خلال أسبوع واحد من إطلاق حملة «الإمارات معك يا لبنان»، نجحت الحملة في جمع أكثر من 110 ملايين درهم، وكان هناك إقبال شديد عليها، ما يعكس تجذر ثقافة العطاء والتطوع في مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، ونفاذية المبادئ الإنسانية النبيلة في الوقوف مع مختلف المتضررين من الصراعات والأزمات في مختلف مناطق العالم.
ويعود هذا النهج الإماراتي الراسخ إلى المبادئ التي أرساها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، متمثلةً في نشر رسالة الخير في كل مكان، ومساعدة المحتاجين، وغوث اللاجئين والمنكوبين في كل بقاع المعمورة، وترسيخ صورة الإمارات بوصفها منارة للإنسانية تشمل عطاءاتها مختلف دول العالم.
وانطلاقاً من هذه المبادئ السامية والقيم الراسخة، كانت حملة «الإمارات معك يا لبنان»، لدعم الشعب اللبناني الشقيق وإغاثته في ظل التصعيد الميداني الحاصل هناك، وذلك تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والذي أكد مراراً «أهمية مواصلة نهج زايد في نشر الخير والسعادة».
وفي ظل تجاوب إنساني كبير مع واجب مد يد العون إلى الأشقاء، تتواصل أعمال الحملة هذا الأسبوع من خلال فعاليتين للتبرع، وتجميع وتجهيز الإمدادات الإغاثية، حيث انعقدت الفعالية الأولى في مركز إكسبو الشارقة، أمس السبت، فيما يحتضن مركز المعارض في مدينة إكسبو دبي مجدداً فعالية تجميع وتجهيز المساعدات اليوم الأحد.
وفي هذا الصدد، أعلن راشد مبارك المنصوري، الأمين العام لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، أن أكثر من 10 آلاف متطوع ومشارك أسهموا في فعاليات حملة «الإمارات معك يا لبنان». ونوه المنصوري إلى أن «الحملة تستهدف ألا يقل عدد الطرود الإغاثية المراد تجهيزها عن الكميات التي تمت الأسبوع الماضي بواقع 10 آلاف طرد في أبوظبي ودبي، كلاً على حدة».
ويسجل التاريخُ لدولة الإمارات مواقفَ مشرفةً منذ عام 1974، في دعم الشعب اللبناني الشقيق، حيث منح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لبنان مبلغاً قدره 150 مليون دولار لتمويل مشروع الليطاني، ومروراً بمبادراتها الهادفة لترسيخ السلم الأهلي في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1990، ووصولاً إلى تقديم مساعدات إنسانية للمتضررين من انفجار مرفأ بيروت في عام 2020.
وإزاء ما أظهرته دولة الإمارات خلال السنوات الماضية من التزام راسخ بتعزيز دورها في الساحة الإنسانية العالمية، فقد احتلت مكانة بارزة عالمياً كواحدة من أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية، وفقاً لتصنيفات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، من خلال مؤسساتها الإنسانية، مثل الهلال الأحمر الإماراتي، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، ومبادراتها الخيرية الواسعة، حيث قدمت مساعدات إنسانية وتنموية لأكثر من 100 دولة حول العالم، في قطاعات أساسية، مثل الصحة، والتعليم، والغذاء، والإغاثة في حالات الكوارث.
وتُعتبر دولة الإمارات نموذجاً يُحتذى به في مجال المساعدات الإنسانية، حيث أشار سعيد العابدي، عضو المجلس الوطني الاتحادي، إلى أن «مساعدات الإمارات الخارجية منذ قيام دولة الاتحاد في عام 1971، حتى منتصف العام الجاري، بلغت 360 مليار درهم، الأمر الذي ساهم في التخفيف من تداعيات الكوارث والأزمات، ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز الاستقرار والسلم الدوليين».
وما يميز المساعدات الإنسانية التي تقدمها دولة الإمارات أنها لا ترتبط بالتوجهات السياسية للدول المستفيدة منها، ولا البقعة الجغرافية، أو العرق، أو اللون، أو الطائفة، أو الديانة، بل تراعي في المقام الأول الجانب الإنساني الذي يتمثل في احتياجات الشعوب، والحدّ من الفقر، والقضاء على الجوع، وبناء مشاريع تنموية لكل مَن يحتاج إليها، وإقامة علاقات مع الدولة المتلقية والمانحة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما تجسد هذه السياسة الإنسانية، تطبيقاً عملياً لثقافة التسامح والتعايش التي تتبناها الدولة.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية