لعل أكثر إعلان جرأةً، ذلك الذي صدر عن دونالد ترامب خلال صعوده إلى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، والذي قال فيه إنه سينشئ جداراً عظيماً على طول الحدود الأميركية المكسيكية، من أجل وقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين، وإنه سيجعل المكسيك تدفع تكلفة إنشاء الجدار. وقد كرر ترامب وعده بهذا الشأن مرات كثيرة، لاسيما خلال تجمعاته السياسية الصاخبة التي استمرت بعد إمساكه بزمام السلطة في البيت الأبيض لوقت طويل. ولئن كان واضحاً منذ البداية أن لا فرصة لهذه السياسة في أن تحظى بقبول أي حكومة مكسيكية، فقد واصل ترامب القول بأن المكسيك ستدفع ثمن الجدار بطريقة أو بأخرى، إما من خلال الاضطرار لدفع رسوم جمركية أعلى على الواردات الأميركية، أو من خلال تلقي مساعدات أميركية أقل على عدد من المشاريع الإنسانية التي يفترض أن تخدم مصالح كلا الجانبين.
وبعد عامين ونصف العام على ذلك الوعد، يعرف الجميع الآن أن هذه الاستراتيجية لم تنجح ولن تنجح أبداً، لكنها أثارت إعجاب قاعدة ترامب الانتخابية. لذلك ظل الرئيس يكرر بشكل أو بآخر المحتويات الأساسية لهذه السياسة.
وفي حالة كوريا الشمالية، استهل ترامب عهد إدارته بتوجيه تهديدات قوية وصاخبة للغاية ضد كيم جونغ أون، وذلك رداً على الاختبارات النووية وعمليات إطلاق الصواريخ التي قام بها نظام بيونج يانج. ثم استغل خطابه التصعيدي، وبمساعدة كوريا الجنوبية، لترتيب لقاءي قمة مع كيم جونغ أون في سنغافورة عام 2018 ثم في هانوي عام 2019، وذلك من أجل عقد اتفاق لجعل شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من السلاح النووي، ولإنهاء الأعمال العدائية رسمياً بين كوريا الشمالية من جهة وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة من جهة ثانية. لكن، ومثلما نقل ذلك وزير خارجية ترامب، مايك بومبيو، فإن الشروط لمثل هذا الاتفاق تقتضي تخلياً تاماً من قبل كوريا الشمالية عن برنامجها النووي، مع السماح بإجراء عمليات تفتيش لمرافقها ومنشآتها وتدمير برنامج أسلحتها النووية بشكل كامل.
والحال أنه كان من المستحيل أن يوافق أي زعيم كوري شمالي على مثل هذه الصفقة المتحيزة، ولهذا فإن المحادثات بين البلدين معلقة حالياً، ويسعى كيم جاهداً لحشد الدعم لبلده من كل من الصين وروسيا، اللتين لا تتمنى أي واحدة منهما رؤيةَ كوريا الشمالية تنهار، رغم أنهما ترغبان أيضاً في رؤية نهاية لبرنامج الأسلحة النووية الكوري الشمالي. وما زال ترامب وكيم يتبادلان الرسائل الإيجابية، والتي ذهب ترامب إلى حد وصفها بـ«رسائل حب»، غير أن احتمال تخلي «الشمال» عن برنامجه النووي يظل احتمالاً ضئيلاً جداً مثلما كان الحال دائماً.
وهو ما يحيل على دبلوماسية ترامب تجاه إيران، وهي الدبلوماسية التي تركز على تمزيق الاتفاق النووي الذي تم التفاوض حوله بصعوبة كبيرة، ووقعته كل من الولايات المتحدة (إدارة أوباما) وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي والصين وروسيا وإيران. لكن إدارة ترامب تطالب الآن باتفاق جديد مع إيران يغطي العديد من الجوانب الأخرى إلى جانب المسألة النووية نفسها. وقد وُضحت عقيدة ترامب الجديدة تجاه إيران وشُرحت بتفصيل كبير في خطاب ألقاه الوزير بومبيو بمؤسسة «هيريتيدج فاونديشن» في الحادي والعشرين من شهر مايو 2018. ومن بين العناصر الأخرى التي أشار إليها بومبيو؛ هناك اثنتا عشرة خطوة يجب على إيران أن تقوم بها إذا كانت ترغب في الانضمام إلى المجتمع الدولي من جديد.
وقد تضمنت تلك القائمة شروطاً مألوفة، مثل تزويد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتقرير كامل حول كل الجوانب السابقة لهذا البرنامج النووي، وإنهاء برنامج طهران الصاروخي، وإنهاء الدعم المالي والتسليحي لمليشيا «حزب الله» في لبنان والحوثيين في اليمن، وسحب كل القوات والمليشيات التابعة لها في سائر أنحاء سوريا. والقائمة طويلة، لكن معظم المراقبين وقتئذ اعتبروا الخطاب خيالاً سخيفاً، أو بعبارة أخرى «وصل ميتاً».
ومنذ ذلك الخطاب، تفاقم التوتر بين الولايات المتحدة وإيران أكثر، وازدادت احتمالات اندلاع الحرب بينهما أكثر من أي وقت مضى، لدرجة أن ترامب تدخل لدى مستشاريه المحسوبين على الصقور من أجل تهدئة الوضع بين الجانبين.
وبعد عامين ونصف العام على ذلك الوعد، يعرف الجميع الآن أن هذه الاستراتيجية لم تنجح ولن تنجح أبداً، لكنها أثارت إعجاب قاعدة ترامب الانتخابية. لذلك ظل الرئيس يكرر بشكل أو بآخر المحتويات الأساسية لهذه السياسة.
وفي حالة كوريا الشمالية، استهل ترامب عهد إدارته بتوجيه تهديدات قوية وصاخبة للغاية ضد كيم جونغ أون، وذلك رداً على الاختبارات النووية وعمليات إطلاق الصواريخ التي قام بها نظام بيونج يانج. ثم استغل خطابه التصعيدي، وبمساعدة كوريا الجنوبية، لترتيب لقاءي قمة مع كيم جونغ أون في سنغافورة عام 2018 ثم في هانوي عام 2019، وذلك من أجل عقد اتفاق لجعل شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من السلاح النووي، ولإنهاء الأعمال العدائية رسمياً بين كوريا الشمالية من جهة وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة من جهة ثانية. لكن، ومثلما نقل ذلك وزير خارجية ترامب، مايك بومبيو، فإن الشروط لمثل هذا الاتفاق تقتضي تخلياً تاماً من قبل كوريا الشمالية عن برنامجها النووي، مع السماح بإجراء عمليات تفتيش لمرافقها ومنشآتها وتدمير برنامج أسلحتها النووية بشكل كامل.
والحال أنه كان من المستحيل أن يوافق أي زعيم كوري شمالي على مثل هذه الصفقة المتحيزة، ولهذا فإن المحادثات بين البلدين معلقة حالياً، ويسعى كيم جاهداً لحشد الدعم لبلده من كل من الصين وروسيا، اللتين لا تتمنى أي واحدة منهما رؤيةَ كوريا الشمالية تنهار، رغم أنهما ترغبان أيضاً في رؤية نهاية لبرنامج الأسلحة النووية الكوري الشمالي. وما زال ترامب وكيم يتبادلان الرسائل الإيجابية، والتي ذهب ترامب إلى حد وصفها بـ«رسائل حب»، غير أن احتمال تخلي «الشمال» عن برنامجه النووي يظل احتمالاً ضئيلاً جداً مثلما كان الحال دائماً.
وهو ما يحيل على دبلوماسية ترامب تجاه إيران، وهي الدبلوماسية التي تركز على تمزيق الاتفاق النووي الذي تم التفاوض حوله بصعوبة كبيرة، ووقعته كل من الولايات المتحدة (إدارة أوباما) وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي والصين وروسيا وإيران. لكن إدارة ترامب تطالب الآن باتفاق جديد مع إيران يغطي العديد من الجوانب الأخرى إلى جانب المسألة النووية نفسها. وقد وُضحت عقيدة ترامب الجديدة تجاه إيران وشُرحت بتفصيل كبير في خطاب ألقاه الوزير بومبيو بمؤسسة «هيريتيدج فاونديشن» في الحادي والعشرين من شهر مايو 2018. ومن بين العناصر الأخرى التي أشار إليها بومبيو؛ هناك اثنتا عشرة خطوة يجب على إيران أن تقوم بها إذا كانت ترغب في الانضمام إلى المجتمع الدولي من جديد.
وقد تضمنت تلك القائمة شروطاً مألوفة، مثل تزويد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتقرير كامل حول كل الجوانب السابقة لهذا البرنامج النووي، وإنهاء برنامج طهران الصاروخي، وإنهاء الدعم المالي والتسليحي لمليشيا «حزب الله» في لبنان والحوثيين في اليمن، وسحب كل القوات والمليشيات التابعة لها في سائر أنحاء سوريا. والقائمة طويلة، لكن معظم المراقبين وقتئذ اعتبروا الخطاب خيالاً سخيفاً، أو بعبارة أخرى «وصل ميتاً».
ومنذ ذلك الخطاب، تفاقم التوتر بين الولايات المتحدة وإيران أكثر، وازدادت احتمالات اندلاع الحرب بينهما أكثر من أي وقت مضى، لدرجة أن ترامب تدخل لدى مستشاريه المحسوبين على الصقور من أجل تهدئة الوضع بين الجانبين.