عندما أزور كنيساً أو مركزاً للطائفة اليهودية في دائرتي الانتخابية، عادة ما أمر بالقرب من رجال أمن مسلحين. وفي الداخل، يتقاسم الناس أحياناً مشاعر قلق بشأن مقاطعة إسرائيل. ومن حين لآخر، أحضر أيضاً صلاة الجمعة في المساجد المحلية. ومؤخراً، كان ثمة أفراد من الشرطة المحلية يقفون للحراسة خارج المسجد.
والواقع أن النقاشات السياسية في الولايات المتحدة يمكن أن تكون منفصلة عن الحقائق، ولكن التهديدات المحدقة بالحياة تركز الأذهان على الواقع. والواقع اليوم هو أنه في ما يتعلق بالعنف المنظم، فإن الأميركيين اليهود والمسلمين، إضافة إلى أعضاء أقليات أخرى، يواجهون التهديد نفسه: إرهاب العنصريين البيض.
فوفق «رابطة مكافحة التشهير»، فإن الأغلبية الساحقة من أعمال القتل الإرهابية في الولايات المتحدة منذ 2009 ارتُكبت من قبل أشخاص بيض تحركهم إيديولوجيا معينة: الاعتقاد بأن أميركا لهم، ويجب حمايتها من النخب «المعولمة» (اليهود) والمهاجرين من كل الأنواع.
وخلال العامين الماضيين، تقوّت شوكة العنصريين البيض وازدادوا جرأة بشكل واضح. ويمكن رؤية الدليل على ذلك في نظريات المؤامرة الغريبة التي تنتشر على نحو فيروسي على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي متظاهري مسيرة «توحيد اليمين» في تشارلوتسفيل، بولاية فرجينيا، وفي الصلبان النازية المعقوفة التي ظهرت فجأة في المدارس. كما ازدادت حوادث معاداة السامية، مثل تهديدات القنابل والهجمات وتدنيس المقابر بـ60 في المئة من 2016 إلى 2017.
لو كان التهديد آتياً من خارج الولايات المتحدة، لكانت هذه الحقائق كافية لحشد الأميركيين وتعبئتهم خلف خطة عمل. ولكن التهديد يأتي من الداخل. ولأن مصدره هو اليمين السياسي، فإن وصفه بشكل دقيق يمكن أن يكون صعباً دون أن يبدو المرء مناصراً لحزب معين، ومن دون جعل طرف معين يشعر بالانزعاج. ولهذا، نحمّل مسؤوليةَ العنف لبعبع التعصب والكراهية الغامض والفضفاض - الذي نقر بأنه موجود على اليسار مثلما هو موجود على اليمين.
والحق أن معاداة السامية تأتي من كلا الطرفين بالفعل، ولكن هذه الموجة الجديدة من الإرهاب ليست كذلك. ذلك أن القتلة المتهَمين أعلنوا بوضوح عمن هم، ويجب أن نفهم تطلعاتهم ودوافعهم لنعرف كيف نوقفهم. وعلى سبيل المثال، فإن مطلق النار المفترض في كنيس «شجرة الحياة» في بيتسبرج في أكتوبر الماضي كان مهووساً بقوافل المهاجرين الوافدين من أميركا الوسطى، وحمّل منظمةَ مساعدات يهودية مسؤوليةَ جلب «غزاة يقتلون شعبنا». كما أن مطلق النار المفترض الذي قتل مسلمين في كرايس تشرتش، نيوزيلندا، في مارس الماضي قال أيضاً إنه فعل فعلته من أجل وقف «الغزاة» المهاجرين. والمسلح المشتبه فيه في سان دييجو الشهر الماضي قال في بيان إن مصدر إلهامه هما الإرهابيان في بيتسبرج وكرايس تشرتش، وإنه حاول إحراق مسجد قبل مهاجمة الكنيس.
في الماضي، كانت كل الأصوات الحكيمة والوازنة في البلاد ستقول لهؤلاء الأشخاص إنهم معزولون ووحيدون في معتقداتهم الجنونية. ولكن اليوم، يجد هؤلاء المتعصبون ما يؤكد معتقداتهم في سياسات رئيس الولايات المتحدة الذي أشار، يوم هجمات نيوزيلندا، إلى «غزو» للولايات المتحدة من قبل المهاجرين، والذي بدا غير قادر على وصف هجمات العنصريين البيض بالإرهاب. هؤلاء المتعصبون يسمعون السياسيين وضيوف البرامج الإخبارية التلفزيونية وهم يهاجمون مكتب التحقيقات الفدرالي، ويدّعون انقلابات «الدولة العميقة»، ويصفون الصحافة القائمة على الحقائق بـ«الأخبار الكاذبة»، معزِّزين عدم ثقتهم في السلطة وإيمانهم بنظريات المؤامرة.
ولكن ماذا سنفعل إذا استطعنا وضع السياسة جانباً والتركيز على حماية الناس وسلامتهم فقط؟
الكونجرس سيناقش قريباً تشريعاً يخص الإرهاب الداخلي، سيجعل من السهل أكثر توقيفَ المشتبه فيهم قبل أن يستطيعوا تنفيذ مخططاتهم الدموية. وسيعمل «الديمقراطيون» و«الجمهوريون» بشكل مستعجل معاً لتكثيف الجهود في وزارة العدل ووزارة الأمن الداخلي اللتين تكافحان الإرهاب الداخلي ومنحهما موارد أكثر. ونظراً لعلاقات العنصريين البيض العابرة للبلدان، فإننا سنشجع الوكالات الأمنية والاستخباراتية الأميركية على تقاسم المعلومات بشأنهم مع الحلفاء حول العالم، على غرار ما تفعله مع المعلومات بشأن داعمي «داعش» والقاعدة.
وسنقول لشركات وسائل التواصل الاجتماعي ألا تقوم بإطفاء النيران عبر حظر المتطرفين من مواقعها فقط، ولكن أن تجعل منتجها «أقل قابلية للاشتعال» أيضاً عبر تغيير الخواريزميات التي تجر المستخدمين إلى فقاعات المتطرفين.
كما أن رد فعلنا – نحن أعضاء الكونجرس – سيتميز بالاشمئزاز والاستهجان عندما يوظف زعيم أميركي كلمات وأفكار تحاكي تلك التي يستخدمها الإرهابيون.
هذا لا يعني أن الأميركيين لا يستطيعون مناقشة سياسة الهجرة باحترام، أو دعم جدار ترامب الحدودي. ولكن الحديث عن «غزو» من قبل المهاجرين أو الحديث عن المهاجرين كقتلة ومغتصبين - ما يكرس أوهام الأشخاص المسؤولين عن معظم الهجمات الإرهابية ضد الأميركيين اليوم – شيء لا ينبغي قبوله أو التسامح معه. وقد قمتُ مؤخراً بتقديم قرار في مجلس النواب يندد بهذه اللغة، متبنياً اعتقاد الرئيس رونالد ريجان الذي قال: «إذا أغلقنا يوماً الباب في وجه الأميركيين الجدد، فإن قيادتنا في العالم ستُفقد بسرعة». ولا شك أننا ما زلنا نستطيع الاتفاق على ذلك.
*عضو «ديمقراطي» في الكونجرس الأميركي عن ولاية نيوجيرسي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
والواقع أن النقاشات السياسية في الولايات المتحدة يمكن أن تكون منفصلة عن الحقائق، ولكن التهديدات المحدقة بالحياة تركز الأذهان على الواقع. والواقع اليوم هو أنه في ما يتعلق بالعنف المنظم، فإن الأميركيين اليهود والمسلمين، إضافة إلى أعضاء أقليات أخرى، يواجهون التهديد نفسه: إرهاب العنصريين البيض.
فوفق «رابطة مكافحة التشهير»، فإن الأغلبية الساحقة من أعمال القتل الإرهابية في الولايات المتحدة منذ 2009 ارتُكبت من قبل أشخاص بيض تحركهم إيديولوجيا معينة: الاعتقاد بأن أميركا لهم، ويجب حمايتها من النخب «المعولمة» (اليهود) والمهاجرين من كل الأنواع.
وخلال العامين الماضيين، تقوّت شوكة العنصريين البيض وازدادوا جرأة بشكل واضح. ويمكن رؤية الدليل على ذلك في نظريات المؤامرة الغريبة التي تنتشر على نحو فيروسي على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي متظاهري مسيرة «توحيد اليمين» في تشارلوتسفيل، بولاية فرجينيا، وفي الصلبان النازية المعقوفة التي ظهرت فجأة في المدارس. كما ازدادت حوادث معاداة السامية، مثل تهديدات القنابل والهجمات وتدنيس المقابر بـ60 في المئة من 2016 إلى 2017.
لو كان التهديد آتياً من خارج الولايات المتحدة، لكانت هذه الحقائق كافية لحشد الأميركيين وتعبئتهم خلف خطة عمل. ولكن التهديد يأتي من الداخل. ولأن مصدره هو اليمين السياسي، فإن وصفه بشكل دقيق يمكن أن يكون صعباً دون أن يبدو المرء مناصراً لحزب معين، ومن دون جعل طرف معين يشعر بالانزعاج. ولهذا، نحمّل مسؤوليةَ العنف لبعبع التعصب والكراهية الغامض والفضفاض - الذي نقر بأنه موجود على اليسار مثلما هو موجود على اليمين.
والحق أن معاداة السامية تأتي من كلا الطرفين بالفعل، ولكن هذه الموجة الجديدة من الإرهاب ليست كذلك. ذلك أن القتلة المتهَمين أعلنوا بوضوح عمن هم، ويجب أن نفهم تطلعاتهم ودوافعهم لنعرف كيف نوقفهم. وعلى سبيل المثال، فإن مطلق النار المفترض في كنيس «شجرة الحياة» في بيتسبرج في أكتوبر الماضي كان مهووساً بقوافل المهاجرين الوافدين من أميركا الوسطى، وحمّل منظمةَ مساعدات يهودية مسؤوليةَ جلب «غزاة يقتلون شعبنا». كما أن مطلق النار المفترض الذي قتل مسلمين في كرايس تشرتش، نيوزيلندا، في مارس الماضي قال أيضاً إنه فعل فعلته من أجل وقف «الغزاة» المهاجرين. والمسلح المشتبه فيه في سان دييجو الشهر الماضي قال في بيان إن مصدر إلهامه هما الإرهابيان في بيتسبرج وكرايس تشرتش، وإنه حاول إحراق مسجد قبل مهاجمة الكنيس.
في الماضي، كانت كل الأصوات الحكيمة والوازنة في البلاد ستقول لهؤلاء الأشخاص إنهم معزولون ووحيدون في معتقداتهم الجنونية. ولكن اليوم، يجد هؤلاء المتعصبون ما يؤكد معتقداتهم في سياسات رئيس الولايات المتحدة الذي أشار، يوم هجمات نيوزيلندا، إلى «غزو» للولايات المتحدة من قبل المهاجرين، والذي بدا غير قادر على وصف هجمات العنصريين البيض بالإرهاب. هؤلاء المتعصبون يسمعون السياسيين وضيوف البرامج الإخبارية التلفزيونية وهم يهاجمون مكتب التحقيقات الفدرالي، ويدّعون انقلابات «الدولة العميقة»، ويصفون الصحافة القائمة على الحقائق بـ«الأخبار الكاذبة»، معزِّزين عدم ثقتهم في السلطة وإيمانهم بنظريات المؤامرة.
ولكن ماذا سنفعل إذا استطعنا وضع السياسة جانباً والتركيز على حماية الناس وسلامتهم فقط؟
الكونجرس سيناقش قريباً تشريعاً يخص الإرهاب الداخلي، سيجعل من السهل أكثر توقيفَ المشتبه فيهم قبل أن يستطيعوا تنفيذ مخططاتهم الدموية. وسيعمل «الديمقراطيون» و«الجمهوريون» بشكل مستعجل معاً لتكثيف الجهود في وزارة العدل ووزارة الأمن الداخلي اللتين تكافحان الإرهاب الداخلي ومنحهما موارد أكثر. ونظراً لعلاقات العنصريين البيض العابرة للبلدان، فإننا سنشجع الوكالات الأمنية والاستخباراتية الأميركية على تقاسم المعلومات بشأنهم مع الحلفاء حول العالم، على غرار ما تفعله مع المعلومات بشأن داعمي «داعش» والقاعدة.
وسنقول لشركات وسائل التواصل الاجتماعي ألا تقوم بإطفاء النيران عبر حظر المتطرفين من مواقعها فقط، ولكن أن تجعل منتجها «أقل قابلية للاشتعال» أيضاً عبر تغيير الخواريزميات التي تجر المستخدمين إلى فقاعات المتطرفين.
كما أن رد فعلنا – نحن أعضاء الكونجرس – سيتميز بالاشمئزاز والاستهجان عندما يوظف زعيم أميركي كلمات وأفكار تحاكي تلك التي يستخدمها الإرهابيون.
هذا لا يعني أن الأميركيين لا يستطيعون مناقشة سياسة الهجرة باحترام، أو دعم جدار ترامب الحدودي. ولكن الحديث عن «غزو» من قبل المهاجرين أو الحديث عن المهاجرين كقتلة ومغتصبين - ما يكرس أوهام الأشخاص المسؤولين عن معظم الهجمات الإرهابية ضد الأميركيين اليوم – شيء لا ينبغي قبوله أو التسامح معه. وقد قمتُ مؤخراً بتقديم قرار في مجلس النواب يندد بهذه اللغة، متبنياً اعتقاد الرئيس رونالد ريجان الذي قال: «إذا أغلقنا يوماً الباب في وجه الأميركيين الجدد، فإن قيادتنا في العالم ستُفقد بسرعة». ولا شك أننا ما زلنا نستطيع الاتفاق على ذلك.
*عضو «ديمقراطي» في الكونجرس الأميركي عن ولاية نيوجيرسي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»