كان لجهود قادة دول الخليج العربية المتمثلة في مساعدة جميع الأطراف في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، والذي استمرت فيه المساعي لشهور من الاجتماعات المتواصلة، وتم فيه الأخذ والرد بين الأطراف كافة، وأدى في النهاية إلى اتفاق وقف النار وتبادل إطلاق سراح الأسرى بين الطرفين والسماح بدخول المساعدات للقطاع. الاتفاق الذي ترقَّبه الفلسطينيون والإسرائيليون بكل اهتمام، ينتظر أن يكون له الأثر العظيم في إرساء الهدوء وإنهاء معاناة استمرت لما يزيد على 14 شهراً، عانى خلالها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كلَّ أنواع الشقاء، من جوع وقصف وقتل ودمار لجميع أشكال الحياة في هذه البقعة الصغيرة من العالم والتي أصبحت أكثر مكان بؤساً على وجه الأرض. شكراً لكل الجهود الخليجية التي ساهمت في التخفيف من معاناة غزة على أكثر من صعيد، سواء من خلال العون الإغاثي والإنساني أو على صعيد التحرك الدبلوماسي داخل مجلس الأمن الدولي.

وعلى مدى أكثر من عام وربع العام، عاشت منطقة الشرق الأوسط برمتها توتراً كبيراً على أكثر من مستوى، أهمها المستوى الاقتصادي، حيث تعرضت المنطقة لخسائر اقتصادية كبيرة تحتاج معها إلى سنوات لتعويض ما فقدته. والأهم في هذا الاتفاق هو ضمان دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع، والتي حُرم منها بنسبة كبيرة طوال فترة الحرب. ومن شأن الاتفاق أن يخفف على الأطفال والنساء والمرضى وكبار السن ما عانوه من ضغوط خلال الحرب وما رافقها من حصار مطبق. وسيستطيعون بعد الاتفاق الجديد العودة لمواطنهم التي أُجبروا على النزوح منها قسرياً حيث نزحوا أكثر من مرة داخل القطاع.

إن الجهود السلمية والإنسانية لدول الخليج العربية لم تتوقف يوماً منذ عقود طويلة، وقد شملت العديد من محطات وبؤر الصراع في العالم، وفي مقدمته منطقة الشرق الأوسط، لاسيما غزة ولبنان وسوريا واليمن والعراق.. إلخ. وقد اطلعت هذه الجهود في معظم الحالات بمساهمة مهمة في التقريب بين وجهات النظر بين الأفرقاء وأطراف الصراع، كما ساهمت بفعالية في التخفيف من معاناة الشعوب وعلى أكثر من صعيد. وفي هذا الصدد، نتوقع أن تستمر جهود قادة دول الخليج العربية متكاتفة في سبيل تكريس تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، ليستمر ويتواصل هذا الوقف دون حدوث أي منغصات تطرأ عليه من شأنها أن تدفع نحو العودة إلى الحرب مجدداً، فالمنطقة لم تعد تحتمل المزيدَ من العنف، وخاصة في قطاع غزة الذي يحتاج، وفق تقديرات المراقبين، إلى ما يزيد على خمسة عشر عاماً كي يتعافى ويستكمل مرحلة إعادة الإعمار فيه. نتمنى للشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة أن تكون الأيام القادمة أيام خير عليه وخاتمة للحروب والدمار والتهجير.

*كاتب كويتي