مثّلت استراتيجية الرئيس دونالد ترامب للأمن القومي الأميركي لعام 2017 دعوةً للانتباه، إذ ذكرت أن عصر النفوذ الأميركي الفريد يتعرض لخطر التقلص لصالح روسيا والصين. فهاتان الدولتان تعملان الآن عن كثب أكثر من أي وقت خلال السنوات الأربعين الماضية، وهما عازمتان على توسيع نفوذها عالمياً على حساب الولايات المتحدة. وذكر تقرير استراتيجية الأمن القومي أننا في عصر «منافسة القوى العظمى» ويتعين علينا إعداد أنفسنا والتكيف، وإلا فقد نخسر، لكن يبدو أن ترامب لم يقرأ التقرير الذي جاء فيه: «يتعين علينا تطوير قدراتنا الدبلوماسية للمنافسة في البيئة الحالية»، إذ فعل العكس بتقليصه الميزانية، وعدم اهتمامه برعاية التحالفات.
لقد قلصت ميزانية ترامب لعام 2020 الإنفاق على النشاط الدبلوماسي بنحو الربع. ونجد اليوم أن أكثر دبلوماسيينا حنكة تركوا وزارة الخارجية بالجملة، وبينهم 60% من السفراء في عام 2017 وحده. وهناك سفارات محورية -بعضها في الشرق الأوسط- مازالت المناصب فيها شاغرة. وكذلك التوظيف في قسم الخدمات الخارجية، والذي انخفض بشدة أيضاً، حيث قلَّ عدد الأميركيين الذين خضعوا لامتحان الدخول حالياً مقارنة بأي عام خلال العقد الماضي.
هذا فيما نجد الصين تتبع نهجاً مختلفاً. فقد أعلن الرئيس شي جين بينج أن «الوقت حان للصين كي تحتل محور مسرح العالم»، ووضع وميزانية توفق بين الكلام والأفعال. ففي السنوات الست الماضية تزايد استثمار الصين في الدبلوماسية أكثر من المثلين. ونما الإنفاق على الدبلوماسية عام 2018 بضعفي نمو الإنفاق الدفاعي.
وإذا استمرت واشنطن تعزز إنفاقها على الدفاع، بينما تقلص إنفاقها على الدبلوماسية، فلن تفشل فحسب في المنافسة، بل ستعزز مخاطر نشوب صراع في المستقبل. لقد كان الفضل في الفوز بالحرب الباردة يرجع إلى الجيوش القوية مع دبلوماسية محنكة بعيدة النظر ومدعومة بموارد جيدة. ويتعين على الولايات المتحدة الاستثمار في هذه الحقبة الجديدة من التنافس بين القوى العظمى. وإذا لم يبادر ترامب، فإن المسؤولية تقع على عاتق الكونجرس. فقد قاوم الكونجرس -مصيباً في ذلك- مقترحات ترامب لتقليص الإنفاق. والآن علينا التفكير ثانية، وبشكل جذري، في كيفية استقطاب الأميركيين الموهوبين في سلكنا الدبلوماسي والحفاظ عليهم.
ونحن نقترح «قانون تجديد الدبلوماسية الأميركية» لترسيخ الالتزام الحزبي بضرورة أن يواكب الاستثمار في الدبلوماسية الاستثمار في الجيش. ويمكن لمقترحنا أن يغير طريقة توظيف الأميركيين الموهوبين والإبقاء عليهم من خلال المؤسسات التي لا يستطيع منافس أن يضاهيها، ألا وهي جامعاتنا. وهذا يتضمن ثلاثة عناصر.
أولاً: يوسع القانون برامج تسديد قروض الطلبة الذين سجلوا من أجل العمل في وزارة الخارجية بعد التخرج. ووزارة الخارجية تجيز حالياً دفع ما يصل إلى 10 آلاف دولار سنوياً لطائفة من قروض الطلبة، مقابل ثلاثة أعوام على الأقل من الخدمة. والمبلغ يتضاعف مع مرور ست سنوات ليبلغ 60 ألف دولار. ومقترحنا يوسع هذا البرنامج لمرشحين استثنائيين ليسقط عنهم تماماً قروض الطلبة بعد خمس سنوات من الخدمة.
ثانياً: يضع القانون مقابلا دبلوماسياً لـ«سلك تدريب ضباط الاحتياط» الذي يوفر طريقاً للمنح الدراسية للطلاب الذين يتعهدون بقضاء فترة معينة في الخدمة العسكرية. واقتراحنا يضع برنامجاً مشابهاً لسداد العامين الماضين من الرسوم الدراسية للطلاب الموهوبين الذين يوافقون على دخول قسم الخدمات الخارجية والعمل في الخارج بعد التخرج.
ثالثاً: يستثمر القانون في التعليم لأفراد وزارة الخارجية المؤهلين الذين عملوا لخمس سنوات على الأقل ويوافقون على الاستمرار لثلاث سنوات على الأقل بعد تلقي الدرجة العلمية.
وبهذه المبادرات الثلاثة، ومع اتباع مبدأ مواكبة الإنفاق على الدبلوماسية لمعدل نمو الإنفاق على الدفاع، يمكننا إعادة إحياء سلكنا الدبلوماسي، وتحقيق نجاح في التحديات الكبيرة المقبلة.
كوري شاك: نائب المدير العام للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية
بريت ماكجورك: محاضر في جامعة ستانفورد وشغل مناصب رفيعة خلال إدارات ترامب وأوباما وبوش الابن
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
لقد قلصت ميزانية ترامب لعام 2020 الإنفاق على النشاط الدبلوماسي بنحو الربع. ونجد اليوم أن أكثر دبلوماسيينا حنكة تركوا وزارة الخارجية بالجملة، وبينهم 60% من السفراء في عام 2017 وحده. وهناك سفارات محورية -بعضها في الشرق الأوسط- مازالت المناصب فيها شاغرة. وكذلك التوظيف في قسم الخدمات الخارجية، والذي انخفض بشدة أيضاً، حيث قلَّ عدد الأميركيين الذين خضعوا لامتحان الدخول حالياً مقارنة بأي عام خلال العقد الماضي.
هذا فيما نجد الصين تتبع نهجاً مختلفاً. فقد أعلن الرئيس شي جين بينج أن «الوقت حان للصين كي تحتل محور مسرح العالم»، ووضع وميزانية توفق بين الكلام والأفعال. ففي السنوات الست الماضية تزايد استثمار الصين في الدبلوماسية أكثر من المثلين. ونما الإنفاق على الدبلوماسية عام 2018 بضعفي نمو الإنفاق الدفاعي.
وإذا استمرت واشنطن تعزز إنفاقها على الدفاع، بينما تقلص إنفاقها على الدبلوماسية، فلن تفشل فحسب في المنافسة، بل ستعزز مخاطر نشوب صراع في المستقبل. لقد كان الفضل في الفوز بالحرب الباردة يرجع إلى الجيوش القوية مع دبلوماسية محنكة بعيدة النظر ومدعومة بموارد جيدة. ويتعين على الولايات المتحدة الاستثمار في هذه الحقبة الجديدة من التنافس بين القوى العظمى. وإذا لم يبادر ترامب، فإن المسؤولية تقع على عاتق الكونجرس. فقد قاوم الكونجرس -مصيباً في ذلك- مقترحات ترامب لتقليص الإنفاق. والآن علينا التفكير ثانية، وبشكل جذري، في كيفية استقطاب الأميركيين الموهوبين في سلكنا الدبلوماسي والحفاظ عليهم.
ونحن نقترح «قانون تجديد الدبلوماسية الأميركية» لترسيخ الالتزام الحزبي بضرورة أن يواكب الاستثمار في الدبلوماسية الاستثمار في الجيش. ويمكن لمقترحنا أن يغير طريقة توظيف الأميركيين الموهوبين والإبقاء عليهم من خلال المؤسسات التي لا يستطيع منافس أن يضاهيها، ألا وهي جامعاتنا. وهذا يتضمن ثلاثة عناصر.
أولاً: يوسع القانون برامج تسديد قروض الطلبة الذين سجلوا من أجل العمل في وزارة الخارجية بعد التخرج. ووزارة الخارجية تجيز حالياً دفع ما يصل إلى 10 آلاف دولار سنوياً لطائفة من قروض الطلبة، مقابل ثلاثة أعوام على الأقل من الخدمة. والمبلغ يتضاعف مع مرور ست سنوات ليبلغ 60 ألف دولار. ومقترحنا يوسع هذا البرنامج لمرشحين استثنائيين ليسقط عنهم تماماً قروض الطلبة بعد خمس سنوات من الخدمة.
ثانياً: يضع القانون مقابلا دبلوماسياً لـ«سلك تدريب ضباط الاحتياط» الذي يوفر طريقاً للمنح الدراسية للطلاب الذين يتعهدون بقضاء فترة معينة في الخدمة العسكرية. واقتراحنا يضع برنامجاً مشابهاً لسداد العامين الماضين من الرسوم الدراسية للطلاب الموهوبين الذين يوافقون على دخول قسم الخدمات الخارجية والعمل في الخارج بعد التخرج.
ثالثاً: يستثمر القانون في التعليم لأفراد وزارة الخارجية المؤهلين الذين عملوا لخمس سنوات على الأقل ويوافقون على الاستمرار لثلاث سنوات على الأقل بعد تلقي الدرجة العلمية.
وبهذه المبادرات الثلاثة، ومع اتباع مبدأ مواكبة الإنفاق على الدبلوماسية لمعدل نمو الإنفاق على الدفاع، يمكننا إعادة إحياء سلكنا الدبلوماسي، وتحقيق نجاح في التحديات الكبيرة المقبلة.
كوري شاك: نائب المدير العام للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية
بريت ماكجورك: محاضر في جامعة ستانفورد وشغل مناصب رفيعة خلال إدارات ترامب وأوباما وبوش الابن
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»