يواجه الرئيس دونالد ترامب، الذي يبدو منهمكاً في التراجع عن إرث سلفه، خطر تكرار الخطأ الأساسي الذي ارتكبه باراك أوباما فيما يتعلق بإيران: جعل المواجهة مع طهران تقتصر حصرياً على الأسلحة النووية.
في الأسابيع الأخيرة، كرر ترامب في مناسبات عديدة رغبته في التفاوض مع النظام في طهران، حتى مع فرض المزيد من العقوبات على المؤسسات والأفراد الإيرانيين، والتهديد بـ «المحو» حال تعرض الأميركيين للهجوم. وفي حين أن هذا لا يشبه تماماً «التحدث بنعومة والتلويح بالقوة»، فإنه على الأقل بمثابة محاكاة لاستراتيجية – باستثناء، كما ذكرت من قبل، أن الإدارة لم تحدد أهدافها بشكل صحيح.
ولكن مع الضغط للحصول على تعريف، تحدث ترامب في الغالب عن سعي إيران للحصول على أسلحة نووية، مشيراً إلى أن منع مثل هذه النتيجة سيكون الغرض من أي محادثات مع إيران. وقال لبرنامج «واجه الصحافة» على شبكة «إن بي سي»: «أعتقد أنهم يريدون التفاوض، وأعتقد أنهم يريدون إبرام صفقة. والصفقة معي نووية. لن يكون بوسعهم امتلاك سلاح نووي».
وقال إن هذه هي الرسالة التي بعث بها للمرشد الأعلى الإيراني على خامئني، من خلال رئيس الوزراء الياباني «شينزو آبي»: «قلت أرسل الرسالة التالية: لا يمكنك امتلاك سلاح نووي. وبخلاف ذلك، يمكننا الجلوس وإبرام اتفاق»، بيد أن هذه هي بالضبط الإشارة التي -أرسلها أوباما من خلال وزير خارجيته «جون كيري» – بعد أن وافق الإيرانيون في عام 2013 على إجراء مفاوضات تهدف إلى إنهاء العقوبات الاقتصادية. وتم الحفاظ على هذا المبدأ بعد عامين في خطة العمل المشتركة الشاملة: ستتخلى إيران عن طموحاتها النووية، في مقابل الوصول إلى الأسواق الدولية، والحصول على مليارات الدولارات من الأصول المجمدة.
وكانت الصفقة معيبة للغاية. وفي الواقع، فقد أعطت النظام الإيراني درعاً لتغطية أنشطته الخطيرة الأخرى – مثل دعم الإبادة الجماعية في سوريا ودعم الإرهاب في أماكن أخرى، جنبا إلى جنب مع تطوير الصواريخ الباليستية – والحصول على المزيد من المال للقيام بذلك. وقد فعل الإيرانيون ذلك بالضبط، حيث عززوا مساعدتهم لبشار الأسد في دمشق، و«حزب الله» في لبنان و«الحوثيين» في اليمن.
وفي الوقت نفسه، سمحت خطة العمل الشاملة المشتركة لإيران بالاحتفاظ بمخزون من اليورانيوم المخصب، وإمكانية استئناف سعيها للحصول على أسلحة نووية في غضون 10 -15 عاماً.
وبعد أن سحب ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق العام الماضي، أشارت وزارة الخارجية إلى أن أي مفاوضات مستقبلية ستشمل كل سلوك إيران الخبيث، وليس فقط برنامجها النووي. وأصدر وزير الخارجية «مايك بومبيو» قائمة تتضمن 12 مطلباً يجب على النظام الوفاء بها قبل إبرام صفقة جديدة: وتتضمن هذه المطالب إنهاء الدعم لجماعات مثل «حزب الله» وإنهاء برنامج الصواريخ الباليستية.
ولكن في إطار حرصه على «عقد صفقة» مع خامنئي – وربما تخيل التقاط صورة تذكارية معه، تشبه تجواله مع «كيم جونج أون» في كوريا الشمالية – يبدو أنه يغيب عن ذهن ترامب التهديد غير النووي الذي تمثله طهران. ففي مقابلته مع شبكة «إن بي سي»، أشار الرئيس بشكل سريع إلى برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، لكن كان من الواضح أين تكمن أولوياته: «هذا ما أريده: أي شيء يوصلك إلى هذه النتيجة».
ثم كرر أن إيران لا يمكنها امتلاك أسلحة نووية.
إنه موقف وافق عليه أوباما. وإذا كان له أي معنى، فإن خامنئي سيوافق عليه. من ناحية أخرى، هونت إيران من تأثير أي عقوبات أميركية جديدة. ونقلت وكالة أنباء إيرانية عن «عباس موسوي»، المتحدث باسم وزارة الخارجية، قوله إن هذه العقوبات «مجرد دعاية في ظل فرض كل أنواع العقوبات، ولم يعد هناك عقوبات أخرى متبقية».
*كاتب متخصص في شؤون الشرق الأوسط والعالم الإسلامي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
في الأسابيع الأخيرة، كرر ترامب في مناسبات عديدة رغبته في التفاوض مع النظام في طهران، حتى مع فرض المزيد من العقوبات على المؤسسات والأفراد الإيرانيين، والتهديد بـ «المحو» حال تعرض الأميركيين للهجوم. وفي حين أن هذا لا يشبه تماماً «التحدث بنعومة والتلويح بالقوة»، فإنه على الأقل بمثابة محاكاة لاستراتيجية – باستثناء، كما ذكرت من قبل، أن الإدارة لم تحدد أهدافها بشكل صحيح.
ولكن مع الضغط للحصول على تعريف، تحدث ترامب في الغالب عن سعي إيران للحصول على أسلحة نووية، مشيراً إلى أن منع مثل هذه النتيجة سيكون الغرض من أي محادثات مع إيران. وقال لبرنامج «واجه الصحافة» على شبكة «إن بي سي»: «أعتقد أنهم يريدون التفاوض، وأعتقد أنهم يريدون إبرام صفقة. والصفقة معي نووية. لن يكون بوسعهم امتلاك سلاح نووي».
وقال إن هذه هي الرسالة التي بعث بها للمرشد الأعلى الإيراني على خامئني، من خلال رئيس الوزراء الياباني «شينزو آبي»: «قلت أرسل الرسالة التالية: لا يمكنك امتلاك سلاح نووي. وبخلاف ذلك، يمكننا الجلوس وإبرام اتفاق»، بيد أن هذه هي بالضبط الإشارة التي -أرسلها أوباما من خلال وزير خارجيته «جون كيري» – بعد أن وافق الإيرانيون في عام 2013 على إجراء مفاوضات تهدف إلى إنهاء العقوبات الاقتصادية. وتم الحفاظ على هذا المبدأ بعد عامين في خطة العمل المشتركة الشاملة: ستتخلى إيران عن طموحاتها النووية، في مقابل الوصول إلى الأسواق الدولية، والحصول على مليارات الدولارات من الأصول المجمدة.
وكانت الصفقة معيبة للغاية. وفي الواقع، فقد أعطت النظام الإيراني درعاً لتغطية أنشطته الخطيرة الأخرى – مثل دعم الإبادة الجماعية في سوريا ودعم الإرهاب في أماكن أخرى، جنبا إلى جنب مع تطوير الصواريخ الباليستية – والحصول على المزيد من المال للقيام بذلك. وقد فعل الإيرانيون ذلك بالضبط، حيث عززوا مساعدتهم لبشار الأسد في دمشق، و«حزب الله» في لبنان و«الحوثيين» في اليمن.
وفي الوقت نفسه، سمحت خطة العمل الشاملة المشتركة لإيران بالاحتفاظ بمخزون من اليورانيوم المخصب، وإمكانية استئناف سعيها للحصول على أسلحة نووية في غضون 10 -15 عاماً.
وبعد أن سحب ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق العام الماضي، أشارت وزارة الخارجية إلى أن أي مفاوضات مستقبلية ستشمل كل سلوك إيران الخبيث، وليس فقط برنامجها النووي. وأصدر وزير الخارجية «مايك بومبيو» قائمة تتضمن 12 مطلباً يجب على النظام الوفاء بها قبل إبرام صفقة جديدة: وتتضمن هذه المطالب إنهاء الدعم لجماعات مثل «حزب الله» وإنهاء برنامج الصواريخ الباليستية.
ولكن في إطار حرصه على «عقد صفقة» مع خامنئي – وربما تخيل التقاط صورة تذكارية معه، تشبه تجواله مع «كيم جونج أون» في كوريا الشمالية – يبدو أنه يغيب عن ذهن ترامب التهديد غير النووي الذي تمثله طهران. ففي مقابلته مع شبكة «إن بي سي»، أشار الرئيس بشكل سريع إلى برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، لكن كان من الواضح أين تكمن أولوياته: «هذا ما أريده: أي شيء يوصلك إلى هذه النتيجة».
ثم كرر أن إيران لا يمكنها امتلاك أسلحة نووية.
إنه موقف وافق عليه أوباما. وإذا كان له أي معنى، فإن خامنئي سيوافق عليه. من ناحية أخرى، هونت إيران من تأثير أي عقوبات أميركية جديدة. ونقلت وكالة أنباء إيرانية عن «عباس موسوي»، المتحدث باسم وزارة الخارجية، قوله إن هذه العقوبات «مجرد دعاية في ظل فرض كل أنواع العقوبات، ولم يعد هناك عقوبات أخرى متبقية».
*كاتب متخصص في شؤون الشرق الأوسط والعالم الإسلامي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»