بغض النظر عن نتيجة تقرير المحقق الخاص «روبرت مولر» بشأن التدخل الروسي في انتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، فإن الناخبين هم من سيقررون كيفية الردّ في انتخابات عام 2020.
ولا شك في أن السياسات الديماغوجية الشعبوية خطيرة ليس فقط بسبب تداعيتها على المواطنين الأميركيين، ولكن أيضاً بسبب التآكل المصاحب للمبادئ الراسخة.
ومكمن الخطر في أن سياسيين آخرين بدؤوا يتخذون من السلوكيات الخاطئة نموذجاً يحتذى به، فمنهم من يقول: إن الرئيس ترامب تولى السلطة من دون الإفصاح عن عائداته الضريبية، فلماذا يتعين عليّ الإفصاح عن عائداتي؟!
والأسوأ من ذلك، أن السياسيين، على الجانب الحزبي الآخر، يغذّون الانحدار، فإذا أخفق الرئيس «الديمقراطي» المقبل في إعلان حالة الطوارئ من أجل فرض رقابة على الأسلحة، على سبيل المثال، أو محاربة التغير المناخي، فإنه سيوصم بأنه غير قوي!
وبعبارة أخرى، بمجرد بدء تقوض الثقافة السياسية، من الصعب وقف الانحدار، غير أن الناخبين وحدهم يمكنهم وقفه، إذا ما طالبوا بأن يُعاملوا باحترام.
وفي هذا الصدد، أُقدّم للناخبين بإيجاز دليلاً بشأن أعراض الشعبوية التي يتعين عليهم الحذر منها في الانتخابات المقبلة، فستعرفون أن مرشحكم يستسلم للديماغوجية الشعبوية إذا ما تبنى أيّاً من السياسات التالية:
أولاً: الميل إلى الحلول السهلة بدلاً من التعقيد. وكقاعدة عامة، لو أن المشكلات التي تواجه الأمة كان لها حلولاً سهلة، لما استمرت هذه المشكلات حتى الآن.
وعندما أخبرنا ترامب أن بمقدوره حلّ مشكلة الهجرة، وأزمة المخدرات، بمجرد حلّ بسيط هو بناء جدار (على أن تموّل المكسيك بناءه)، فإنه كان يُفرط في تبسيط المسألة. لذا، إذا أخبركم المرشحون الآن أن بمقدورهم حل مشكلة الرعاية الصحية فقط من خلال إغلاق شركات التأمين الخاصة (وأن هذا الأمر حقق النتائج المرجوّة في كندا!)، فلابد أن تقلقوا!
ثانياً: الوعود بالحلول المجانية بدلاً من الخيارات الصعبة. والقاعدة الذهبية تقول: على رغم من أن لبعض المشكلات حلولاً واضحة تماماً، لكنها حلول لا تحظى بتأييد!
فلو أن الكونجرس زاد الضرائب على الوقود زيادة طفيفة، أو تحول إلى فرض ضريبة على عدد الأميال التي تقطعها السيارة، فمن الممكن إصلاح الطرق والجسور وبناء مسارات للدراجات في أنحاء الدولة، مثلما يعد الكونجرس ويخفق دائماً. لكن ليس ثمة ضخ سحري لرؤوس الأموال من القطاع الخاص لإنجاز المهمة. بيد أن كثيراً من السياسيين يخشون من إخبار الناخبين بأنه لا شيء مجاني!
وحتى عندما أخبرنا ترامب أن بمقدوره خفض الضرائب وحماية الضمان الاجتماعي وبرنامج «ميديكير»، للرعاية الطبية لكبار السن، والتخلص من الديون، فقد كانت هذه مبالغة بلا شك. لذا، إذا أخبركم الآن المرشحون بأنهم قادرون على تقديم تعليم جامعي مجاني ورعاية صحية مجانية، ولن يتعين على أحد، باستثناء أصحاب المليارات ربما، دفع شيء، فلابد أن تقلقوا!
ثالثاً: تقديم أكباش الفداء بدلاً من الحلول. عندما تخفق الحلول السهلة، ويثبت أن المنح المجانية مستحيلة، فإن السياسي الديماغوجي يلجأ حينئذ للبحث عن شخص يوجّه له اللوم. ومن يُوجّه إليهم اللوم في الوقت الراهن كثيرون: من نانسي بيلوسي إلى عصابات أميركا الوسطى وجون ماكين (حيّا وميتاً) ووسائل الإعلام وجيف سيشنز وجيمس كومي وكندا وبول ريان إلى حلفاء الناتو.
لذا، إذا بدأ المرشح في إخباركم أن كل شيء كان سيصبح على ما يرام لو أننا فقط لاحقنا أصحاب المليارات أو البنوك الكبرى أو شركات التكنولوجيا الكبرى، أو غير ذلك، فلابد أن تقلقوا!
وأخيراً: حلّ الفائز يستحوذ على كل شيء. فالديمقراطيات تزدهر عندما يكون لدى الناس وجهات نظر قوية، لكنهم يقبلون أن الآخرين قد يختلفون بحسن نية، ومن ثم يُشكل السياسيون تحالفات حول قضايا معينة مع أشخاص قد يختلفون معهم في قضايا أخرى، وحتى في تلك القضايا المُختلف عليها، يتوصلون إلى بعض القواسم المشتركة.
وبناء على ذلك، إذا كان المرشحون يخبرونكم بأنهم لن يقبلوا منح الوضع القانوني لمليون شخص من «الحالمين»، الذين دخلوا الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية عندما كانوا قصّراً، ما لم يحصل 11 مليون مهاجر لا يحملون وثائق قانونية على الجنسية أيضاً، فلا تتفاجؤوا، ولكن لابد أن تقلقوا من أجل الدولة، ناهيك عن أولئك الحالمين المساكين.
ولعل هذا هو أسوأ تأثير للديماغوجية، فهي تقوض الفرص التي من شأنها أن تفيد الجميع، زعماً أنه في كل معركة هناك فائز واحد فقط.
وبالطبع، كثير من المشكلات الأميركية صعبة، وكثير منها لا يمكن حلها من دون آلام، وكثير منها يؤجج اختلافاً انفعالياً وعاطفياً. لكن مع قدر من القيادة الحكيمة وقليل من التوافق الحزبي، يمكن التعامل مع مشكلات كثيرة بأساليب تجعل الجميع في وضع أفضل. فمن الممكن على سبيل المثال فرض ضريبة على الكربون لخفض وتيرة التغير المناخي، ومشاركة بعض الإيرادات مع الأشخاص المتضررين في المناطق التي تستفيد من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، وعندئذ سيستفيد الجميع.
أما إذا أصرّ مرشحكم على أنه لابد أن يخسر طرف آخر لكي تفوزوا، فلابد أن تقلقوا، لأنه عندئذ تنتصر الشعبوية.
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
ولا شك في أن السياسات الديماغوجية الشعبوية خطيرة ليس فقط بسبب تداعيتها على المواطنين الأميركيين، ولكن أيضاً بسبب التآكل المصاحب للمبادئ الراسخة.
ومكمن الخطر في أن سياسيين آخرين بدؤوا يتخذون من السلوكيات الخاطئة نموذجاً يحتذى به، فمنهم من يقول: إن الرئيس ترامب تولى السلطة من دون الإفصاح عن عائداته الضريبية، فلماذا يتعين عليّ الإفصاح عن عائداتي؟!
والأسوأ من ذلك، أن السياسيين، على الجانب الحزبي الآخر، يغذّون الانحدار، فإذا أخفق الرئيس «الديمقراطي» المقبل في إعلان حالة الطوارئ من أجل فرض رقابة على الأسلحة، على سبيل المثال، أو محاربة التغير المناخي، فإنه سيوصم بأنه غير قوي!
وبعبارة أخرى، بمجرد بدء تقوض الثقافة السياسية، من الصعب وقف الانحدار، غير أن الناخبين وحدهم يمكنهم وقفه، إذا ما طالبوا بأن يُعاملوا باحترام.
وفي هذا الصدد، أُقدّم للناخبين بإيجاز دليلاً بشأن أعراض الشعبوية التي يتعين عليهم الحذر منها في الانتخابات المقبلة، فستعرفون أن مرشحكم يستسلم للديماغوجية الشعبوية إذا ما تبنى أيّاً من السياسات التالية:
أولاً: الميل إلى الحلول السهلة بدلاً من التعقيد. وكقاعدة عامة، لو أن المشكلات التي تواجه الأمة كان لها حلولاً سهلة، لما استمرت هذه المشكلات حتى الآن.
وعندما أخبرنا ترامب أن بمقدوره حلّ مشكلة الهجرة، وأزمة المخدرات، بمجرد حلّ بسيط هو بناء جدار (على أن تموّل المكسيك بناءه)، فإنه كان يُفرط في تبسيط المسألة. لذا، إذا أخبركم المرشحون الآن أن بمقدورهم حل مشكلة الرعاية الصحية فقط من خلال إغلاق شركات التأمين الخاصة (وأن هذا الأمر حقق النتائج المرجوّة في كندا!)، فلابد أن تقلقوا!
ثانياً: الوعود بالحلول المجانية بدلاً من الخيارات الصعبة. والقاعدة الذهبية تقول: على رغم من أن لبعض المشكلات حلولاً واضحة تماماً، لكنها حلول لا تحظى بتأييد!
فلو أن الكونجرس زاد الضرائب على الوقود زيادة طفيفة، أو تحول إلى فرض ضريبة على عدد الأميال التي تقطعها السيارة، فمن الممكن إصلاح الطرق والجسور وبناء مسارات للدراجات في أنحاء الدولة، مثلما يعد الكونجرس ويخفق دائماً. لكن ليس ثمة ضخ سحري لرؤوس الأموال من القطاع الخاص لإنجاز المهمة. بيد أن كثيراً من السياسيين يخشون من إخبار الناخبين بأنه لا شيء مجاني!
وحتى عندما أخبرنا ترامب أن بمقدوره خفض الضرائب وحماية الضمان الاجتماعي وبرنامج «ميديكير»، للرعاية الطبية لكبار السن، والتخلص من الديون، فقد كانت هذه مبالغة بلا شك. لذا، إذا أخبركم الآن المرشحون بأنهم قادرون على تقديم تعليم جامعي مجاني ورعاية صحية مجانية، ولن يتعين على أحد، باستثناء أصحاب المليارات ربما، دفع شيء، فلابد أن تقلقوا!
ثالثاً: تقديم أكباش الفداء بدلاً من الحلول. عندما تخفق الحلول السهلة، ويثبت أن المنح المجانية مستحيلة، فإن السياسي الديماغوجي يلجأ حينئذ للبحث عن شخص يوجّه له اللوم. ومن يُوجّه إليهم اللوم في الوقت الراهن كثيرون: من نانسي بيلوسي إلى عصابات أميركا الوسطى وجون ماكين (حيّا وميتاً) ووسائل الإعلام وجيف سيشنز وجيمس كومي وكندا وبول ريان إلى حلفاء الناتو.
لذا، إذا بدأ المرشح في إخباركم أن كل شيء كان سيصبح على ما يرام لو أننا فقط لاحقنا أصحاب المليارات أو البنوك الكبرى أو شركات التكنولوجيا الكبرى، أو غير ذلك، فلابد أن تقلقوا!
وأخيراً: حلّ الفائز يستحوذ على كل شيء. فالديمقراطيات تزدهر عندما يكون لدى الناس وجهات نظر قوية، لكنهم يقبلون أن الآخرين قد يختلفون بحسن نية، ومن ثم يُشكل السياسيون تحالفات حول قضايا معينة مع أشخاص قد يختلفون معهم في قضايا أخرى، وحتى في تلك القضايا المُختلف عليها، يتوصلون إلى بعض القواسم المشتركة.
وبناء على ذلك، إذا كان المرشحون يخبرونكم بأنهم لن يقبلوا منح الوضع القانوني لمليون شخص من «الحالمين»، الذين دخلوا الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية عندما كانوا قصّراً، ما لم يحصل 11 مليون مهاجر لا يحملون وثائق قانونية على الجنسية أيضاً، فلا تتفاجؤوا، ولكن لابد أن تقلقوا من أجل الدولة، ناهيك عن أولئك الحالمين المساكين.
ولعل هذا هو أسوأ تأثير للديماغوجية، فهي تقوض الفرص التي من شأنها أن تفيد الجميع، زعماً أنه في كل معركة هناك فائز واحد فقط.
وبالطبع، كثير من المشكلات الأميركية صعبة، وكثير منها لا يمكن حلها من دون آلام، وكثير منها يؤجج اختلافاً انفعالياً وعاطفياً. لكن مع قدر من القيادة الحكيمة وقليل من التوافق الحزبي، يمكن التعامل مع مشكلات كثيرة بأساليب تجعل الجميع في وضع أفضل. فمن الممكن على سبيل المثال فرض ضريبة على الكربون لخفض وتيرة التغير المناخي، ومشاركة بعض الإيرادات مع الأشخاص المتضررين في المناطق التي تستفيد من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، وعندئذ سيستفيد الجميع.
أما إذا أصرّ مرشحكم على أنه لابد أن يخسر طرف آخر لكي تفوزوا، فلابد أن تقلقوا، لأنه عندئذ تنتصر الشعبوية.
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»