كأن أردوغان، بات قرين خامنئي، وقبله الخميني يحاول أن يوسع امبراطوريته إلى سوريا وليبيا، وعودة «مظفرة» إلى سواحل قبرص!
وإذا كان خامنئي، قد ألغى حدود إيران الرسمية، وتمدد في مشروع الهلال المذهبي أو إيران الكبرى، (معادل إسرائيل الكبرى)، وتوسع إلى حدود الآخرين من العراق إلى سوريا إلى اليمن فإلى لبنان، فيعني أن حدوده باتت أكبر من «إيرانه». هذا هو شأن الطغاة. أشير إلى ذلك تماهي الحالات بين الرجلين، من محاولة استعمار شعوب الجوار، ومعاداة تتضاعف ضد المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والاقتصاد المنهار الذي يعيشه بلداهما من تهاوي العملة الوطنية إلى ازدياد العقوبات على أنواعها، وإلى ارتفاع نسبة الفقر، وكذلك حالة الثورة المكبوتة عند الشعبين. لم يتوصل أردوغان إلى المآثر الإرهابية التي يجترحها خامنئي، ولا إلى مستويات الفوضى والمذهبية والحروب والترهيب التي أدركها «الحرس الثوري» و«الحشد الشعبي» و«فيلق القدس» وسواها. فبرغم فداحة ما يمارسه أردوغان في ليبيا واحتضان الأخوان المسلمين وغيرهم، فإن نظامه المختلف عن نظام الملالي يخضعه للمساءلة الشعبية. وها هو يسقط سقوط مدوياً في الانتخابات البلدية في إسطنبول، وها هو حزبه ينشق عنه، وها هم «مؤيدوه» يعاقبونه على سياساته الداخلية والخارجية.
كنا نظن أن أردوغان بعد الضربة الانتخابية التي تلقاها سيعود إلى رشده، وإلى تغيير سلوكه وممارساته السلطانية، ويرمم أوضاعه ويعدل مفاهيمه العشوائية، إلا أن الهزيمة أفقدته توازنه، وجعلته يهرب مرة إلى الأمام ومرات إلى الوراء: أي إلى مزيد من التدخل في ليبيا خدمة لـ«داعش» و«الأخوان»، وإلى انتهاك الحدود القبرصية تنقيباً عن نفط ذلك البلد وغازه. مغامرة أدت إلى اتخاذ عقوبات بحقه من جانب الاتحاد الأوروبي، ومطالبته بالتوقف عن هذه العملية. لكنه عاند كما في الانتخابات البلدية، ودفع ذلك غالياً ليعلن من نطق باسمه أنه سيضيف إلى سفن التنقيب الثلاث سفينة رابعة. ونظن أن هذه الخطوة، قد تكون لها علاقة بأوضاعه الداخلية المهتزة، فكأنه يريد أن يرفع شعبيته بالاعتداء على قبرص، زاعماً أنه يريد النفط مناصفة بين القبرصيْن اليونانية والتركية. لكن قبرص التركية نظام افتراضي لم تعترف به أي دولة في العالم. والواقع أنه لا يريد الغاز لقبرص، بل له، بل لإثارة المشاعر المذهبية التي استخدمها الأتراك في الماضي لتقسيم البلد. ازدهرت قبرص اليونانية، وباتت عضواً في الاتحاد الأوروبي. أما قبرص أردوغان فلا هي من قبرص ولا من العالم، ويدفع سكانها ثمن مغامرة الأتراك فقراً وعزلة.
لكن السؤال، لماذا يركب أردوغان هذا المركب الخشن؟ ضارباً بعرض الحائط حلفاءه الأميركيين، بدءاً من شراء المنظومة الصاروخية S400 الروسية، والأوربيين؟ إلى مَ يستند! وما هي أوراقه؟
لكن لعله يعتقد أنه بات في حوزته بضع أوراق يمكن أن يستخدمها: ورقة النازحين السوريين التي يهدد أوروبا والعالم بها أي إفلاتهم للتوجه إلى هناك، والورقة الليبية (الإخوان وداعش) والورقة السورية (إدلب)، والورقة الكردية. لكن لا نظن أن هذه الأوراق يمكن أن تعوض انهيار موقعه في أوروبا وأميركا، ولا زيادة العقوبات الأميركية مضافة إليها العقوبات الأوروبية، ولا التحصن وراء الصواريخ S-400، ولا استمرار استخدام الإرهابيين في مصر وفي بلدان عربية أخرى.
كل هذه الأوراق بلا حبر ولا ماء، وكلها، مهما حاول أردوغان أن يوظفها في أزماته الداخلية، لن ترمم زعامته المزعزعة، ولا اقتصاده المتراجع.
إنها لعبة لاعب فقد أصول اللعب ومراجعة الحسابات، إنه الهارب إلى الأمام وإلى الوراء بلا أمامٍ ولا وراء، أي في النقطة التي لا تؤدي سوى إلى الطريق المسدود.
*كاتب لبناني
وإذا كان خامنئي، قد ألغى حدود إيران الرسمية، وتمدد في مشروع الهلال المذهبي أو إيران الكبرى، (معادل إسرائيل الكبرى)، وتوسع إلى حدود الآخرين من العراق إلى سوريا إلى اليمن فإلى لبنان، فيعني أن حدوده باتت أكبر من «إيرانه». هذا هو شأن الطغاة. أشير إلى ذلك تماهي الحالات بين الرجلين، من محاولة استعمار شعوب الجوار، ومعاداة تتضاعف ضد المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والاقتصاد المنهار الذي يعيشه بلداهما من تهاوي العملة الوطنية إلى ازدياد العقوبات على أنواعها، وإلى ارتفاع نسبة الفقر، وكذلك حالة الثورة المكبوتة عند الشعبين. لم يتوصل أردوغان إلى المآثر الإرهابية التي يجترحها خامنئي، ولا إلى مستويات الفوضى والمذهبية والحروب والترهيب التي أدركها «الحرس الثوري» و«الحشد الشعبي» و«فيلق القدس» وسواها. فبرغم فداحة ما يمارسه أردوغان في ليبيا واحتضان الأخوان المسلمين وغيرهم، فإن نظامه المختلف عن نظام الملالي يخضعه للمساءلة الشعبية. وها هو يسقط سقوط مدوياً في الانتخابات البلدية في إسطنبول، وها هو حزبه ينشق عنه، وها هم «مؤيدوه» يعاقبونه على سياساته الداخلية والخارجية.
كنا نظن أن أردوغان بعد الضربة الانتخابية التي تلقاها سيعود إلى رشده، وإلى تغيير سلوكه وممارساته السلطانية، ويرمم أوضاعه ويعدل مفاهيمه العشوائية، إلا أن الهزيمة أفقدته توازنه، وجعلته يهرب مرة إلى الأمام ومرات إلى الوراء: أي إلى مزيد من التدخل في ليبيا خدمة لـ«داعش» و«الأخوان»، وإلى انتهاك الحدود القبرصية تنقيباً عن نفط ذلك البلد وغازه. مغامرة أدت إلى اتخاذ عقوبات بحقه من جانب الاتحاد الأوروبي، ومطالبته بالتوقف عن هذه العملية. لكنه عاند كما في الانتخابات البلدية، ودفع ذلك غالياً ليعلن من نطق باسمه أنه سيضيف إلى سفن التنقيب الثلاث سفينة رابعة. ونظن أن هذه الخطوة، قد تكون لها علاقة بأوضاعه الداخلية المهتزة، فكأنه يريد أن يرفع شعبيته بالاعتداء على قبرص، زاعماً أنه يريد النفط مناصفة بين القبرصيْن اليونانية والتركية. لكن قبرص التركية نظام افتراضي لم تعترف به أي دولة في العالم. والواقع أنه لا يريد الغاز لقبرص، بل له، بل لإثارة المشاعر المذهبية التي استخدمها الأتراك في الماضي لتقسيم البلد. ازدهرت قبرص اليونانية، وباتت عضواً في الاتحاد الأوروبي. أما قبرص أردوغان فلا هي من قبرص ولا من العالم، ويدفع سكانها ثمن مغامرة الأتراك فقراً وعزلة.
لكن السؤال، لماذا يركب أردوغان هذا المركب الخشن؟ ضارباً بعرض الحائط حلفاءه الأميركيين، بدءاً من شراء المنظومة الصاروخية S400 الروسية، والأوربيين؟ إلى مَ يستند! وما هي أوراقه؟
لكن لعله يعتقد أنه بات في حوزته بضع أوراق يمكن أن يستخدمها: ورقة النازحين السوريين التي يهدد أوروبا والعالم بها أي إفلاتهم للتوجه إلى هناك، والورقة الليبية (الإخوان وداعش) والورقة السورية (إدلب)، والورقة الكردية. لكن لا نظن أن هذه الأوراق يمكن أن تعوض انهيار موقعه في أوروبا وأميركا، ولا زيادة العقوبات الأميركية مضافة إليها العقوبات الأوروبية، ولا التحصن وراء الصواريخ S-400، ولا استمرار استخدام الإرهابيين في مصر وفي بلدان عربية أخرى.
كل هذه الأوراق بلا حبر ولا ماء، وكلها، مهما حاول أردوغان أن يوظفها في أزماته الداخلية، لن ترمم زعامته المزعزعة، ولا اقتصاده المتراجع.
إنها لعبة لاعب فقد أصول اللعب ومراجعة الحسابات، إنه الهارب إلى الأمام وإلى الوراء بلا أمامٍ ولا وراء، أي في النقطة التي لا تؤدي سوى إلى الطريق المسدود.
*كاتب لبناني