بلغت التوترات بشأن الهجرة ذروتها، في الأيام القليلة الماضية، حين عقدت أقدم منظمة للحقوق المدنية للأميركيين المنحدرين من أميركا اللاتينية (الهسبانك) مؤتمرها السنوي في ميلواكي بولاية ويسكنسون بالغرب الأوسط الأميركي. فهناك حالة هلع من احتجاز أطفال صغار في مراكز احتجاز بائسة ومزدحمة على امتداد الحدود الجنوبية. وأوشك الرئيس دونالد ترامب، أن يضيف سؤال المواطنة في إحصاء 2020 للسكان لكنه تراجع أخيراً. والأسر التي تفتقر إلى وثائق ثبوتية على امتداد البلاد، تحبس أنفاسها مخافة مداهمة قوات الهجرة والجمارك التي قد تعتقل الآلاف، وترحلهم إلى بلدانهم الأصلية.
ويوم الجمعة الماضي، أضاف أعضاء «رابطة المواطنين الأميركيين اللاتينيين المتحدين» فعالية جديدة لقائمة أولويات مؤتمرهم، وتمثلت هذه الفعالية في مسيرة إلى المكتب المحلي للسناتور الجمهوري، رون جونسون، الذي رفض طلب مقابلتهم أثناء تواجدهم في المدينة. وأرسل المحتجون دمى في أقفاص إلى جونسون، وهو رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس الشيوخ، التي من مسؤوليتها الإشراف على الوكالات، التي تنفذ برامج الاحتجاز على الحدود.
لكن حين ظهر أربعة متسابقين، على ترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة في منتدى «الرابطة» قبل ذلك بليلة، كانت الأسئلة التي طرحت عليهم لا تمت لهذا الأمر بصلة. بل عكست الأسئلة اهتمامات أخرى للهسبانك في البلاد.
فقد سُئل المتسابق، جوليان كاسترو، وزير الإسكان والتنمية الحضرية السابق، عن الكلفة العالية لرسوم الدراسة الجامعية. ووعدت السناتور، اليزابيث وارين، بأنها إذا فازت بمنصب الرئيس، فسيحظى المرض العقلي بالتغطية الصحية نفسها التي تحظى بها المشكلات الطبية الأخرى. والسناتور بيرني ساندرز، سئل عن مدى قدرته على إقناع قطاع عريض من الناخبين، كي يدعموا اقتراحه بإزالة التأمين الصحي الخاص. وسئل بيتو أورورك عن الكيفية، التي يعيد بها إنعاش الطبقة المتوسطة.
صحيح، أن الديمقراطيين يتمتعون بتأييد انتخابي هائل ومميز وسط الناخبين الهسبانك، لكن هؤلاء الناخبين يتلكؤون تقليدياً عن المشاركة في الإدلاء بأصواتهم، مقارنة بالجماعات العرقية الأخرى. لكن انتخابات التجديد النصفي، في نوفمبر الماضي، شهدت زيادة بنسبة 50% في مشاركة الهسبانك، مقارنة مع انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، قبل ذلك بأربع سنوات. ورغم توقعات أن يمثل الهسبانك، فئة انتخابية حاسمة عام 2020، لكن دومينجو جارثياً رئيس «الرابطة»، أشار إلى خطأ وقع فيه متسابقون ديمقراطيون في مناظرة رئاسية في الآونة الأخيرة. فقد أيد كل المرشحين العشرة المشاركين في المناظرة تقديم تغطية صحية حكومية للأشخاص المقيمين في البلاد بشكل غير قانوني، ومعظم المرشحين الآخرين أعلنوا أنهم سيدعمون هذه الفكرة.
ويرى جارثيا، أنه مع الأخذ في الاعتبار، أن كثيرين من المواطنين الأميركيين يفتقرون إلى التغطية، ومنهم فئة غير متناسبة من الهسبانك، «فهذا ليس موقفاً جيداً كبداية في انتخابات عامة، ولن يكسبهم أصواتاً كثيرة في جماعة الهسبانك». وعبر جارثيا، عن مخاوفه من أن كلا الحزبين يداعب مشاعر المتطرفين في معسكره. وليس جارثيا الزعيم اللاتيني الوحيد القلق من احتمال أن يخلق الديمقراطيون مشكلات سياسية لأنفسهم، مع دخولهم مرحلة جديدة فيما يتعلق بالهجرة.
فهناك دعوة، إلى عدم تجريم عبور الحدود غير المصرح به، وأصبحت القضية محور جدل محتدم بين كاسترو وأورورك، أثناء أول مناظرة رئاسية. وترى سيسيليا، مونوث المعاونة البارزة السابقة لأوباما، أن مثل هذ الجدل يصب في مصلحة ترامب، ويدعم الحجة التي يقيمها بالفعل، وهي أن الديمقراطيين يدافعون عن جعل الحدود الأميركية الجنوبية مفتوحة. وأنعش ترامب، ربما دون قصد، شعور البلاد بقوى اليأس التي دفعت عدداً كبيراً بأن يغامروا بالمجيء إلى البلاد. لكن الناخبين الهسبانك يريدون أن يسمعوا من المرشحين الديمقراطيين أكثر مما سمعوا حتى الآن، وهذا من حقهم، لكن ليس فقط بشأن كيفية حل الأزمة على الحدود، بل أيضاً بشأن كيفية تحسين حياة كل الموجودين بالفعل في البلاد.