عندما أسقطت إيران طائرة من دون طيار(درون) تابعة للبحرية الأميركية، أعلن الرئيس ترامب في ردة فعله الأولى أن «إيران قد وقعت في خطأ جسيم، وأن من يتساءلون عن رد الولايات المتحدة سيرون الرد بأعينهم». هذا التصريح الأول جعل كل المحللين السياسيين يتصورون أن الضربة الأميركية ستقع خلال 24 ساعة. هذا لم يدم، فقد لحقه تصريح آخر جاء فجأة ليعلن أن الخطأ الذي تحدث عنه الرئيس هو خطأ شخص وليس خطأ دولة، كما أعلن عن إيقاف عملية صغيرة لم تصمم لتكون بداية لحرب شاملة، بل كانت في طريقها لضرب عدد من الأهداف الإيرانية: ضرب مواقع الصواريخ التابعة للحرس الثوري ومواقع الرادار والدفاع الجوي، من نوع الهجمات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا. ومع ذلك، قرر الرئيس ترامب أن يستجيب لأصوات في البنتاجون وللمشرّعين «الديمقراطيين» ممن طالبوه بتهدئة التوترات، بدلاً من تصعيدها. هذا التغير المفاجئ وإجهاض العملية العقابية، أعادت إلى الرئيس الأميركي صفة «المتذبذب» التي يصمه بها خصومه «الديمقراطيون»، لقد أدار ظهره لضغط كبار مستشاريه، وزير الخارجية مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي جون بولتون ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبيل، الذين ألحوا عليه بشدة أن يقوم بعمل عسكري انتقامي لعلمهم بأن طائرة (Triton) قد أسقطت في المياه الدولية ولم تدخل الحدود الجوية الإيرانية.
وهناك سبب آخر أكبر من هذا دعا لضرورة الرد العسكري، إلا وهو أن التلكؤ في مواجهة إيران سيكون له انعكاسات سيئة، خاصة ما يتعلق بموقف أميركا المتراجع أمام الصين وروسيا وكوريا الشمالية. وتداركاً لهذا الخطأ الذي جعل سمعة أقوى دولة في العالم على المحك، تحركت يوم الجمعة الماضية بعض القوى في الإدارة الأميركية لتخفيف الأضرار التي نتجت عن تراجع ترامب، وحاولت أن تشدد على أن العملية لم تلغ، بل تأجلت فقط. أرجو ألا يفهم القراء الكرام أن كاتب هذه السطور داعية للحرب، فالحرب لا يفرح بها عاقل وكلنا في الخليج لا نريد الحرب، لكننا نريد ردع اعتداءات إيران بأقل التكاليف. ومع أن الاعتداء على الناقلات النفطية في الخليج مشكلة عويصة، إلا أنها ليست المشكلة الكبرى، فالأخطر منها هو أن إيران قد أعلنت أن 27 يونيو 2019 (الخميس المقبل)، سيكون اليوم الذي تتحرر فيه من بعض قيود الاتفاق النووي وحدود تخصيب اليورانيوم وأنها ستتجاوز معدل 300 كلغ لمخزونات اليورانيوم واحتياطي المياه الثقيلة 130 طناً في مفاعل «آراك»، فالإيرانيون يزعمون أنهم التزموا بناء على اتفاق فيينا بألا تتجاوز نسبة التخصيب 3.67% بينما يحتاج صناعة القنبلة الذرية إلى نسبة 90%.
كل هذا يقودنا إلى القول بأن إيران تريد واحداً من خيارين، إما استرجاع الاتفاق النووي أو الحرب. هؤلاء الأصوليون في كل مكان لا تهمهم حياة الإنسان، ولا يهمهم إن يموت مئات الألوف أو الملايين، في سبيل تحقيق أهدافهم، وإيران لن تتخلى عن مكتسبات أربعين سنة ما دام أن نظام الملالي يحكمها، لذلك يكمن الحل الوحيد في تغيير النظام، إن كان من سبيل لذلك.
ماذا يمكن للرئيس ترامب أن يفعله؟ كل إنسان له كلمة مفتاحية يكررها كثيراً لكثرة دورانها في ذهنه، وتفسر شخصيته، مفتاح شخصية الرئيس ترامب هي كلمة «mistake» إنه يخاف بشدة من ارتكاب الأخطاء التي قد تحرمه من فترة رئاسية ثانية، إنه رجل أعمال وليس برجل حرب، ولذلك سيلتصق أكثر بالمقاطعة الاقتصادية وتطبيق مزيد من العقوبات والتهديد باستخدام القوة. المشكلة طويلة الذيل وشديدة التعقيد، وليس لنا أن نتوقع حلولاً سحرية بين عشية وضحاها.
*كاتب سعودي
وهناك سبب آخر أكبر من هذا دعا لضرورة الرد العسكري، إلا وهو أن التلكؤ في مواجهة إيران سيكون له انعكاسات سيئة، خاصة ما يتعلق بموقف أميركا المتراجع أمام الصين وروسيا وكوريا الشمالية. وتداركاً لهذا الخطأ الذي جعل سمعة أقوى دولة في العالم على المحك، تحركت يوم الجمعة الماضية بعض القوى في الإدارة الأميركية لتخفيف الأضرار التي نتجت عن تراجع ترامب، وحاولت أن تشدد على أن العملية لم تلغ، بل تأجلت فقط. أرجو ألا يفهم القراء الكرام أن كاتب هذه السطور داعية للحرب، فالحرب لا يفرح بها عاقل وكلنا في الخليج لا نريد الحرب، لكننا نريد ردع اعتداءات إيران بأقل التكاليف. ومع أن الاعتداء على الناقلات النفطية في الخليج مشكلة عويصة، إلا أنها ليست المشكلة الكبرى، فالأخطر منها هو أن إيران قد أعلنت أن 27 يونيو 2019 (الخميس المقبل)، سيكون اليوم الذي تتحرر فيه من بعض قيود الاتفاق النووي وحدود تخصيب اليورانيوم وأنها ستتجاوز معدل 300 كلغ لمخزونات اليورانيوم واحتياطي المياه الثقيلة 130 طناً في مفاعل «آراك»، فالإيرانيون يزعمون أنهم التزموا بناء على اتفاق فيينا بألا تتجاوز نسبة التخصيب 3.67% بينما يحتاج صناعة القنبلة الذرية إلى نسبة 90%.
كل هذا يقودنا إلى القول بأن إيران تريد واحداً من خيارين، إما استرجاع الاتفاق النووي أو الحرب. هؤلاء الأصوليون في كل مكان لا تهمهم حياة الإنسان، ولا يهمهم إن يموت مئات الألوف أو الملايين، في سبيل تحقيق أهدافهم، وإيران لن تتخلى عن مكتسبات أربعين سنة ما دام أن نظام الملالي يحكمها، لذلك يكمن الحل الوحيد في تغيير النظام، إن كان من سبيل لذلك.
ماذا يمكن للرئيس ترامب أن يفعله؟ كل إنسان له كلمة مفتاحية يكررها كثيراً لكثرة دورانها في ذهنه، وتفسر شخصيته، مفتاح شخصية الرئيس ترامب هي كلمة «mistake» إنه يخاف بشدة من ارتكاب الأخطاء التي قد تحرمه من فترة رئاسية ثانية، إنه رجل أعمال وليس برجل حرب، ولذلك سيلتصق أكثر بالمقاطعة الاقتصادية وتطبيق مزيد من العقوبات والتهديد باستخدام القوة. المشكلة طويلة الذيل وشديدة التعقيد، وليس لنا أن نتوقع حلولاً سحرية بين عشية وضحاها.
*كاتب سعودي