يضم مدينة المريخ العلمية التي تسعى لإيجاد الحلول لتحديات الحياة على سطحه، ويتضمن برنامجاً وطنياً لإعداد كوادر علمية بحثية تخصصية إماراتية في مجال استكشاف الكوكب الأحمر، ويستهدف في مراحله النهائية بناء أول مستوطنة بشرية على المريخ خلال مئة عام.?
كما نجحت الإمارات في تصنيع وامتلاك شبكة واسعة ومتقدمة من الأقمار الاصطناعية تضم 10 أقمار في مدار الأرض لتتمكن من توطيد مكانتها وتنافسيتها بين الدول المتقدمة في قطاع الفضاء. ومؤخراً أضافت الإمارات إنجازاً جديداً تمثل في تنفيذ رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، بتوحيد الجهود والقدرات العربية في مجال الفضاء وذلك بتدشين «المجموعة العربية للتعاون الفضائي»، وهي أول مجموعة فضائية من نوعها تجمع تحت مظلتها 11 دولة عربية. وسوف تعمل تلك المجموعة في المرحلة الأولى على تطوير قمر «813» الصناعي ليكون هدية من الإمارات إلى الدول العربية، حيث ستموله «وكالة الإمارات للفضاء»، وسيقوم بتصميمه وتصنيعه عدد من المهندسين والشباب العرب من الدول التي وقّعت على إعلان تدشين المجموعة.
تلك بعض الأمثلة التي تبرهن على ريادة دولة الإمارات العربية المتحدة في قطاع الفضاء، والتي تقوم منذ خمس سنوات على عطاء وتضحيات الكفاءات الوطنية المتميزة والمؤهلة، والتي تم تتويجها مؤخراً باختيار المواطن هزاع المنصوري ليكون رائد الفضاء الأساسي في مهمة الانطلاق إلى محطة الفضاء الدولية يوم 25 سبتمبر المقبل، وبذلك يتم تدشين بداية عصر جديد من نهضة دولة الإمارات في قطاع الفضاء.
*باحث إماراتي