تعرضت نائبة الرئيس كامالا هاريس لانتكاسة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ما أصاب الإعلام الليبرالي بصدمة. فقد كانت وسائل الإعلام التي دعمت المرشحة «الديمقراطية» تتوقع نتائج مختلفة، ولم تتناول في تحليلاتها الأسباب الجوهرية التي أدت إلى هذه الخسارة.

من أبرز الأسباب التي ساهمت في هزيمتها كان ارتباطها الوثيق بالرئيس جو بايدن، الذي تراجعت شعبيته. فقد شعر العديد من الناخبين الذين دعموا بايدن في 2020 بخيبة أمل من أداء إدارته، وكان من أبرز أخطائها تصريحها في برنامج «ذا فيو» بأنها لن تُجري أي تغييرات على سياسات رئيسها، وهو ما لم يتماشى مع تطلعات الناخبين. كانت القضايا الاقتصادية في مقدمة اهتمامات الناخبين، حيث اعتبر العديد منهم أن ترامب أكثر قدرة على معالجة التحديات المالية. رغم الاستقرار النسبي في الاقتصاد، استمر ارتفاع الأسعار مصدر قلق للكثيرين.

وأظهرت استطلاعات الرأي أن الاقتصاد كان الأهم بالنسبة لثلثي الناخبين. ورغم محاولات هاريس تصوير ترامب كمتشدد، لم تجد هذه المحاولات صدى لدى الناخبين، الذين كانوا يركزون على إنجازاته الاقتصادية خلال فترة رئاسته.

وكانت قضايا الهجرة عبئاً إضافياً على حملة هاريس، حيث جعل تعامل إدارة بايدن-هاريس مع هذه القضايا المرشح الرئاسي «الجمهوري» دونالد ترامب يبدو أكثر قوة في مجال أمن الحدود. ومع تزايد التقارير عن العبور غير القانوني والضغوط على المدن، ساهم دور هاريس المحدود كمسؤولة عن شؤون الحدود في التأثير سلباً على فرصتها في الفوز. أما تركيز هاريس على قضايا المرأة، وخاصة حقوق الإجهاض، فلم يلقَ الدعم المتوقع. فقد حصلت على 54% من أصوات النساء، وهو تراجع عن نسبة 57% التي حصل عليها بايدن عام 2020.

في المقابل، نجح ترامب في جذب الناخبين الشباب من الذكور، مما عزز دعمه لدى هذه الفئة من الناخبين. وكان تركيز هاريس على الإجهاض دون التطرق إلى قضايا اقتصادية أخرى أكثر تنوعاً سبباً في هذا التراجع، حيث كانت العديد من النساء أكثر اهتماماً بمسائل مثل الاستقرار المالي، وفرص العمل، واستراتيجيات اقتصادية قوية. واجهت هاريس صعوبة في كسب دعم الناخبين العرب والشباب بسبب سياسة بايدن تجاه الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. ورغم محاولتها التوازن بين دعم إسرائيل والاعتراف بمخاوف الفلسطينيين، لم يكن هذا كافياً.

شعر العديد من الأميركيين العرب أن دعمها كان سطحياً، بينما كانت ميولها الفعلية لدعم إسرائيل. من ناحية أخرى، تساءل بعض الإسرائيليين عن صدق موقفها بعد دعوتها لإنهاء الصراع دون تقديم خطة واضحة لاستعادة الرهائن. أخيراً، ساهمت استراتيجية هاريس الإعلامية في تعقيد وضعها، حيث تجنبت المؤتمرات الصحفية في نهاية الحملة وفضلت إجراء مقابلات معدة مسبقاً مع وسائل إعلام موالية، مما أثر سلباً على دعمها. يمكن القول، إن السبب الرئيسي وراء خسارتها يكمن في غياب الرؤية الواضحة في قضايا الاقتصاد والهجرة، بالإضافة إلى تذبذب مواقفها تجاه قضايا حساسة مثل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

*باحثة سعودية في الإعلام السياسي