في الوقت الذي يدرس فيه الرئيس دونالد ترامب رداً شاملاً على الاستهداف الإيراني لناقلات نفط في الخليج العربي الأسبوع الماضي، لا يشكك منتقدوه الأذكياء في احتمال استحقاق إيران للذنب. وبدلاً من ذلك، فهم يتساءلون «ماذا تتوقع؟». لذا فقد وافق النائب «آدم شيف»، رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب (وهو ديمقراطي)، على مسؤولية إيران على الهجمات، واصفاً الدليل على ذلك بـ«القوي للغاية والمقنع»، لكنه أعرب عن أسفه أيضاً لأن ترامب عزل الولايات المتحدة عن حلفائها، وكيف حذر هؤلاء الحلفاء ومحللو الاستخبارات الأميركية من أن «هذا النوع من رد الفعل الإيراني يُحتمل أنه كان – نتيجة لسياسة الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني». «شيف» محق بشأن هذه التحذيرات، لكنه مخطئ إذا كان يعني أن الولايات المتحدة مسؤولة بطريقة، أو بأخرى عن شراسة إيران مؤخراً، وهي النقطة التي أوضحها منتقدو ترامب الآخرون.
هذا النوع من التحليل يؤدي إلى بعض التوصيات السياسية الغريبة. بالفعل، يحث دبلوماسيون أوروبيون ترامب على التخلي عن حملته من ممارسة أقصى الضغوط وتبني أخرى لممارسة «أقصى درجات ضبط النفس».
هذا معناه أن يطلب ابتزازه. والآن مع تهديد إيران بتجاوز حدود تخصيب اليورانيوم المتفق عليها في الاتفاق النووي لعام 2015، من الأكثر أهمية أكثر من أي وقت مضى أن نفهم أن ضبط النفس والحوار لن يجعلا إيران ترضخ.
فلنبدأ بنقطة واضحة تتمثل في أن إيران تزعزع استقرار الشرق الأوسط حتى عندما كانت تجري مفاوضات مع الغرب حول برنامجها النووي، والتي بدأت في عام 2013. هذا هو أحد الأسباب التي تجعل ترامب يحاول الآن اتباع نهج ممارسة أقصى الضغوط – لحمل إيران على إنهاء مغامراتها في الشرق الأوسط.
وهناك جانب آخر لانتقاد سياسة ترامب، وهو الخوف من أن تؤدي سياسة حافة الهاوية (سياسة يُقصد بها تحقيق مكاسب معينة عن طريق تصعيد أزمة دولية ما) مع إيران إلى تكرار حرب العراق التي بدأت في عام 2003.
هذه ليست طريقة للنظر في الأمر. بادئ ذي بدء، إن ترامب وكبار مستشاريه لا يخططون لغزو واسع النطاق وإعادة إعمار إيران، كما فعلت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش مع العراق في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر. فقد أعلن البنتاجون أنه بصدد إرسال قوات قوامها ألف جندي، وأوضح أنه «لأغراض دفاعية». وقال لي مسؤولون في الإدارة إنه يجري النظر في توجيه ضربة محدودة على المرافق البحرية الإيرانية، جنباً إلى جنب مع خيارات أقل حركية، مثل الحراسة العسكرية لبعض الناقلات.
قبل ربع قرن، كان هذا النوع من التحرك العسكري يعرف باسم «دبلوماسية صواريخ كروز». وكان هناك الكثير من الانتقادات لقرار الرئيس بيل كلينتون بضرب أهداف في السودان وأفغانستان، رداً على قيام تنظيم «القاعدة» بتفجير سفارتين أميركيتين في أفريقيا، بيد أنه لم تكن هناك حجة موثوقة في ذلك الوقت بأن الهجمات كانت ذريعة للغزو الأميركي، ولا توجد حجة الآن على أن الضربات المحدودة ضد منشآت بحرية إيرانية ستؤدي إلى حرب برية.
والأهم من ذلك، أن الجمهور الذي يشعر بالقلق من شن حرب مع إيران يتجاهل حقيقة أن طهران قد شنت حربها الخاصة ضد الولايات المتحدة وحلفائها لعقود. فقد قامت بتزويد المتمردين في العراق وأفغانستان بالقنابل التي تُزرع على الطريق، كما شوهت وقتلت الجنود الأميركيين. وفي الآونة الأخيرة، تم ربط دبلوماسيين وعملاء إيرانيين بمؤامرات إرهابية في أوروبا الغربية.
لقد بدأ عدوان إيران قبل فترة طويلة من حملة الرئيس دونالد ترامب لممارسة أقصى الضغوط. لقد كانت سمة من سمات فن الحكم الإيراني منذ ثورة عام 1979. فإذا كان الحلفاء في أوروبا و«ديمقراطيو»الكونجرس يشعرون بالقلق من الحرب مع إيران، يتعين عليهم البدء في اعتبار النظام مسؤولا عن أفعاله، بدلاً من إلقاء اللوم على إدارة تحاول ردعه.
*كاتب أميركي متخصص في شؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
هذا النوع من التحليل يؤدي إلى بعض التوصيات السياسية الغريبة. بالفعل، يحث دبلوماسيون أوروبيون ترامب على التخلي عن حملته من ممارسة أقصى الضغوط وتبني أخرى لممارسة «أقصى درجات ضبط النفس».
هذا معناه أن يطلب ابتزازه. والآن مع تهديد إيران بتجاوز حدود تخصيب اليورانيوم المتفق عليها في الاتفاق النووي لعام 2015، من الأكثر أهمية أكثر من أي وقت مضى أن نفهم أن ضبط النفس والحوار لن يجعلا إيران ترضخ.
فلنبدأ بنقطة واضحة تتمثل في أن إيران تزعزع استقرار الشرق الأوسط حتى عندما كانت تجري مفاوضات مع الغرب حول برنامجها النووي، والتي بدأت في عام 2013. هذا هو أحد الأسباب التي تجعل ترامب يحاول الآن اتباع نهج ممارسة أقصى الضغوط – لحمل إيران على إنهاء مغامراتها في الشرق الأوسط.
وهناك جانب آخر لانتقاد سياسة ترامب، وهو الخوف من أن تؤدي سياسة حافة الهاوية (سياسة يُقصد بها تحقيق مكاسب معينة عن طريق تصعيد أزمة دولية ما) مع إيران إلى تكرار حرب العراق التي بدأت في عام 2003.
هذه ليست طريقة للنظر في الأمر. بادئ ذي بدء، إن ترامب وكبار مستشاريه لا يخططون لغزو واسع النطاق وإعادة إعمار إيران، كما فعلت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش مع العراق في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر. فقد أعلن البنتاجون أنه بصدد إرسال قوات قوامها ألف جندي، وأوضح أنه «لأغراض دفاعية». وقال لي مسؤولون في الإدارة إنه يجري النظر في توجيه ضربة محدودة على المرافق البحرية الإيرانية، جنباً إلى جنب مع خيارات أقل حركية، مثل الحراسة العسكرية لبعض الناقلات.
قبل ربع قرن، كان هذا النوع من التحرك العسكري يعرف باسم «دبلوماسية صواريخ كروز». وكان هناك الكثير من الانتقادات لقرار الرئيس بيل كلينتون بضرب أهداف في السودان وأفغانستان، رداً على قيام تنظيم «القاعدة» بتفجير سفارتين أميركيتين في أفريقيا، بيد أنه لم تكن هناك حجة موثوقة في ذلك الوقت بأن الهجمات كانت ذريعة للغزو الأميركي، ولا توجد حجة الآن على أن الضربات المحدودة ضد منشآت بحرية إيرانية ستؤدي إلى حرب برية.
والأهم من ذلك، أن الجمهور الذي يشعر بالقلق من شن حرب مع إيران يتجاهل حقيقة أن طهران قد شنت حربها الخاصة ضد الولايات المتحدة وحلفائها لعقود. فقد قامت بتزويد المتمردين في العراق وأفغانستان بالقنابل التي تُزرع على الطريق، كما شوهت وقتلت الجنود الأميركيين. وفي الآونة الأخيرة، تم ربط دبلوماسيين وعملاء إيرانيين بمؤامرات إرهابية في أوروبا الغربية.
لقد بدأ عدوان إيران قبل فترة طويلة من حملة الرئيس دونالد ترامب لممارسة أقصى الضغوط. لقد كانت سمة من سمات فن الحكم الإيراني منذ ثورة عام 1979. فإذا كان الحلفاء في أوروبا و«ديمقراطيو»الكونجرس يشعرون بالقلق من الحرب مع إيران، يتعين عليهم البدء في اعتبار النظام مسؤولا عن أفعاله، بدلاً من إلقاء اللوم على إدارة تحاول ردعه.
*كاتب أميركي متخصص في شؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»