لا أعتقد أن دونالد ترامب، حتى قبل عام واحد من الآن، كان ليبدأ تجمعاً بـ 12 دقيقة من الكلام المتشعب حول لاعب الجولف الراحل أرنولد بالمر. إن الأمر مهم، خاصة أن ترامب قد يكون مرة أخرى هو مَن يسيطر على الترسانة النووية الأميركية. وبصرف النظر عن ذلك، فإن الأمر ينبغي أن يكون تنبيهاً لرجال الأعمال الذين يقللون من أهمية أجندته الاقتصادية، معتقدين أنه إذا تم انتخابه فسيتراجع عن بعض مقترحاته.
لكن من منظور أساسي، ربما كان التعليق الأكثر إثارة بين التصريحات التي أدلى به ترامب على مدى الأيام القليلة الماضية، هو تعليقه غير المباشر على أبراهام لينكولن أثناء ظهوره على قناة «فوكس نيوز»، حيث قال: «ربما كان لينكولن رئيساً عظيماً. رغم أنني قلتُ دائماً، لماذا لم تتم تسوية الأمر؟ أنا شخص لا يفهم لماذا كانت هناك حرب أهلية». فما الذي يتحدث عنه ترامب هنا؟ هل كان يقصد ضمناً أن لينكولن كان ينبغي له أن يسمح للجنوب بالحفاظ على العبودية في شكل ما، وكأنها نقطة للتفاوض على سياسة عامة عادية؟ وهل يمكن أن يقصد الإشارةَ إلى شيء كهذا بهذه العلانية؟
حقيقة الأمر أنه لم يكن من الممكن «تسوية» الحرب الأهلية بتخفيف مطالب الشمال متمثلةً في إنهاء العبودية في الجنوب. لقد حظرت الولايات الشمالية العبوديةَ داخل حدودها، وكان العديدُ من الشماليين يَعتبرون العبوديةً بغيضةً. لكن دعاة إلغاء العبودية الصريحين الذين كانوا يسعون إلى إنهائها في كل مكان كانوا أقلية. وكما أوضح أبراهام لنكولن في خطابه التاريخي عام 1860، والذي وضعه على الطريق نحو ترشيح الحزب الجمهوري، وفي النهاية نحو الرئاسة، كانت الأزمة الوجودية التي تواجهها الولايات المتحدة تتعلق بمطلب الجنوب، وهو أن الشمال لا يجب فقط أن يسمح باستمرار العبودية دون عوائق، بل يجب أيضاً أن يحمي هذه الممارسة من النقد. وقد جادل لنكولن بأن مشكلة أسياد العبيد مع الولايات الحرة لم تكن أن أهل الشمال يضرون بمصالحهم المادية، فلم يكن ذلك يحدث بدرجة كبيرة، بل كانت المشكلة هي حقيقة أنهم تجرأوا على وصف العبودية بأنها شر.
لكن ما علاقة هذا بأميركا اليوم؟
يتم دعم حملة ترامب مالياً من قبل بعض الملياردات أبرزهم إيلون ماسك، وهم في الغالب يشعرون بالسخط. لا أعتقد أن الأمر يعود إلى المصالح المالية بالدرجة الأولى، ولكنه أساساً مرتبط بأجندة سياسية مناهضة لما سماه ماسك «فيروس الفكر اليقظ».
ولعل أغلب المليارديرات يجدون صعوبةً في تعريف الوعي، لكن ما الأمر الرهيب في هذا؟ أياً يكن الأمر، فإن الوعي لم يعق ارتفاع الأرباح وأسعار الأسهم. لكن هناك موضوع أساسي وهو أن بعض أصحاب السلطة لا يستطيعون ببساطة أن يتقبلوا فكرةَ السماح للناس بالحديث عن إمكانية إساءة هذه السلطة.
وما يعنيه هذا بالنسبة لي هو أن العديد من الناس، بمن فيهم بعض الأثرياء، يتصورون أن حياتهم ستستمر كما كانت، لأنهم ليسوا مهاجرين غير شرعيين، وليسوا جزءاً من «الإعلام الزائف»، ولا موظفين فيدراليين قد يُشتبه في عدم ولائهم، أو أي شخص آخر يصوره ترامب على أنه «العدو الداخلي».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»