تتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، بسبب سلسلة من الهجمات على ناقلات نفط أثناء عبورها منطقة الخليج العربي في الأسابيع القليلة الماضية. وقد وقع أحدث هذه الهجمات حين انفجرت مواد ناسفة في ناقلتين في خليج عمان يوم 13 يونيو الجاري. وألقى الرئيس دونالد ترامب باللائمة في الهجمات على إيران. ونشرت وزارة الدفاع الأميركية مقطعاً مصوراً منخفض الوضوح، قالت إنه لقوات إيرانية تزيل لغماً ملتصقاً من إحدى السفينتين. وتنفي إيران ضلوعها بأي دور في هذه الهجمات أو في الضرر الذي لحق بأربع سفن أخرى في مايو الماضي.
ويأتي هذا السجال في غمرة مأزق بشأن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق إيران النووي، الذي أُبرم عام 2015 وقلصت إيران بموجبه برنامجها النووي مقابل إلغاء عقوبات عليها. وانسحب الرئيس ترامب من جانب واحد من الاتفاق في مايو 2018، ثم بدأ حملة «الضغط الأقصى» على إيران وفرض عقوبات مشددة عليها، في مسعى لإجبارها على قبول اتفاق نووي أكثر صرامة مع الولايات المتحدة.
والعنصر المحوري يتمثل في النطاق المحدود لمضيق هرمز الذي يربط الخليج العربي بالمحيط الهندي. ونحو خمس نفط العالم يمر عبر هذا المضيق الذي تقف إيران على جانبه الآخر. ويبلغ اتساع أضيق نقطة في المضيق 21 ميلاً فقط، وفيها يصبح المسار البحري للسفن في كل اتجاه ميلين فحسب، وهذا يرجع في جانب كبير منه إلى ضحالة المياه التي لا تسع السفن ذات الغاطس الكبير. ويتعين على الناقلات أن تقوم باستدارة حادة عند نقطة معينة في المضيق، مما يجعلها هدفاً سهلا للألغام وبعض السفن الصغيرة الأخرى أو الصواريخ التي تنطلق من على الساحل المقابل أو من الطائرات.
ويواظب الأسطول البحري الأميركي الخامس على تواجد دائم في الخليج العربي، مستخدماً قوارب حراسة ومدمرات مزودة بصواريخ موجهة وسفن خاصة بإزالة الألغام. وهذه القوات جزء من قوة بحرية مشتركة تجمع شركاء خليجيين وأوروبيين وحلفاء آسيويين. وتراقب الولايات المتحدة أيضاً المنطقةَ بالأقمار الاصطناعية والطائرات المسيرة عن بعد لاستكشاف التهديدات. لكن رغم دوريات الحراسة المستمرة للولايات المتحدة والحلفاء، فهناك حاجة إلى عمليات استطلاع أكثر دقةً لمنع ما يعتبره الخبراء التهديد الرئيسي لخطوط السير البحرية، أي الألغام.
ويرى «مايك كونيل»، الخبير في شؤون إيران والشرق الأوسط في منظمة «سي. إن. أيه» البحثية التي مقرها أرلنجتون في فرجينيا، أن أكبر تهديد ليس الألغام التي يمكن لصقها بالسفن، بل الألغام المزروعة في المياه. ويؤكد أن «عمليات إزالة الألغام صعبة للغاية لأي بحرية». وأشار مكونيل إلى أن مهمة منع وضع ألغام في المياه أو لصقها بالسفن مباشرة، تنفذها بشكل مثالي طائراتُ حراسة بحرية، لكن لا يمكنها أن تتواجد في كل مكان.
وأحد الخيارات يتمثل في أن تسير البحرية الأميركية بصحبة قوافل السفن التجارية لحمايتها من الهجمات. وستنشر البحرية الأميركية مدمرات أو طرادات للقيام بهذا العمل. والسفن الحربية توفر الحماية ضد إطلاق النار والصواريخ التي تستهدف الناقلات. وقد وفرت البحرية الأميركية مثل هذه الحراسة المصاحبة في ثمانينيات القرن الماضي خلال ما عرف باسم «حرب الناقلات» في الخليج بين العراق وإيران. وهذا النوع من الحراسة قد يمضي جنباً إلى جنب مع عمليات استكشاف الألغام وتطهير مسارات السفن منها. لكن البحرية الأميركية ليس لديها إلا عدد محدود من السفن الحربية المناسبة لمهمة الحراسة تلك، مما يجعل من الصعب استمرارها لفترات طويلة. ويعتقد جيمس هولمز، رئيس قسم الاستراتيجية البحرية في الكلية الحربية البحرية الأميركية، أن هذا «ثغرة في هيكل القوة بحاجة ماسة لسدها».
ويستطيع حلفاء الولايات المتحدة أن يقدموا المزيد من السفن الحربية لحراسة السفن التجارية. لكن شركات الشحن لا ترى في قوافل الحراسة البحرية حلاً مستديماً للتهديدات الأمنية. فقوافل الحراسة تتسبب في تأخيرٍ وفي كلفة إضافية وقلة كفاءة. ونتيجة لهذا اتخذت شركات الشحن خطوات من جانب واحد لدعم قدراتها على الدفاع الذاتي. وبعضها وظف حراساً مسلحين.
وإيران تدرك أنها ليست نداً بحال من الأحوال لخوض مواجهة مع القوات الأميركية. ولذا طورت إيران استراتيجية على مدار العقود الماضية لحرب غير نظامية وأنفقت سنوات في التدريب على إغلاق المضيق. وهذا يعني استخدام كل شيء، من الهجمات الجماعية بمئات القوارب السريعة والصواريخ المضادة للسفن والغواصات والمركبات المسيرة عن بعد تحت المياه. لكن تكتيكاتها المحورية في الخليج العربي هي الألغام وقوارب السرعة والصواريخ، بحسب تقرير لوكالة أنباء رسمية في سبتمبر الماضي.
وأعلنت إيران والولايات المتحدة صراحةً أنهما لا تريدان حرباً، لكن البيت الأبيض صور إرسالَ مجموعة من السفن الحربية الأميركية إلى الشرق الأوسط في مايو باعتباره رداً على إيران، وتعهد بقوة لا تتوقف إذا شنت إيران هجوماً. وفي المقابل، بدأت إيران تعزز معدل تخصيبها لليورانيوم وتعلن أنها ستخرق القيود التي تم الاتفاق عليها إذا لم تتغير الأوضاع في نهاية الشهر الجاري، بعد أن كانت تلتزم ببنود الاتفاق النووي بعد عام من انسحاب الولايات المتحدة. ويرى «ناصر هاديان»، الباحث في العلوم السياسية بجامعة طهران، أن ذلك الإعلان جزء من رد فعل إيران، أما الجزء الآخر فهو تحركها في الخليج العربي.
*مراسلة عسكرية أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
ويأتي هذا السجال في غمرة مأزق بشأن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق إيران النووي، الذي أُبرم عام 2015 وقلصت إيران بموجبه برنامجها النووي مقابل إلغاء عقوبات عليها. وانسحب الرئيس ترامب من جانب واحد من الاتفاق في مايو 2018، ثم بدأ حملة «الضغط الأقصى» على إيران وفرض عقوبات مشددة عليها، في مسعى لإجبارها على قبول اتفاق نووي أكثر صرامة مع الولايات المتحدة.
والعنصر المحوري يتمثل في النطاق المحدود لمضيق هرمز الذي يربط الخليج العربي بالمحيط الهندي. ونحو خمس نفط العالم يمر عبر هذا المضيق الذي تقف إيران على جانبه الآخر. ويبلغ اتساع أضيق نقطة في المضيق 21 ميلاً فقط، وفيها يصبح المسار البحري للسفن في كل اتجاه ميلين فحسب، وهذا يرجع في جانب كبير منه إلى ضحالة المياه التي لا تسع السفن ذات الغاطس الكبير. ويتعين على الناقلات أن تقوم باستدارة حادة عند نقطة معينة في المضيق، مما يجعلها هدفاً سهلا للألغام وبعض السفن الصغيرة الأخرى أو الصواريخ التي تنطلق من على الساحل المقابل أو من الطائرات.
ويواظب الأسطول البحري الأميركي الخامس على تواجد دائم في الخليج العربي، مستخدماً قوارب حراسة ومدمرات مزودة بصواريخ موجهة وسفن خاصة بإزالة الألغام. وهذه القوات جزء من قوة بحرية مشتركة تجمع شركاء خليجيين وأوروبيين وحلفاء آسيويين. وتراقب الولايات المتحدة أيضاً المنطقةَ بالأقمار الاصطناعية والطائرات المسيرة عن بعد لاستكشاف التهديدات. لكن رغم دوريات الحراسة المستمرة للولايات المتحدة والحلفاء، فهناك حاجة إلى عمليات استطلاع أكثر دقةً لمنع ما يعتبره الخبراء التهديد الرئيسي لخطوط السير البحرية، أي الألغام.
ويرى «مايك كونيل»، الخبير في شؤون إيران والشرق الأوسط في منظمة «سي. إن. أيه» البحثية التي مقرها أرلنجتون في فرجينيا، أن أكبر تهديد ليس الألغام التي يمكن لصقها بالسفن، بل الألغام المزروعة في المياه. ويؤكد أن «عمليات إزالة الألغام صعبة للغاية لأي بحرية». وأشار مكونيل إلى أن مهمة منع وضع ألغام في المياه أو لصقها بالسفن مباشرة، تنفذها بشكل مثالي طائراتُ حراسة بحرية، لكن لا يمكنها أن تتواجد في كل مكان.
وأحد الخيارات يتمثل في أن تسير البحرية الأميركية بصحبة قوافل السفن التجارية لحمايتها من الهجمات. وستنشر البحرية الأميركية مدمرات أو طرادات للقيام بهذا العمل. والسفن الحربية توفر الحماية ضد إطلاق النار والصواريخ التي تستهدف الناقلات. وقد وفرت البحرية الأميركية مثل هذه الحراسة المصاحبة في ثمانينيات القرن الماضي خلال ما عرف باسم «حرب الناقلات» في الخليج بين العراق وإيران. وهذا النوع من الحراسة قد يمضي جنباً إلى جنب مع عمليات استكشاف الألغام وتطهير مسارات السفن منها. لكن البحرية الأميركية ليس لديها إلا عدد محدود من السفن الحربية المناسبة لمهمة الحراسة تلك، مما يجعل من الصعب استمرارها لفترات طويلة. ويعتقد جيمس هولمز، رئيس قسم الاستراتيجية البحرية في الكلية الحربية البحرية الأميركية، أن هذا «ثغرة في هيكل القوة بحاجة ماسة لسدها».
ويستطيع حلفاء الولايات المتحدة أن يقدموا المزيد من السفن الحربية لحراسة السفن التجارية. لكن شركات الشحن لا ترى في قوافل الحراسة البحرية حلاً مستديماً للتهديدات الأمنية. فقوافل الحراسة تتسبب في تأخيرٍ وفي كلفة إضافية وقلة كفاءة. ونتيجة لهذا اتخذت شركات الشحن خطوات من جانب واحد لدعم قدراتها على الدفاع الذاتي. وبعضها وظف حراساً مسلحين.
وإيران تدرك أنها ليست نداً بحال من الأحوال لخوض مواجهة مع القوات الأميركية. ولذا طورت إيران استراتيجية على مدار العقود الماضية لحرب غير نظامية وأنفقت سنوات في التدريب على إغلاق المضيق. وهذا يعني استخدام كل شيء، من الهجمات الجماعية بمئات القوارب السريعة والصواريخ المضادة للسفن والغواصات والمركبات المسيرة عن بعد تحت المياه. لكن تكتيكاتها المحورية في الخليج العربي هي الألغام وقوارب السرعة والصواريخ، بحسب تقرير لوكالة أنباء رسمية في سبتمبر الماضي.
وأعلنت إيران والولايات المتحدة صراحةً أنهما لا تريدان حرباً، لكن البيت الأبيض صور إرسالَ مجموعة من السفن الحربية الأميركية إلى الشرق الأوسط في مايو باعتباره رداً على إيران، وتعهد بقوة لا تتوقف إذا شنت إيران هجوماً. وفي المقابل، بدأت إيران تعزز معدل تخصيبها لليورانيوم وتعلن أنها ستخرق القيود التي تم الاتفاق عليها إذا لم تتغير الأوضاع في نهاية الشهر الجاري، بعد أن كانت تلتزم ببنود الاتفاق النووي بعد عام من انسحاب الولايات المتحدة. ويرى «ناصر هاديان»، الباحث في العلوم السياسية بجامعة طهران، أن ذلك الإعلان جزء من رد فعل إيران، أما الجزء الآخر فهو تحركها في الخليج العربي.
*مراسلة عسكرية أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»