برزت فلسطين من جديد، كقضية الساعة، منذ تولي ترامب زمام الحكم في أميركا، وصعدت سلم الإعلام العالمي أكثر من الإعلام الإقليمي، عندما بدأت التقارير تتسرب عن «صفقة القرن»، والتي أطلق عليها أبومازن «صفقة العار»، وتجرأ ترامب على نقل سفارة بلاده إلى القدس، دون تحديد «الشرقية» منها و«الغربية».
لا أحد ينكر إطلاقاً، بأن البعد الاقتصادي في أي دولة أمر مفصلي وجوهري، وكثير من السياسات تُدار عبر الاقتصاد. ولكن هذا الوضع ينطبق على الدول المستقرة ذات السيادة والمستقلة. أما في فلسطين المحتلة، فقد تم ترك حصان الاقتصاد أمام عجلة السياسة، فلم نسمع عن حالة مماثلة في تاريخ نشأة الدول عبر العصور الغابرة ولا الحاضرة.
فلو عرجنا على المسؤول الأول عن القضية الفلسطينية، لكي نعرف موقفه من الورشة الاقتصادية، التي ستعقد أواخر الشهر الجاري بالبحرين، للحصول من الدول المشاركة على مساعدات تقدر ب 70 مليار دولار، من أجل إعمار غزة والضفة، وفي هذا الصدد قال «واصل أبو يوسف»، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، يوم الاثنين 26/5/2019: إن «أبومازن» سيطالب المشاركين في القمتين العربية والإسلامية بمقاطعة ورشة العمل الاقتصادية، التي تخطط الإدارة الأميركية لعقدها بالبحرين.
وأضاف «أبو يوسف»، في تصريح سابق لرويترز، «أن الرئيس عباس سليقي خطاباً أمام القمتين العربية والإسلامية في المملكة العربية السعودية، يطالب المشاركين فيهما بعدم المشاركة في ورشة العمل الاقتصادية، التي تنظمها الإدارة الأميركية في البحرين، ضمن الصفقة الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية». وإذا كان هذا موقف صاحب الشأن الفلسطيني، فلِمَ يلف «كوشنر» شرقاً وغرباً للتسويق لهذه «الصفقة» قبل إنشاء الدولة.
ومن جملة أخبار البيت الأبيض: أن «جاريد كوشنر» و«جيسون جرينبلات» و«برايان هوك»، زاروا الرباط والأردن والقدس، الشهر الماضي، ما يعني قبل انعقاد تلك الورشة الاقتصادية المرفوضة، من قِبل السلطة الفلسطينية، وكذلك ما صرح به وزير الخارجية الأردني: أي طرح اقتصادي لحل القضية الفلسطينية لن يكون بديلاً عن خطة سياسية تتضمن حل الدولتين.
و في الاجتماع الثلاثي، الذي عقد في الأردن، يوم الخميس 23/5/2019، تم التأكيد على هذه النقطة بالذات. الاجتماع الذي ضم كلا من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس العراقي برهم صالح، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، تم التركيز خلاله على عمق العلاقات الأخوية والتاريخية الأردنية العراقية الفلسطينية، وآخر التطورات الإقليمية. وتناول الاجتماع القضية الفلسطينية، وتم التأكيد على ضرورة دعم الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
إسرائيل تهرول إلى هذه الورشة الاقتصادية من ناحية، وتماطل من جهة أخرى في تحقيق مطالب أوسلو ومدريد وبيروت، ولا نعرف بالضبط ماذا تريد؟
نقول في بيروت 2002، وضع العرب بلا استثناء أمام إسرائيل اتفاقية سلام شاملة، مقابل دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، وهو الأمر الذي طال السجال حوله حرباً كلامية لقرابة سبعة عقود متواصلة، إلى أن جاءت زمن «صفقة القرن»، لتفرق العرب وتقسمهم مرة أخرى حول القضية المركزية، التي وحدتهم لسنين طويلة، وهو عين المطلوب أميركياً، ضمن سياسة منذ عهد ريجان وإلى عهد ترامب، الآن فرق تسد. كسينجر الذي لا زال مفعوله سارياً في الجسد العربي، الذي لا يحتمل تمزيقاً أكثر مما هو ممزق، بعد أن كان جسداً واحداً أمام تحديات القضية المركزية.
*كاتب إماراتي
لا أحد ينكر إطلاقاً، بأن البعد الاقتصادي في أي دولة أمر مفصلي وجوهري، وكثير من السياسات تُدار عبر الاقتصاد. ولكن هذا الوضع ينطبق على الدول المستقرة ذات السيادة والمستقلة. أما في فلسطين المحتلة، فقد تم ترك حصان الاقتصاد أمام عجلة السياسة، فلم نسمع عن حالة مماثلة في تاريخ نشأة الدول عبر العصور الغابرة ولا الحاضرة.
فلو عرجنا على المسؤول الأول عن القضية الفلسطينية، لكي نعرف موقفه من الورشة الاقتصادية، التي ستعقد أواخر الشهر الجاري بالبحرين، للحصول من الدول المشاركة على مساعدات تقدر ب 70 مليار دولار، من أجل إعمار غزة والضفة، وفي هذا الصدد قال «واصل أبو يوسف»، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، يوم الاثنين 26/5/2019: إن «أبومازن» سيطالب المشاركين في القمتين العربية والإسلامية بمقاطعة ورشة العمل الاقتصادية، التي تخطط الإدارة الأميركية لعقدها بالبحرين.
وأضاف «أبو يوسف»، في تصريح سابق لرويترز، «أن الرئيس عباس سليقي خطاباً أمام القمتين العربية والإسلامية في المملكة العربية السعودية، يطالب المشاركين فيهما بعدم المشاركة في ورشة العمل الاقتصادية، التي تنظمها الإدارة الأميركية في البحرين، ضمن الصفقة الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية». وإذا كان هذا موقف صاحب الشأن الفلسطيني، فلِمَ يلف «كوشنر» شرقاً وغرباً للتسويق لهذه «الصفقة» قبل إنشاء الدولة.
ومن جملة أخبار البيت الأبيض: أن «جاريد كوشنر» و«جيسون جرينبلات» و«برايان هوك»، زاروا الرباط والأردن والقدس، الشهر الماضي، ما يعني قبل انعقاد تلك الورشة الاقتصادية المرفوضة، من قِبل السلطة الفلسطينية، وكذلك ما صرح به وزير الخارجية الأردني: أي طرح اقتصادي لحل القضية الفلسطينية لن يكون بديلاً عن خطة سياسية تتضمن حل الدولتين.
و في الاجتماع الثلاثي، الذي عقد في الأردن، يوم الخميس 23/5/2019، تم التأكيد على هذه النقطة بالذات. الاجتماع الذي ضم كلا من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس العراقي برهم صالح، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، تم التركيز خلاله على عمق العلاقات الأخوية والتاريخية الأردنية العراقية الفلسطينية، وآخر التطورات الإقليمية. وتناول الاجتماع القضية الفلسطينية، وتم التأكيد على ضرورة دعم الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
إسرائيل تهرول إلى هذه الورشة الاقتصادية من ناحية، وتماطل من جهة أخرى في تحقيق مطالب أوسلو ومدريد وبيروت، ولا نعرف بالضبط ماذا تريد؟
نقول في بيروت 2002، وضع العرب بلا استثناء أمام إسرائيل اتفاقية سلام شاملة، مقابل دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، وهو الأمر الذي طال السجال حوله حرباً كلامية لقرابة سبعة عقود متواصلة، إلى أن جاءت زمن «صفقة القرن»، لتفرق العرب وتقسمهم مرة أخرى حول القضية المركزية، التي وحدتهم لسنين طويلة، وهو عين المطلوب أميركياً، ضمن سياسة منذ عهد ريجان وإلى عهد ترامب، الآن فرق تسد. كسينجر الذي لا زال مفعوله سارياً في الجسد العربي، الذي لا يحتمل تمزيقاً أكثر مما هو ممزق، بعد أن كان جسداً واحداً أمام تحديات القضية المركزية.
*كاتب إماراتي