هكذا بكل بساطة استقالت «تيريزا ماي»، رئيسة الوزراء البريطانية الأقل نجاحاً في الذاكرة الحية، بعد كثير من الألم، وكثير من المؤامرات وكثير من الخطط السرية الفاشلة للإطاحة بها منذ أشهر طويلة. وعقب الانتخابات البرلمانية الأوروبية التي شهدت تراجع حزب «المحافظين» الذي تتزعمه «ماي» إلى مستويات تاريخية، انتهى دورها أخيراً. ومن الغريب أنها ترغب في البقاء حتى يمكنها استضافة الرئيس دونالد ترامب في بداية يونيو المقبل، ومبررها وراء ذلك، كما في كثير من الأمور الأخرى، غامض، لكنها سترحل بعد ذلك.
وقد بدأ السباق من أجل خلافتها بالفعل. وتستقطب الحملة الانتخابية لوزير الخارجية السابق «بوريس جونسون» موظفين منذ بضعة أسابيع. وبدأ المرشح الآخر «دومينيك راب» حملته، من بين أكثر من 12 مرشحاً آخرين على الأقل. وظهر عدد من الوزراء في حكومة «ماي» في برامج تلفزيونية. ورغم ذلك، فهي حملة انتخابية غريبة، ذلك أن الأشخاص الذين سيتعين عليهم التصويت في هذه الانتخابات هم الأعضاء الذين يحصلون على رواتب من حزب «المحافظين»، وعددهم 124 ألف شخص. وبحسب القواعد، سيختارون من بين اثنين يرشحهم «الأعضاء المحافظين» في البرلمان البريطاني. وستقرر هذه المجموعة الصغيرة من الناس من سيحكم البلاد. وهل سيكون مؤيداً للخروج الصعب من الاتحاد الأوروبي الذي سيقطع جميع العلاقات التجارية للمملكة المتحدة بالاتحاد الأوروبي بين عشية وضحاها؟ أم سيكون من مؤيدي البقاء في التكتل؟ أم سيسعى لحل وسط بين الأمرين؟
ورغم أن ذلك يبدو اختياراً كبيراً لمنحه لعدد صغير من الناس، فالواقع يبدو أكثر بساطة. والحقيقة، أيّاً كان من سيخلف «ماي»، فإنه سيواجه الاختيارات والمآزق ذاتها التي واجهتها بكل صعوباتها. وأي رئيس وزراء يُقرر الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاقٍ يوم الاثنين سيستيقظ يوم الثلاثاء ليكتشف أن أولى أولوياته المباشرة هي صياغة معاهدة جديدة مع الاتحاد. وأي رئيس وزراء يرغب في التوصل إلى تسوية منطقية سيكتشف أنه ليست هناك أغلبية كافية لتأييد هذه التسوية، منطقية كانت أم غير منطقية، في مجلس العموم الحالي. وأي رئيس وزراء يرغب في البقاء داخل التكتل الأوروبي سيواجه موجة غضب من ثلث البريطانيين الذين صوتوا لصالح «حزب بريكست» المؤسَّس حديثاً.
ولا تزال كل القيود قائمة، ولا تزال كل الألغاز دون حل، ولا يزال الوضع أن المملكة المتحدة لا تستطيع الخروج من اتحاد الجمركي الأوروبي والإبقاء على حدودها مفتوحة بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا. كما لا يوجد اتفاق للخروج من الاتحاد الأوروبي سيجعل المملكة المتحدة أغنى، وعلى وجه التحديد لن يتحقق شعار الاستفتاء على «بريكست»، الذي زعم أن بريطانيا ستوفّر 350 مليون جنيه أسترليني ترسلها إلى الاتحاد الأوروبي كل أسبوع!
وليس مصادفة أنه لا يستطيع أي منافس على القيادة في حزب «المحافظين» تقديم خطة متماسكة، وسبب ذلك أنه لا توجد خطة. والأمران المتصوّران اللذان يمكن أن يغيرا المجريات هما: استفتاء آخر، قد يفوز فيه أنصار البقاء، ومن ثم تنفير جزء كبير من حزب المحافظين إلى الأبد، أو إجراء انتخابات عامة، سيخسر فيها حزب «المحافظين» وفقاً لأدائه الحالي.
وليست هناك جدوى من تمني حسن الحظ لخليفة «ماي»، لأنه ليس من المرجّح أن يساعده ذلك!
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
وقد بدأ السباق من أجل خلافتها بالفعل. وتستقطب الحملة الانتخابية لوزير الخارجية السابق «بوريس جونسون» موظفين منذ بضعة أسابيع. وبدأ المرشح الآخر «دومينيك راب» حملته، من بين أكثر من 12 مرشحاً آخرين على الأقل. وظهر عدد من الوزراء في حكومة «ماي» في برامج تلفزيونية. ورغم ذلك، فهي حملة انتخابية غريبة، ذلك أن الأشخاص الذين سيتعين عليهم التصويت في هذه الانتخابات هم الأعضاء الذين يحصلون على رواتب من حزب «المحافظين»، وعددهم 124 ألف شخص. وبحسب القواعد، سيختارون من بين اثنين يرشحهم «الأعضاء المحافظين» في البرلمان البريطاني. وستقرر هذه المجموعة الصغيرة من الناس من سيحكم البلاد. وهل سيكون مؤيداً للخروج الصعب من الاتحاد الأوروبي الذي سيقطع جميع العلاقات التجارية للمملكة المتحدة بالاتحاد الأوروبي بين عشية وضحاها؟ أم سيكون من مؤيدي البقاء في التكتل؟ أم سيسعى لحل وسط بين الأمرين؟
ورغم أن ذلك يبدو اختياراً كبيراً لمنحه لعدد صغير من الناس، فالواقع يبدو أكثر بساطة. والحقيقة، أيّاً كان من سيخلف «ماي»، فإنه سيواجه الاختيارات والمآزق ذاتها التي واجهتها بكل صعوباتها. وأي رئيس وزراء يُقرر الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاقٍ يوم الاثنين سيستيقظ يوم الثلاثاء ليكتشف أن أولى أولوياته المباشرة هي صياغة معاهدة جديدة مع الاتحاد. وأي رئيس وزراء يرغب في التوصل إلى تسوية منطقية سيكتشف أنه ليست هناك أغلبية كافية لتأييد هذه التسوية، منطقية كانت أم غير منطقية، في مجلس العموم الحالي. وأي رئيس وزراء يرغب في البقاء داخل التكتل الأوروبي سيواجه موجة غضب من ثلث البريطانيين الذين صوتوا لصالح «حزب بريكست» المؤسَّس حديثاً.
ولا تزال كل القيود قائمة، ولا تزال كل الألغاز دون حل، ولا يزال الوضع أن المملكة المتحدة لا تستطيع الخروج من اتحاد الجمركي الأوروبي والإبقاء على حدودها مفتوحة بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا. كما لا يوجد اتفاق للخروج من الاتحاد الأوروبي سيجعل المملكة المتحدة أغنى، وعلى وجه التحديد لن يتحقق شعار الاستفتاء على «بريكست»، الذي زعم أن بريطانيا ستوفّر 350 مليون جنيه أسترليني ترسلها إلى الاتحاد الأوروبي كل أسبوع!
وليس مصادفة أنه لا يستطيع أي منافس على القيادة في حزب «المحافظين» تقديم خطة متماسكة، وسبب ذلك أنه لا توجد خطة. والأمران المتصوّران اللذان يمكن أن يغيرا المجريات هما: استفتاء آخر، قد يفوز فيه أنصار البقاء، ومن ثم تنفير جزء كبير من حزب المحافظين إلى الأبد، أو إجراء انتخابات عامة، سيخسر فيها حزب «المحافظين» وفقاً لأدائه الحالي.
وليست هناك جدوى من تمني حسن الحظ لخليفة «ماي»، لأنه ليس من المرجّح أن يساعده ذلك!
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»