مُحزنٌ جداً ما نراه من هجمات إسرائيلية على جنوب لبنان، فلبنان بلد العطاء والثقافة والجمال. وفي هذه الظروف، أعربت وزارة خارجية دولة الإمارات عن القلق إزاء الهجمات ذات السطوة البالغة العنيفة على جنوب لبنان. وجاء في الموقع الإلكتروني للوزارة، أن دولة الإمارات بيّنت مدى ضرورة تكاتف الجهود الدولية لوقف القتل والعنف بحق أهالي جنوب لبنان، وأنه من حق كل لبناني مدني أن ينعم بالأمن والحماية الكاملة، وفقاً للقانون الدولي والمعاهدات الدولية.
أمّا بالنسبة لمكانة لبنان في قلب الإمارات، فهناك بلا شك علاقات أخوية متينة تجمع الإمارات ولبنان في مختلف الميادين والمجالات، الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية، وذلك منذ الإعلان عن قيام دولة الاتحاد في 2 ديسمبر 1971. فمنذ ذاك الوقت وإلى يومنا هذا ظلت العلاقات قوية بين البلدين، خصوصاً في مجال دعم القضايا الإقليمية والعالمية. وكان للعلاقات الاقتصادية الراسخة بين البلدين دور مهم في تعزيز مكانة الاقتصاد اللبناني، وذلك من خلال الاستثمارات الإماراتية وتحويلات العاملين اللبنانيين الذين كان لهم دور إيجابي مميز على أراضي الدولة. وما فتئت هذه الاستثمارات في ازدياد، ومعها التعاملات التجارية بمختلف أصنافها.
وفي المجال الثقافي، يمكننا القول إنّ العلاقات اللبنانية الإماراتية كان ولا يزال لها حضورها القيّم في مجالات التعليم والإعلام والأدب والفن. وقد زارَ المغفورُ له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، لبنانَ في ستينيات القرن الماضي بهدف توطيد العلاقات الثقافية والدبلوماسية بين البلدين. ونجد اليوم العديد من الكتاب والأدباء اللبنانيين الذين لهم حضورهم القيّم في مختلف الفعاليات والأنشطة والمهرجانات والمعارض التي تشهدها الدولة. وبلا شك، فإن نجاح اللبنانيين في الإمارات يعود إلى أنّ أغلب المقيمين على أراضيها هم من أصحاب التعليم العالي والكفاءات المميزة، لذا فهم يعملون في قطاعات حيوية مختلفة، مثل الإعلام والتعليم والفن والنشر والطب والهندسة.. إلخ. ولذا نجد أن القائمة السنوية التي نشرتها منصة «أرابيان بيزنس» في عام 2019 حول أكثر 100 شخصية تأثيراً في دُبي، كانت للبنانيين فيها حصة الأسد، إذ ضمت 9 لبنانيين تفوقوا ضمن الشخصيات الأكثر تأثيراً في قائمتها.
وكان للوالد المؤسس الشيخ زايد دوره الريادي، ومواقفه المميزة إلى جانب لبنان الشقيق، ولا ننسى أنه تبرع بِـ5 ملايين دولار لإعادة ترميم القصر الجمهوري في بعبدا عام 1990. ويتواصل الدعم المالي من الإمارات للبنان وسط ظروفه الداخلية العصيبة منذ سبعينيات القرن الماضي. وفي هذا الإطار قامت دولة الإمارات بمد لبنان في سنة 2003 بِـ300 مليون دولار لدعم خزينته، تنفيذاً لمقررات مؤتمر باريس. وبعد تفجير مرفأ بيروت، وكان حدثاً مؤلماً في أغسطس عام 2020، ودولة الإمارات كانت في طليعة الدول التي سارعت إلى تقديم المساعدات اللوجستية والإمدادات الإغاثية لأهالي بيروت.
لبنان قويّ دائماً بأهله الباسمين وجباله الثابتة، وله منّا أطيب التحيات وأخلص الدعوات. ولنستحضر هنا أبياتاً للشاعر اللبناني خليل اليازجي:
قف فوق رابيةٍ من طور لبنانِ... وَقل سَلامٌ على أَرضٍ وَسُكّان
أرضٌ إذا ما سَقاها الغيثُ كادَ بها... أن يَستَحيل إلى درٍّ وَمرجانِ!