تتعزز الشكوك بشأن ضلوع إيران في الهجوم على ناقلتي النفط في خليج عمان، مؤخراً. فقد أشار وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إلى إيران بأصابع الاتهام. ونشر مسؤولون أميركيون مقطعاً مصوراً لما يفترض أنه زورق تابع لقوات الحرس الثوري الإيراني إلى جانب إحدى الناقلتين. ويظهر في المقطع المصور رجال يتخلصون فيما يبدو من لغم ملتصق بهيكل ناقلة نفط، فيما يدل على أن الجناة كانوا يزيلون دليل جنايتهم.
وألقت الولايات المتحدة باللائمة أيضاً في الهجمات على ناقلتين، قبل ذلك، قرب ميناء الفجيرة على إيران. كما أشار تحقيق أجرته كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والنرويج إلى إيران بالقول إن «الفاعل دولة»، دون الشعور بالحاجة إلى تحديد اسم إيران. ونفت إيران المسؤولية ولجأ وزير خارجيتها، جواد ظريف، إلى نظريات المؤامرة، زاعماً أن التفجير من تنفيذ جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد). وما لم يكن المرء ميالاً إلى عدم تصديق إدارة ترامب، فإن معظم المحققين سيخبرونه بأن أوضح المتهمين يكون عادة هو مرتكب الجريمة. والساعون للعثور على منطق وراء الهجمات قد لا يجدون صعوبة في التعرف على السبب الذي يجعل إيران تقوم بهذا، لما هو معروف عن نظام طهران من افتقار للعقلانية.
وهناك صعوبة خاصة في فهم الهجمات في خليج عمان، لأن إحدى الناقلتين المستهدفتين كانت يابانية، ووقع الهجوم في اليوم ذاته الذي كان يجتمع فيه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي مع المرشد الإيرني، في مهمة سلام حظيت بدعاية إعلامية كبيرة. فمثل هذا الهجوم في هذا التوقيت غير مثمر بشكل استثنائي، فيما يبدو، حتى لو كان النظام أكثر الأنظمة التزاماً بنهج تدمير ذاته. لكن خامنئي أوضح احتقاره لمحاولة آبي التوسط بين طهران والبيت الأبيض. فقد رفض العرض وانطلق على «تويتر» بعد ذلك يطعن في ضيفه. وأكثر وجهات النظر سلامة نية لهذا الرفض هو أن خامنئي اعتبر رئيس الوزراء الياباني وكيلاً عن ترامب، وهو كذلك بمعنى ما، لأنه كان يحمل رسالة من ترامب. ويذكر أن اليابان كانت من كبار مستوردي النفط الإيراني إلى أن شدد ترامب عقوباته ضد طهران.
ويمكن أن نرى السبب الذي جعل إيران تهاجم الناقلتين، وتعرض للخطر الأرواح وأكثر طرق النفط حركة في العالم. أول شيء تجب ملاحظته هنا هو أن النظام أعلن مراراً أنه سيفعل هذا تحديداً، ملوحاً بمنطق: إما نحن أو لا أحد. وهذا لأن تشديد الولايات المتحدة للعقوبات أدى إلى تضييق الخناق على صادرات النفط الإيراني، ولذا رأى النظام أنه يجب ألا يسمح لأي شخص آخر بالمرور عبر المياه الواقعة في مرمى قوات الحرس الثوري الإيراني. وذكر تقرير لوكالة «رويترز» مؤخراً، أن صادرات النفط الإيرانية انخفضت إلى نحو 400 ألف برميل يومياً في مايو، مقابل 2.5 مليون برميل في أبريل من العام الماضي، وهو ما حرم الاقتصاد الإيراني من مصدر الدخل الرئيسي.
وهددت طهران من قبل بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره خمس استهلاك العالم من النفط، في حالة منعها من تصدير نفطها. ويعلم الإيرانيون أن هذه التهديدات، إذا تكررت، ستفقد قوتها ما لم يتبعها تحرك. والهجمات على الناقلات يمكن تفسيرها باعتبارها إظهاراً لأن «كلاب» خامنئي المهاجمة لها أنياب. وهناك تفسير منطقي آخر لهذا. فإذا وافقت إيران في نهاية المطاف على التفاوض مع الولايات المتحدة، فإنها تريد أن تأتي وبيدها ببعض أوراق الضغط إلى طاولة التفاوض، أي يكون لديها ما تستطيع مقايضته مقابل تخفيف أو رفع العقوبات. ففي المفاوضات بشأن الاتفاق النووي لعام 2015، استطاعت إيران تقديم تعليق برنامجها النووي. ولم يعد لديها الآن مثل هذه الورقة التفاوضية، رغم تهديدها، مؤخراً، بإعادة تشغيل أجهزتها للطرد المركزي من جديد. وربما حسب النظام أن الطريقة الوحيدة لتوفير نوع ما من الموقف التفاوضي هو الابتزاز: أي إما أن تنهوا العقوبات أو سنهاجم المزيد من ناقلات النفط ونجعل أسعار النفط ترتفع بشدة.
لكن رغم هذا، تقدم الهجمات على ناقلات النفط في خليج عمان صيغة غريبة من التفاؤل. فإذا أمعن المرء التفكير قليلاً فبوسعه أن يرى أن الإيرانيين يتحركون باتجاه المفاوضات. إنها استراتيجية عالية المخاطر هي أقرب إلى الفشل منها إلى النجاح. لكن هذه كانت بضاعة إيران التي تعرضها في الأسواق منذ 40 عاماً، ويجب ألا نتوقع ظهور منطق معقول في طهران قريباً.
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
وألقت الولايات المتحدة باللائمة أيضاً في الهجمات على ناقلتين، قبل ذلك، قرب ميناء الفجيرة على إيران. كما أشار تحقيق أجرته كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والنرويج إلى إيران بالقول إن «الفاعل دولة»، دون الشعور بالحاجة إلى تحديد اسم إيران. ونفت إيران المسؤولية ولجأ وزير خارجيتها، جواد ظريف، إلى نظريات المؤامرة، زاعماً أن التفجير من تنفيذ جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد). وما لم يكن المرء ميالاً إلى عدم تصديق إدارة ترامب، فإن معظم المحققين سيخبرونه بأن أوضح المتهمين يكون عادة هو مرتكب الجريمة. والساعون للعثور على منطق وراء الهجمات قد لا يجدون صعوبة في التعرف على السبب الذي يجعل إيران تقوم بهذا، لما هو معروف عن نظام طهران من افتقار للعقلانية.
وهناك صعوبة خاصة في فهم الهجمات في خليج عمان، لأن إحدى الناقلتين المستهدفتين كانت يابانية، ووقع الهجوم في اليوم ذاته الذي كان يجتمع فيه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي مع المرشد الإيرني، في مهمة سلام حظيت بدعاية إعلامية كبيرة. فمثل هذا الهجوم في هذا التوقيت غير مثمر بشكل استثنائي، فيما يبدو، حتى لو كان النظام أكثر الأنظمة التزاماً بنهج تدمير ذاته. لكن خامنئي أوضح احتقاره لمحاولة آبي التوسط بين طهران والبيت الأبيض. فقد رفض العرض وانطلق على «تويتر» بعد ذلك يطعن في ضيفه. وأكثر وجهات النظر سلامة نية لهذا الرفض هو أن خامنئي اعتبر رئيس الوزراء الياباني وكيلاً عن ترامب، وهو كذلك بمعنى ما، لأنه كان يحمل رسالة من ترامب. ويذكر أن اليابان كانت من كبار مستوردي النفط الإيراني إلى أن شدد ترامب عقوباته ضد طهران.
ويمكن أن نرى السبب الذي جعل إيران تهاجم الناقلتين، وتعرض للخطر الأرواح وأكثر طرق النفط حركة في العالم. أول شيء تجب ملاحظته هنا هو أن النظام أعلن مراراً أنه سيفعل هذا تحديداً، ملوحاً بمنطق: إما نحن أو لا أحد. وهذا لأن تشديد الولايات المتحدة للعقوبات أدى إلى تضييق الخناق على صادرات النفط الإيراني، ولذا رأى النظام أنه يجب ألا يسمح لأي شخص آخر بالمرور عبر المياه الواقعة في مرمى قوات الحرس الثوري الإيراني. وذكر تقرير لوكالة «رويترز» مؤخراً، أن صادرات النفط الإيرانية انخفضت إلى نحو 400 ألف برميل يومياً في مايو، مقابل 2.5 مليون برميل في أبريل من العام الماضي، وهو ما حرم الاقتصاد الإيراني من مصدر الدخل الرئيسي.
وهددت طهران من قبل بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره خمس استهلاك العالم من النفط، في حالة منعها من تصدير نفطها. ويعلم الإيرانيون أن هذه التهديدات، إذا تكررت، ستفقد قوتها ما لم يتبعها تحرك. والهجمات على الناقلات يمكن تفسيرها باعتبارها إظهاراً لأن «كلاب» خامنئي المهاجمة لها أنياب. وهناك تفسير منطقي آخر لهذا. فإذا وافقت إيران في نهاية المطاف على التفاوض مع الولايات المتحدة، فإنها تريد أن تأتي وبيدها ببعض أوراق الضغط إلى طاولة التفاوض، أي يكون لديها ما تستطيع مقايضته مقابل تخفيف أو رفع العقوبات. ففي المفاوضات بشأن الاتفاق النووي لعام 2015، استطاعت إيران تقديم تعليق برنامجها النووي. ولم يعد لديها الآن مثل هذه الورقة التفاوضية، رغم تهديدها، مؤخراً، بإعادة تشغيل أجهزتها للطرد المركزي من جديد. وربما حسب النظام أن الطريقة الوحيدة لتوفير نوع ما من الموقف التفاوضي هو الابتزاز: أي إما أن تنهوا العقوبات أو سنهاجم المزيد من ناقلات النفط ونجعل أسعار النفط ترتفع بشدة.
لكن رغم هذا، تقدم الهجمات على ناقلات النفط في خليج عمان صيغة غريبة من التفاؤل. فإذا أمعن المرء التفكير قليلاً فبوسعه أن يرى أن الإيرانيين يتحركون باتجاه المفاوضات. إنها استراتيجية عالية المخاطر هي أقرب إلى الفشل منها إلى النجاح. لكن هذه كانت بضاعة إيران التي تعرضها في الأسواق منذ 40 عاماً، ويجب ألا نتوقع ظهور منطق معقول في طهران قريباً.
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»