بعد أن اقتحم مسلحون حرم الجامعة الأميركية في أفغانستان، في أغسطس 2016، وجد «محمد أنيل قاسمي» نفسه على حافة نافذة في الطابق الثاني، يتأهب للقفز.
ولم تتح الفرصة لطالب الجامعة الأميركية، فقد ألقى أحد المهاجمين قنبلة يدوية، وألقى الانفجار بقاسمي على الأرض مصاباً بشظية في الرأس وعدة كسور في العظام.
ولم يستطع الطالب المصاب نسيان كلمات التحذير السابقة من والده بشأن التحاقه بالجامعة: «لا تذهب هناك، لأن اسم (أميركية) في حد ذاته يعد خطراً».
وقد نجا قاسمي، حيث تفوق بذكائه أولاً على مقاتلي «طالبان»، الذين بحثوا عنه كثيراً في تلك الليلة، وبعد ذلك خضع لسبع عمليات جراحية.
لكن الهجوم، الذي أودى بحياة 13 شخصاً في المؤسسة التي تمولها الولايات المتحدة، يشير إلى تحدٍ غير لائق لإنشاء الولايات المتحدة لجامعة رائدة في أفغانستان، والتي تهدف إلى تخريج قادة المستقبل، مع شن أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة.
ويتناقض مع هذا التضارب – المتمثل في إنشاء قوة ناعمة خيرية تحظى بالتقدير على نطاق واسع- والانخراط في نفس الوقت في حرب الطلاب الأفغان الذين يقولون إنهم يستمتعون بتعلم الفنون الليبرالية على الطريقة الأميركية.
وقال قاسمي، الذي يدرس الآن إدارة الأعمال، في مقابلة مع عدد من طلاب الجامعة: «أريد أن أرى المئات والآلاف من أماكن التنوير مثل هذا المكان في بلدي».
ويشير قاسمي إلى المعضلة التي تواجه جميع الطلاب هنا حيث «يتورط المدنيون بين الأطراف المتحاربة». وفي الواقع، فقد شهدت الثلاثة أشهر الأولى من 2019 مقتل المزيد من المدنيين على يد القوات الأميركية والأفغانية، أكثر من «طالبان» وغيره من المتمردين.
وأوضح قاسمي أن «القوات الأجنبية الأميركية في أفغانستان تساهم في الصراع والعنف وقتل المدنيين والإرهابيين. والجامعة الأميركية في أفغانستان تساهم في الحضارة والتعليم وحل التحديات لأننا نتعلم الحوار».
وبينما يؤيد قاسمي «القضاء على الإرهابيين»، يقول إن دراسته علمته ألا يكره حتى المهاجمين. وقال: «تلك هي قوة التعليم. إنه يعلمك أن تكره أقل وتحب أكثر، ويعلمك مزيداً من الاحترام والتسامح».
منذ أن أسسها وزير التعليم العالي الأسبق، «شريف فايز»، واستقبل أول دفعة من الطلاب عام 2006 – بعد خمس سنوات من تدبير القوات العسكرية الأميركية للإطاحة بتنظيم «طالبان» المتشدد – قامت الجامعة الأميركية في أفغانستان بتخريج 1250 طالباً من كل مقاطعة في البلاد.
ويقوم أساتذة من أميركا وأفغانستان و17 دولة أخرى بتدريس مناهج مصممة وفقاً للاحتياجات الأفغانية، مثل مواد حل النزاعات وقانون الانتخابات المتقدم. ويقوم المؤرخ الشهير «مايكل باري» بتدريس دروس في الفن الإسلامي، ليظهر دور أفغانستان التاريخي المهم.
وفي حفلات التخرج، التي تجرى في 21 مايو من كل عام، تظهر لافتة عليها شعار الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وكلمات: «من الشعب الأميركي».
يقول «محمد عارف نورزاي»، وزير مياه وطاقة سابق من قندهار: «تقدم الجامعة الأميركية التعليم العالي لأبناء وبنات الشعب الأفغاني. ومن خلال هذه الجامعة، سترتبط بلادنا والولايات المتحدة مع بعضهم البعض».
ويصف الطلاب والخريجون ردود أفعالهم الإيجابية الناجمة عن تعليمهم هنا. والعديد منهم تغلب على التشكك بشأن الذهاب إلى مدرسة «أميركية» تصفها حركة «طالبان» بأنها جامعة «مسيحية» عازمة على تدمير الإسلام.
تقول «شفيقة خبلاك»، وهي دارسة للعلوم السياسية وكاتبة عمود في خدمة «بي. بي. سي»: «خلف هذه الجدران، هناك بيئة مختلفة تماماً، وعليك إثبات أنك ما زلت فتاة جيدة، ومسلمة صالحة، وقومية. أنت لا تضغطين من أجل أميركا ولست عميلة لها».
وأوضحت «خبلاك» أن الجامعة الأميركية «تفتح لك الباب أمام العالم، لتواجهين أشخاصاً مختلفين من خلفيات مختلفة، وتصبحين أكثر انفتاحاً. يكون لك حلم كبير وتريدين أن تكوني شخصاً مختلفاً».
لم تعلن «طالبان» مسؤوليتها عن هجوم 2016، لكن عملاءها أشادوا بالنتائج باعتبارها ضربة لـ«العدو» ولـ«أمركة» أفغانستان. ومع ذلك، كان هناك مسجد في الحرم الجامعي الأصلي، وآخر قيد الإنشاء في الحرم الجديد. وكان من بين القتلى مدرس للشريعة الإسلامية وطالب متدين يؤم صلاة المسلمين.
يقول مسؤول أوروبي في كابول: «إذا التقيت شخصاً يتقن الإنجليزية، اعلم أنه تلقى تعليمه في الجامعة الأميركية، فطريقة تفكيرهم في الأمور رائعة».
وقال المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته: «إنها قوة ناعمة رائعة. فلديك العديد من المنتقدين للأميركيين، ولكن كي أكون صادقاً، من يستطيع قول إن هذا الجامعة ليست لها أجندة سياسية، وأن نشر تعليم الفنون الليبرالية الجيدة لا يقدمك بطريقة على الطراز الأميركي».
ومع ذلك، لا يزال هناك أستاذ أميركي وآخر أسترالي، تم اختطافهما في منتصف 2016 وما زالا محتجزين. وتواجه الجامعة قضايا أخرى من الممكن أن تعرض مستقبلها للخطر، ورغم ذلك، فإن الجامعة الأميركية في كابول تعتبر على نطاق واسع أهم إرث للإنفاق على التنمية في أفغانستان، والذي أوجد الأساس لجيل جديد من القادة الأفغان.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ستينس مونيتور»
ولم تتح الفرصة لطالب الجامعة الأميركية، فقد ألقى أحد المهاجمين قنبلة يدوية، وألقى الانفجار بقاسمي على الأرض مصاباً بشظية في الرأس وعدة كسور في العظام.
ولم يستطع الطالب المصاب نسيان كلمات التحذير السابقة من والده بشأن التحاقه بالجامعة: «لا تذهب هناك، لأن اسم (أميركية) في حد ذاته يعد خطراً».
وقد نجا قاسمي، حيث تفوق بذكائه أولاً على مقاتلي «طالبان»، الذين بحثوا عنه كثيراً في تلك الليلة، وبعد ذلك خضع لسبع عمليات جراحية.
لكن الهجوم، الذي أودى بحياة 13 شخصاً في المؤسسة التي تمولها الولايات المتحدة، يشير إلى تحدٍ غير لائق لإنشاء الولايات المتحدة لجامعة رائدة في أفغانستان، والتي تهدف إلى تخريج قادة المستقبل، مع شن أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة.
ويتناقض مع هذا التضارب – المتمثل في إنشاء قوة ناعمة خيرية تحظى بالتقدير على نطاق واسع- والانخراط في نفس الوقت في حرب الطلاب الأفغان الذين يقولون إنهم يستمتعون بتعلم الفنون الليبرالية على الطريقة الأميركية.
وقال قاسمي، الذي يدرس الآن إدارة الأعمال، في مقابلة مع عدد من طلاب الجامعة: «أريد أن أرى المئات والآلاف من أماكن التنوير مثل هذا المكان في بلدي».
ويشير قاسمي إلى المعضلة التي تواجه جميع الطلاب هنا حيث «يتورط المدنيون بين الأطراف المتحاربة». وفي الواقع، فقد شهدت الثلاثة أشهر الأولى من 2019 مقتل المزيد من المدنيين على يد القوات الأميركية والأفغانية، أكثر من «طالبان» وغيره من المتمردين.
وأوضح قاسمي أن «القوات الأجنبية الأميركية في أفغانستان تساهم في الصراع والعنف وقتل المدنيين والإرهابيين. والجامعة الأميركية في أفغانستان تساهم في الحضارة والتعليم وحل التحديات لأننا نتعلم الحوار».
وبينما يؤيد قاسمي «القضاء على الإرهابيين»، يقول إن دراسته علمته ألا يكره حتى المهاجمين. وقال: «تلك هي قوة التعليم. إنه يعلمك أن تكره أقل وتحب أكثر، ويعلمك مزيداً من الاحترام والتسامح».
منذ أن أسسها وزير التعليم العالي الأسبق، «شريف فايز»، واستقبل أول دفعة من الطلاب عام 2006 – بعد خمس سنوات من تدبير القوات العسكرية الأميركية للإطاحة بتنظيم «طالبان» المتشدد – قامت الجامعة الأميركية في أفغانستان بتخريج 1250 طالباً من كل مقاطعة في البلاد.
ويقوم أساتذة من أميركا وأفغانستان و17 دولة أخرى بتدريس مناهج مصممة وفقاً للاحتياجات الأفغانية، مثل مواد حل النزاعات وقانون الانتخابات المتقدم. ويقوم المؤرخ الشهير «مايكل باري» بتدريس دروس في الفن الإسلامي، ليظهر دور أفغانستان التاريخي المهم.
وفي حفلات التخرج، التي تجرى في 21 مايو من كل عام، تظهر لافتة عليها شعار الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وكلمات: «من الشعب الأميركي».
يقول «محمد عارف نورزاي»، وزير مياه وطاقة سابق من قندهار: «تقدم الجامعة الأميركية التعليم العالي لأبناء وبنات الشعب الأفغاني. ومن خلال هذه الجامعة، سترتبط بلادنا والولايات المتحدة مع بعضهم البعض».
ويصف الطلاب والخريجون ردود أفعالهم الإيجابية الناجمة عن تعليمهم هنا. والعديد منهم تغلب على التشكك بشأن الذهاب إلى مدرسة «أميركية» تصفها حركة «طالبان» بأنها جامعة «مسيحية» عازمة على تدمير الإسلام.
تقول «شفيقة خبلاك»، وهي دارسة للعلوم السياسية وكاتبة عمود في خدمة «بي. بي. سي»: «خلف هذه الجدران، هناك بيئة مختلفة تماماً، وعليك إثبات أنك ما زلت فتاة جيدة، ومسلمة صالحة، وقومية. أنت لا تضغطين من أجل أميركا ولست عميلة لها».
وأوضحت «خبلاك» أن الجامعة الأميركية «تفتح لك الباب أمام العالم، لتواجهين أشخاصاً مختلفين من خلفيات مختلفة، وتصبحين أكثر انفتاحاً. يكون لك حلم كبير وتريدين أن تكوني شخصاً مختلفاً».
لم تعلن «طالبان» مسؤوليتها عن هجوم 2016، لكن عملاءها أشادوا بالنتائج باعتبارها ضربة لـ«العدو» ولـ«أمركة» أفغانستان. ومع ذلك، كان هناك مسجد في الحرم الجامعي الأصلي، وآخر قيد الإنشاء في الحرم الجديد. وكان من بين القتلى مدرس للشريعة الإسلامية وطالب متدين يؤم صلاة المسلمين.
يقول مسؤول أوروبي في كابول: «إذا التقيت شخصاً يتقن الإنجليزية، اعلم أنه تلقى تعليمه في الجامعة الأميركية، فطريقة تفكيرهم في الأمور رائعة».
وقال المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته: «إنها قوة ناعمة رائعة. فلديك العديد من المنتقدين للأميركيين، ولكن كي أكون صادقاً، من يستطيع قول إن هذا الجامعة ليست لها أجندة سياسية، وأن نشر تعليم الفنون الليبرالية الجيدة لا يقدمك بطريقة على الطراز الأميركي».
ومع ذلك، لا يزال هناك أستاذ أميركي وآخر أسترالي، تم اختطافهما في منتصف 2016 وما زالا محتجزين. وتواجه الجامعة قضايا أخرى من الممكن أن تعرض مستقبلها للخطر، ورغم ذلك، فإن الجامعة الأميركية في كابول تعتبر على نطاق واسع أهم إرث للإنفاق على التنمية في أفغانستان، والذي أوجد الأساس لجيل جديد من القادة الأفغان.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ستينس مونيتور»