في إطار اهتمامها الكبير بتعزيز الأمن المائي، تشارك دولة الإمارات العربية المتحدة، دول العالم المختلفة الاحتفال بأسبوع المياه العالمي، الذي يمتد خلال الفترة 25 - 29 أغسطس 2024، ويركز هذا العام على أهمية تعزيز التعاون في مجال المياه من أجل دعم السلام والأمن ومد جسور الترابط الإقليمي والعالمي بين المجتمعات والأمم لدعم تحقيق مستقبل سلمي ومستدام.
وما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق، أنه وفي سبيل مواجهة نقص المياه بسبب مناخها الصحراوي، إضافة إلى تأثيرات التغير المناخي، تعتمد دولة الإمارات بشكل كبير على تحلية مياه البحر لتوفير مياه الشرب (توفر 42 في المئة من إجمالي الاحتياجات المائية) من خلال 70 محطة رئيسية تمثل نحو 14 في المئة من إجمالي إنتاج المياه المحلاة عالمياً، وقد تبنت دولة الإمارات حلاً مُستداماً يربط تقنيات التحلية بالطاقة المتجددة. كما أولت الدولة مشاريع السدود وتجميع مياه الأمطار اهتماماً كبيراً، من أجل المحافظة على المياه والحماية من الفيضانات ومخاطر الانجراف، إضافة إلى تحسين نوعية وكمية المياه الجوفية، وأطلقت برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار، بهدف تعزيز التقدم في مجال استكشاف الأسس العلمية والتقنية لتحسين هطول الأمطار، واستخدام التكنولوجيا لتحفيزها وزيادتها.
وفي عام 2017 أطلقت الإمارات استراتيجية الأمن المائي 2036 بهدف ضمان استدامة الوصول للمياه خلال الظروف الطبيعية وظروف الطوارئ القصوى، وقد تمت صياغة هذه الاستراتيجية من منظور وطني شامل لعناصر سلسلة الإمداد المائي بالدولة بمشاركة جميع الهيئات والجهات المعنية، وبما ينسجم مع قوانين الدولة ومواصفات منظمة الصحة العالمية، ويسهم في تحقيق رخاء وازدهار المجتمع واستدامة نمو الاقتصاد الوطني، وتركز أبرز مستهدفات الاستراتيجية على الإدارة المتكاملة لموارد المياه، وزيادة مؤشر إنتاجيتها، وخفض مؤشر ندرة المياه، وزيادة إعادة استخدام المياه المعالجة.
كما أطلقت الدولة عام 2021 البرنامج الوطني لإدارة الطلب على الطاقة والمياه والذي يضم ثلاثة محاور رئيسية هي: الطاقة، والمياه، وترشيد الاستهلاك، وتضمن محور المياه مبادرات عدة لخفض استهلاك المياه في قطاعي الزارعة والمباني، ورفع كفاءة استهلاك المياه وزيادة نسبة إعادة استخدام المياه المعالجة إلى 95%، وضم محور ترشيد الاستهلاك خطة توعوية متكاملة لرفع وعي أفراد المجتمع في مجال ترشيد الاستهلاك ليصبح سلوكاً يومياً. إضافة إلى ذلك، جاء الماء كأحد المحاور السبعة الرئيسية لاستراتيجية الابتكار الوطنية لدولة الإمارات عام 2014 لتكون رائدة عالمياً في علوم وتقنيات زيادة هطول الأمطار.
وانطلاقاً من دورها الفاعل في مد جسور الترابط الإقليمي والعالمي، لا تدَّخر دولة الإمارات جهداً في تعزيز نطاق التعاون الدولي ودعم بناء القدرات بالدول النامية في الأنشطة والبرامج المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، بما في ذلك جمع المياه، وإزالة ملوحتها، وكفاءة استخدامها، ومعالجة المياه العادمة، وتكنولوجيات إعادة التدوير وإعادة الاستعمال.
ومن المهم في هذا السياق الإشارة إلى «مبادرة محمد بن زايد للماء» التي أطلقها صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في فبراير 2024 لمواجهة التحدي العالمي العاجل المتمثل في ندرة الماء، مستهدفة تعزيز الوعي، وتسريع تطوير حلول تكنولوجية مبتكرة لمعالجتها، إضافة إلى اختبار فاعلية هذه الحلول لمواجهة هذا التحدي العالمي المتفاقم.
كما أطلقت الدولة في 2014 مبادرة «سُقيا الإمارات»، بهدف توفير المياه الصالحة للشرب للمحتاجين والمنكوبين والمحرومين حول العالم، والمساهمة في إيجاد حلول مستدامة ومبتكرة لقضية شح المياه، من خلال الدراسات والبحوث والمشاريع التي تستخدم الطاقة الشمسية في توفير المياه النقية. وفي يوليو 2014، أُطلقت «جائزة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية للمياه» لدعم المشاريع والأبحاث المبتكرة لإيجاد حلول دائمة لمشكلة شح المياه حول العالم، بتشجيع الشركات الرائدة ومراكز البحوث والمؤسسات والمبتكرين في أرجاء العالم كافة للتنافس حول إيجاد حلول مستدامة ومبتكرة لمشكلة المياه باستخدام الطاقة الشمسية.
ومع تمديد عام الاستدامة بالإمارات، وبفضل رؤية القيادة الرشيدة وتوجيهاتها، تستمر الدولة في تعزيز حضورها ودورها كلاعب عالمي رئيسي وداعم لإيجاد الحلول المبتكرة لمواصلة مسيرة التنمية المستدامة بتسخير جميع الموارد والإمكانات والاستثمار في الخبرات والعقول والكفاءات الاستثنائية لتطوير قطاع المياه باعتبارها داعماً لتحقيق التنمية الشاملة.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية