على عكس كثير من دول المنطقة في التعامل مع الكفاءات العلمية والمستثمرين الأجانب، قررت دولة الإمارات العربية المتحدة منح قرابة سبعة آلاف مستثمر أجنبي إقامةً دائمةً بموجب نظام «البطاقة الذهبية»، وصرح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عبر حسابه على «تويتر»، بالقول: «أطلقنا اليوم نظام الإقامة الدائمة (البطاقة الذهبية) في دولة الإمارات.. إقامة دائمة للمستثمرين، وللكفاءات الاستثنائية في مجالات الطب والهندسة والعلوم وكافة الفنون». وأوضح سموه أن الدفعة الأولى من مستحقي «البطاقة الذهبية» تشمل 6800 مستثمر يبلغ إجمالي استثماراتهم 100 مليار درهم.
وتأتي هذه الخطوة الجريئة من دولة الإمارات لاعتبارات كثيرة؛ أهمها دعم اقتصاد الدولة، وهي تتجه تدريجياً نحو تقليل الاعتماد على النفط وتقليص حصته في الناتج المحلي الإجمالي، لاسيما في ظل التوجه العالمي المتزايد نحو الطاقات البديلة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة المياه، وتخلي سيارات المستقبل عن البترول واستبداله بالطاقة الكهربائية.
الخطوة الإماراتية جريئة ومستحقة وقد جاءت في وقتها، حيث أدركت كل دول العالم أن الثروة الحقيقة تكمن في الإنسان (أو الثروة البشرية) وليس في الموارد الطبيعية كالنفط والفحم والمعادن الثمينة وغيرها من الثروات الطبيعية.
لدينا تجارب معاصرة رائدة في إصرار الإنسان وإبداعه عندما لا تتوفر لديه موارد طبيعية؛ مثل التجارب اليابانية والسنغافورية والسويسرية والماليزية.. فكل هذه الدول لا تملك ثروات طبيعية ذات شأن كبير، لكنها أصبحت أغنى دول العالم، ولديها أعلى معدلات الدخل على مستوى الكرة الأرضية ككل، لأنها اعتمدت على الإنسان من خلال العمل والتعليم وعقلية الابتكار والخلق والإبداع في مختلف المجالات.
والدول التي تتقدم في مجال المنافسة العالمية حالياً هي الدول التي تحرص على استقطاب أفضل العقول البشرية للعمل والاستقرار فيها، والتجربة الأميركية خير مثال على ذلك، حيث حرصت الولايات المتحدة على أن تكون عاصمة العالم في مجال التكنولوجيا، فجنّست أفضل العلماء من جميع أنحاء العالم، وكان تركيزها في البداية على أوروبا الغربية، لكنها اليوم تستقطب العقول الآسيوية والأفريقية والأميركية اللاتينية، لذلك نجد أن ربع مدراء ومؤسسي الشركات الأميركية العملاقة من أصول هندية.
لقد استفادت منطقة الخليج العربية من الوافدين الأجانب القادمين إليها من كل أنحاء العالم بعد اكتشاف النفط وبدء عملية بناء الدول الخليجية.. وازداد اعتماد هذه الدول على العمالة الأجنبية حتى أصبح المواطنون في بعضها أقلية، لاسيما أن معظم العمالة الأجنبية عمالة «هامشية»، أي عمالة مساعدة أو عمالة منزلية. والحقيقة المرة أننا لم نستفد كثيراً من أصحاب الكفاءات العلمية والأدبية والمستثمرين الأجانب في بلداننا، إذ لم تتضمن معايير التجنيس معيار الكفاءة العلمية والفكرية.
لكن دولة الإمارات خالفت ذلك التوجه، وهي اليوم تمنح الكفاءات العلمية والأدبية والفنية والمستثمرين الأجانب إقامةً دائمةً، بغية إعطائهم الشعور بالاستقرار والأمان حتى يستطيعوا الإنتاج والعطاء والإبداع.
نتمنى أن تنتهج دول الخليج الأخرى سياسات مشابهة، فنحن اليوم بحاجة ماسة للعقول المبدعة وللمستثمرين الذين يخلقون فرصاً استثمارية للشباب الخليجي.
*أستاذ العلوم السياسية -جامعة الكويت
وتأتي هذه الخطوة الجريئة من دولة الإمارات لاعتبارات كثيرة؛ أهمها دعم اقتصاد الدولة، وهي تتجه تدريجياً نحو تقليل الاعتماد على النفط وتقليص حصته في الناتج المحلي الإجمالي، لاسيما في ظل التوجه العالمي المتزايد نحو الطاقات البديلة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة المياه، وتخلي سيارات المستقبل عن البترول واستبداله بالطاقة الكهربائية.
الخطوة الإماراتية جريئة ومستحقة وقد جاءت في وقتها، حيث أدركت كل دول العالم أن الثروة الحقيقة تكمن في الإنسان (أو الثروة البشرية) وليس في الموارد الطبيعية كالنفط والفحم والمعادن الثمينة وغيرها من الثروات الطبيعية.
لدينا تجارب معاصرة رائدة في إصرار الإنسان وإبداعه عندما لا تتوفر لديه موارد طبيعية؛ مثل التجارب اليابانية والسنغافورية والسويسرية والماليزية.. فكل هذه الدول لا تملك ثروات طبيعية ذات شأن كبير، لكنها أصبحت أغنى دول العالم، ولديها أعلى معدلات الدخل على مستوى الكرة الأرضية ككل، لأنها اعتمدت على الإنسان من خلال العمل والتعليم وعقلية الابتكار والخلق والإبداع في مختلف المجالات.
والدول التي تتقدم في مجال المنافسة العالمية حالياً هي الدول التي تحرص على استقطاب أفضل العقول البشرية للعمل والاستقرار فيها، والتجربة الأميركية خير مثال على ذلك، حيث حرصت الولايات المتحدة على أن تكون عاصمة العالم في مجال التكنولوجيا، فجنّست أفضل العلماء من جميع أنحاء العالم، وكان تركيزها في البداية على أوروبا الغربية، لكنها اليوم تستقطب العقول الآسيوية والأفريقية والأميركية اللاتينية، لذلك نجد أن ربع مدراء ومؤسسي الشركات الأميركية العملاقة من أصول هندية.
لقد استفادت منطقة الخليج العربية من الوافدين الأجانب القادمين إليها من كل أنحاء العالم بعد اكتشاف النفط وبدء عملية بناء الدول الخليجية.. وازداد اعتماد هذه الدول على العمالة الأجنبية حتى أصبح المواطنون في بعضها أقلية، لاسيما أن معظم العمالة الأجنبية عمالة «هامشية»، أي عمالة مساعدة أو عمالة منزلية. والحقيقة المرة أننا لم نستفد كثيراً من أصحاب الكفاءات العلمية والأدبية والمستثمرين الأجانب في بلداننا، إذ لم تتضمن معايير التجنيس معيار الكفاءة العلمية والفكرية.
لكن دولة الإمارات خالفت ذلك التوجه، وهي اليوم تمنح الكفاءات العلمية والأدبية والفنية والمستثمرين الأجانب إقامةً دائمةً، بغية إعطائهم الشعور بالاستقرار والأمان حتى يستطيعوا الإنتاج والعطاء والإبداع.
نتمنى أن تنتهج دول الخليج الأخرى سياسات مشابهة، فنحن اليوم بحاجة ماسة للعقول المبدعة وللمستثمرين الذين يخلقون فرصاً استثمارية للشباب الخليجي.
*أستاذ العلوم السياسية -جامعة الكويت