يدور أحياناً جدل بيزنطي حول مكانة المرأة في المجتمع، هناك من يعطيها النصف، وآخرون يرونها كل المجتمع وأيضاً هنا إشكالية دواعي وجود الرجل، وفريق يرى بأنها مع الرجل تكمل أداء أدوارها في أي مكان وجدت في المجتمع. مكانة الإعلامية في الدولة والمجتمع أشبه بمنارة للإبداع والثقافة... فالإعلاميون بما ينجزونه من متراكمات ثقافية حضارية لأمتهم ومجتمعهم يعتبرون حالة متطورة من الحراك الثقافي الإنساني الموسوم بثقافة بيئتهم وبطريقة تفاعل كل منهم مع الأحداث التي أثرت في مسيرته. المتابع لحالة الحراك الإعلامي لدينا يدرك أنه قد أصبح للمرأة جزء أساسي في صياغة الخطاب الإعلامي العام. فالمرأة تمثل عنصراً شريكاً وفعالاً في المعادلة الحضارية الأساسية للشعوب.

لا أعني هنا بالوظيفة العمل كموظفة، بل توظيف كل ما اكتسبناه لمن هم بعدنا من أجل دوران عجلة التغيير لما هو أفضل للمستقبل بأدواته وجمهوره المستهدف. لا بد من تسليم هذه الأمانة باحترافية ومصداقية للأجيال المقبلة على هذا القطاع. بحيث يكون توصيل رسالة هذا الوطن واضحة وجلية للجميع، الداخل والخارج، أعني بذلك العالم الأوسع من خلال كل الحقول الإعلامية التي تدمج اليوم في منصة واحدة وعلى جهاز واحد متنقل بلا شرط أو قيد. يفترض بعد عقود من تجارب المرأة الإماراتية في كافة مجالات الإعلام التقليدي والمعاصر، من الورقي إلى الرقمي، أنها وصلت إلى مستوى يمكن لها أن تضع بصمة الوطن على العمل الإعلامي، ليشم من خلاله القاصي والداني، بأن هذا العمل المنجز يفوح منه نكهة الإمارات. نحن خريجو جامعة «العين» سابقاً، جامعة الإمارات العربية المتحدة لاحقاً، و(أم الجامعات) كما أحب أن أطلق عليها. محظوظون لسبب رئيس واحد، وهو أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان ينتقي لنا العلماء انتقاء للتدريس بالجامعة من كافة التخصصات، والإعلام لم يكن استثناء من تلك المرتبة المرموقة. في العام الدراسي 1976 - 1977، كان اللقاء الأول مع الدكتورة جيهان رشتي (رحمها الله) التي زودتنا بالمعارف الأساسية للإعلام، عندما اخترنا أن ندرس عنها مساقاً حراً بعنوان «الإعلام والمجتمع»، وكان خلاصة ذلك الموضوع، بأن الإعلام بمختلف وسائله قادر على أن يحدث فارقاً ملحوظاً في التغيير إلى الأحسن.

وكان حصاد ذلك بالنسبة لي، هو المبادرة بكتابة أول مقال صحفي في إحدى الصحف المحلية، ومن بعد ذلك كان الاستمرار في الكتابة حتى اللحظة بحماس الشباب وعقلانية المشيب. مهما أتقنا دراسة النظريات في الإعلام وهي مهمة، ولكن التطبيق أهم وأقوم، لأنه يجسد الفجوة بينهما، ويقرب الأفهام عملياً مفهوم المسافة النظرية وإنزالها على الواقع وخاصة ما يتعلق بالمصادر. وكنت فترة من وظيفتي مسؤولاً عن تدريب الطلاب والطالبات بالجامعات، وخاصة المقبلين على التخرج. من هنا ينبغي اصطياد العناصر الإعلامية المميزة للعمل في ذات المؤسسات، التي ترغب في توظيف أفضل الخريجين من داخل المطبخ الإعلامي.

لقد وصلت المرأة الإماراتية، إلى أعلى ذرى المسؤولية الإعلامية من حيث تبوؤ رئاسة مجالس إدارة الإعلام، مع تولي رئاسة تحرير الصحف والمجلات المتخصصة في الدولة، فضلاً عن دورها في التحرير والتحقيق والتنوير.

*كاتب إماراتي