تنتهج بريطانيا سياسةً في مجال الطاقة ترمي إلى تحقيق هدف مزدوج، هو الحفاظ على البيئة في مواجهة التغير المناخي وتبدلات الطقس العنيفة الناتجة عنه، والانفكاك من الارتهان لواردات الوقود الأحفوري، وما يعتري سوقه من تقلبات كانت الحرب الأوكرانية، وما تبعها من حظر على النفط والغاز الروسيين أحد تجلياتها التي ذكّرت الدولَ الأوروبية بالحاجة إلى تأمين سيادتها الوطنية في مجال الطاقة بعيداً عن الاعتماد الدائم على المورِّد الروسي. 

وفي هذه الصورة تَظهر توربينات الرياح، وسفينة تتفقدها، قبالةَ ساحل مونتروز باسكتلندا، أحد الأقاليم الأربعة المكوِّنة للمملكة المتحدة، والتي تحتل الثلث الشمالي من جزيرة بريطانيا العظمى. وعلى مدار الأعوام الماضية، أصبحت المياه قبالة اسكتلندا موطناً لإنتاج قدر كبير من طاقة الرياح البحرية في بريطانيا. في هذه المنطقة تتوفر الرياحُ معظمَ الأوقات، وكثيراً ما تهب العواصف لتولد فائضاً من الكهرباء من توربينات الرياح، فينخفض سعر التيار الكهربائي الذي يمد البيوت والمنشآت المرتبطة بالشبكة، وربما بنسبة 50 في المئة أحياناً، فتصل التنبيهات على هواتف السكان حول أي تغير في تعرفة الكهرباء. ويأتي هذا ضمن خطة بريطانية طموحة لتحويل نظام الكهرباء الوطني بعيداً عن الوقود الأحفوري، وذلك بحلول نهاية العقد الجاري. وهي خطة أسرع بخمس سنوات من نظيرتها الأميركية، وبعقد كامل من نظيرتها لدى الاتحاد الأوروبي، ما يجعلها الهدف الأكثر طموحاً لأي اقتصاد صناعي كبير.
لكن الوصول بهذه الخطة إلى أهدافها النهائية يتطلب بناءَ العديد من مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى كثير من البطاريات وخطوط النقل.. كما يستدعي إقناع ملايين البريطانيين بفوائدها الكثيرة، خاصة ما توفره مالياً، علاوة على أهميتها لحماية البيئة من التلوث بغاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يَنتج عن استخدام الوقود الأحفوري في توليد الطاقة الكهربائية. 

وتمثل طموحات بريطانيا لعام 2030 اختباراً جدياً لمدى سرعة دولة غنية في بناء نظام طاقة جديد صديق للبيئة، وهو أمر مثير للاهتمام، كونه يحدث في بلد يعدُّ مهد ميلاد الثورة الصناعية التي ساهمت في حدوث الأزمة المناخية التي تؤثر في العالم بأسره حالياً. (الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)