قبل وأثناء ورشة البحرين أثلج صدري أمران، الأول صدر عن العرب، والثاني صدر عن كوشنير. أما الأول فهو بيانات رسمية صدرت من الرياض وأبوظبى والقاهرة، تؤكد تمسك هذه العواصم الثلاث المركزية في الخريطة السياسية العربية، بأن الأساس المقبول لعملية السلام هو مبادرة السلام العربية ومبادئها التي تنص على إقامة الدولة الفلسطينية في حدود الرابع من يونيو وعاصمتها القدس الشريف، وإيجاد حل عادل لمشكلة اللاجئين.
لقد شعر الرأي العام في جميع الأقطار العربية، أن هذا التأكيد يحمل رداً حاسماً على التصريحات التلفزيونية التي أدلى بها كوشنير وقال فيها إن الحل السياسي للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي لن يكون على أساس مبادرة السلام العربية، بل سيكون في نقطة وسط بين ما تطرحه المبادرة وبين المطالب الإسرائيلية. نحن نعرف أن المطالب التي تطرحها حكومة اليمين الإسرائيلية هي مطالب توسعية مخالفة للقوانين الدولية، وهى ضم المناطق التي تقوم عليها المستوطنات في الضفة الغربية إلى إسرائيل والاستيلاء على غور الأردن.
بالتالي إذا كانت النقطة الوسط بين المبادرة العربية والمطالب الإسرائيلية التي يقصدها كوشنير هي مناصفة هذه الأراضي مثلاً، فإن مبادرة السلام العربية قد وفرت الحل العادل المتوافق مع القوانين الدولية، عندما فتحت الباب لمبدأ تبادل الأراضي بين الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وأرجو أن ينتبه كوشنير إلى أهمية هذا المبدأ. إن هذا المبدأ يؤكد أن مبادرة السلام العربية تبدي أعلى درجة من المرونة، وتقدم حلاً قابلاً للتطبيق كفيلاً بإرضاء الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني.
أما الأمر الثاني الذي أثلج صدري، فقد جاء على لسان كوشنير نفسه في كلمته أمام ورشة البحرين، وبدد به شكوكاً مقلقة ظن معها البعض أن برنامج السلام الافتصادي، الذي طرحته الإدارة الأميركية، سيكون بديلاً عن السلام السياسي الذي يعيد للشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.
كان أمراً مريحاً ومنطقياً أن ينص المشروع الأميركى المكتوب على أن برنامج السلام الافتصادي سيكون تالياً للحل السياسي، وكان أمراً مطمئناً أن يكرر كوشنير نفس المعنى لينفى بهذا الانطباع الذي تتركه بعض التصريحات الإسرائيلية التي تجعل من السلام الافتصادي بديلاً للسلام السياسي.
أرجو أن يبدد هذا التصريح من جانب كوشنير، عن أولوية الحل السياسي، التصريحات الإسرائيلية، التي لا ترى من السلام إلا فكرة دعم الاقتصاد الفلسطيني مع خضوع الفلسطينيين سياسياً للاحتلال وإملاءاته. من النماذج الأخيرة علي هذه التصريحات الإسرائيلية ذلك المقال الذي كتبه سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، دانى دانون، في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية بعنوان: ما هو الخطأ في أن يستسلم الفلسطينيون. فقد شبه «دانون» برنامج السلام الاقتصادي الذي طرحته «صفقة القرن» بمشروع مارشال الأميركي، الذي قام على معاونة الاقتصاد الأوروبي في أعقاب الحرب العالمية الثانية على النهوض، بما في ذلك اقتصاد ألمانيا النازية المهزومة. لقد أوحى المقال بطريقة تعسفية إلى أن السلطة الفلسطينية تشبه السلطة النازية، وبالتالي طالب الفلسطينيين أن يعترفوا بالهزيمة لينالوا الدعم الاقتصادي، كما فعلت ألمانيا عندما وقعت صك الاستسلام، وأقرت بهزيمتها، فحصلت على الدعم الاقتصادي الأميركي لإعادة بناء اقتصادها المنهار.
ما يغفل عنه اليمين الإسرائيلي أن هذا قياس خاطئ، فالشعب الفلسطيني لم يبادر بالعدوان كما فعلت ألمانيا النازية، بل هو ضحية لعدوان إسرائيلي، أضف إلى ذلك أن هذا الشعب جزء من الأمة العربية التي يتطلع الإسرائيليون إلى إقامة سلام شامل معها، وهو سلام ممكن من وجهة نظر العرب بشرط رئيسي، وهو أن تقبل إسرائيل مبادئ مبادرة السلام العربية الراسخة عندنا.
*أستاذ الدراسات العبرية- جامعة عين شمس
لقد شعر الرأي العام في جميع الأقطار العربية، أن هذا التأكيد يحمل رداً حاسماً على التصريحات التلفزيونية التي أدلى بها كوشنير وقال فيها إن الحل السياسي للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي لن يكون على أساس مبادرة السلام العربية، بل سيكون في نقطة وسط بين ما تطرحه المبادرة وبين المطالب الإسرائيلية. نحن نعرف أن المطالب التي تطرحها حكومة اليمين الإسرائيلية هي مطالب توسعية مخالفة للقوانين الدولية، وهى ضم المناطق التي تقوم عليها المستوطنات في الضفة الغربية إلى إسرائيل والاستيلاء على غور الأردن.
بالتالي إذا كانت النقطة الوسط بين المبادرة العربية والمطالب الإسرائيلية التي يقصدها كوشنير هي مناصفة هذه الأراضي مثلاً، فإن مبادرة السلام العربية قد وفرت الحل العادل المتوافق مع القوانين الدولية، عندما فتحت الباب لمبدأ تبادل الأراضي بين الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وأرجو أن ينتبه كوشنير إلى أهمية هذا المبدأ. إن هذا المبدأ يؤكد أن مبادرة السلام العربية تبدي أعلى درجة من المرونة، وتقدم حلاً قابلاً للتطبيق كفيلاً بإرضاء الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني.
أما الأمر الثاني الذي أثلج صدري، فقد جاء على لسان كوشنير نفسه في كلمته أمام ورشة البحرين، وبدد به شكوكاً مقلقة ظن معها البعض أن برنامج السلام الافتصادي، الذي طرحته الإدارة الأميركية، سيكون بديلاً عن السلام السياسي الذي يعيد للشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.
كان أمراً مريحاً ومنطقياً أن ينص المشروع الأميركى المكتوب على أن برنامج السلام الافتصادي سيكون تالياً للحل السياسي، وكان أمراً مطمئناً أن يكرر كوشنير نفس المعنى لينفى بهذا الانطباع الذي تتركه بعض التصريحات الإسرائيلية التي تجعل من السلام الافتصادي بديلاً للسلام السياسي.
أرجو أن يبدد هذا التصريح من جانب كوشنير، عن أولوية الحل السياسي، التصريحات الإسرائيلية، التي لا ترى من السلام إلا فكرة دعم الاقتصاد الفلسطيني مع خضوع الفلسطينيين سياسياً للاحتلال وإملاءاته. من النماذج الأخيرة علي هذه التصريحات الإسرائيلية ذلك المقال الذي كتبه سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، دانى دانون، في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية بعنوان: ما هو الخطأ في أن يستسلم الفلسطينيون. فقد شبه «دانون» برنامج السلام الاقتصادي الذي طرحته «صفقة القرن» بمشروع مارشال الأميركي، الذي قام على معاونة الاقتصاد الأوروبي في أعقاب الحرب العالمية الثانية على النهوض، بما في ذلك اقتصاد ألمانيا النازية المهزومة. لقد أوحى المقال بطريقة تعسفية إلى أن السلطة الفلسطينية تشبه السلطة النازية، وبالتالي طالب الفلسطينيين أن يعترفوا بالهزيمة لينالوا الدعم الاقتصادي، كما فعلت ألمانيا عندما وقعت صك الاستسلام، وأقرت بهزيمتها، فحصلت على الدعم الاقتصادي الأميركي لإعادة بناء اقتصادها المنهار.
ما يغفل عنه اليمين الإسرائيلي أن هذا قياس خاطئ، فالشعب الفلسطيني لم يبادر بالعدوان كما فعلت ألمانيا النازية، بل هو ضحية لعدوان إسرائيلي، أضف إلى ذلك أن هذا الشعب جزء من الأمة العربية التي يتطلع الإسرائيليون إلى إقامة سلام شامل معها، وهو سلام ممكن من وجهة نظر العرب بشرط رئيسي، وهو أن تقبل إسرائيل مبادئ مبادرة السلام العربية الراسخة عندنا.
*أستاذ الدراسات العبرية- جامعة عين شمس