مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية لعام 2024، أصدر الرئيس السابق دونالد ترامب تصريحاً جريئاً قد يؤثر بشكل كبير على حملته ورئاسته المحتملة. اقترح ترامب- إذا فاز في الانتخابات- استبدال آلاف البيروقراطيين الفيدراليين بمعينين سياسيين من اختياره مما أثار جدلاً واسعاً ومخاوف بشأن العواقب المحتملة لهذا القرار في ظل تأكيده على رؤيته لتحسين كفاءة الحكومة.

يعتقد البعض أن لهذا القرار عواقب انتخابية محتملة، حيث يمكن أن يُنظر إليه باعتباره هجوماً على الخدمة المدنية والطبيعة غير الحزبية للحكومة. مثل هذا التحرك قد ينفر الناخبين المعتدلين والمستقلين الذين يقدرون الخبرة والاستمرارية التي يوفرها الموظفون المدنيون المحترفون.

فالعديد من الناخبين يفضلون الحكم الفعال، وقد يرون في هذا الاقتراح تهديداً لنزاهة المؤسسات الحكومية. إضافة إلى ذلك، قد يرى البعض أن هذا بمثابة تفكيك «الدولة العميقة». فقد اتهم ترامب الموظفين الفيدراليين المحترفين منذ فترة طويلة بعرقلة أجندته بنشاط، وصاغ مصطلح «الدولة العميقة» لوصف المقاومة الموجودة داخل البيروقراطية. يعتقد ترامب أن البيروقراطية الفيدرالية يهيمن عليها الليبراليون وتقاوم السياسات المحافظة، مما يصعّب على الرئيس «الجمهوري» تحقيق أهدافه. من خلال استبدال الموظفين المحترفين بالمعينين السياسيين، يهدف ترامب إلى الحد من المقاومة البيروقراطية وجعل الحكومة أكثر استجابة لرؤيته، وهو ما قد يُنظر إليه على أنه تهديد للمعايير الديمقراطية والاستقرار المؤسسي.

وعلى الصعيد الدولي والدبلوماسي، قد تثير خطة ترامب قلقاً بين الحلفاء والشركاء الذين يعتمدون على الحكم المستقر والمتوقع من الولايات المتحدة. فالعلاقات الدبلوماسية تعتمد غالباً على الاستمرارية والموثوقية في اتخاذ القرارات الحكومية، وأي شعور بعدم الاستقرار قد يضع ضغوطاً على التحالفات ويعقد المفاوضات الدولية.

ويشير العديد من المحللين إلى أن إعلان ترامب ينطوي على أكثر من مجرد الولاء السياسي، بل يعكس أيضاً رغبته في تحسين كفاءة وفعالية المؤسسات الحكومية. داخل إدارته، يُعتقد أن المعينين السياسيين، بتعيينهم بناءً على معايير مهنية فعّالة، قد ينفذون السياسات بكفاءة وفعالية أكبر من الموظفين المدنيين المحترفين، بفضل استجابتهم المرنة للتوجيهات وقدرتهم على تجاوز القيود البيروقراطية. وبينما يمكن للبعض أن يتوقع أن يؤثر إعلان ترامب سلباً على حملته الانتخابية، يعتقد آخرون أنه قد يحفز أنصاره بتصويره كزعيم قوي جاهز لاتخاذ إجراءات جريئة للوفاء بوعود الإصلاح والتغيير.

وقد يخدم ذلك في تمييزه عن خصومه السياسيين من خلال تسليط الضوء على موقفه من إصلاح الحكومة وكفاءتها. على الرغم من أن ترامب قد يُنظَر إليه باعتباره شخصاً لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، إلا أنه قد يُنظَر إليه أيضاً باعتباره زعيماً قوياً يفكر خارج الصندوق لتحقيق الإصلاح الحكومي وتعزيز الكفاءة. وفي المجمل، يتوقع كثيرون أن الصراع المستقبلي لترامب لن يكون مع وسائل الإعلام أو مجتمع الاستخبارات، بل مع البيروقراطيين الفيدراليين.

*باحثة سعودية في الإعلام السياسي