في عصر التقدم التكنولوجي السريع، يقف الذكاء الاصطناعي في طليعة الابتكار التحويلي، وإعادة تشكيل الصناعات والمجتمعات على مستوى العالم.
في وزارة الخارجية الأميركية، أصبح الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة للكفاءة، بل حجر الزاوية للدبلوماسية الحديثة والمشاركة العالمية. وقد ذكر وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، هذا خلال حدث لوزارة الخارجية في 28 يونيو الماضي، مؤكداً: «ستحدد قراراتنا اليوم المشهد المستقبلي لنشر التكنولوجيا وتأثيرها الدائم». تعتمد وزارة الخارجية الأميركية على الذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام الروتينية، مما يسمح للموظفين بالتركيز على الأنشطة ذات القيمة المضافة العالية.
على سبيل المثال، تعتزم إدارة الشؤون الإدارية توسيع تحليلات المخاطر من خلال تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للكشف عن النشاط غير المألوف داخل نظام إدارة الخدمات اللوجستية المتكامل.
لقد أحدثت تقنيات الذكاء الاصطناعي ثورة في كيفية التعامل الدبلوماسي مع التحديات العالمية المعقدة، حيث تقوم الأنظمة الآلية بتنفيذ المهام الإدارية، مما يفسح المجال للموارد البشرية للتركيز على التحليلات النقدية، وصياغة استراتيجيات التفاوض، وتعزيز الشراكات الدولية. بجانب تعزيز الكفاءة التشغيلية، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً أساسياً في تعزيز الأمن الوطني وتعزيز الأولويات الدبلوماسية، حيث تستفيد الوزارة من الذكاء الاصطناعي بشكل فعال لتعزيز الأمن السيبراني، ومكافحة حملات التضليل، وتعزيز الدفاع ضد التهديدات الرقمية الناشئة. علاوة على ذلك، تقدم التحليلات التنبئية المدعومة بالذكاء الاصطناعي للدبلوماسيين رؤى فورية حول الاتجاهات العالمية والتطورات الجيوسياسية. هذه القدرة لا تقتصر على تعزيز الدبلوماسية الاستباقية فقط، بل تسهل أيضاً اتخاذ القرارات الصحيحة على جميع مستويات المشاركة، بدءاً من المفاوضات الثنائية إلى المنتديات المتعددة الأطراف. كذلك، يعمل مكتب وكيل الوزارة للنمو الاقتصادي والطاقة والبيئة على تعزيز الشراكات الدولية في مجال الذكاء الاصطناعي، والدعوة إلى المنافسة الاقتصادية العادلة ودعم الشركات الأميركية من خلال السياسات واللوائح الخارجية المواتية. واعترافاً منها بالتأثير العالمي للذكاء الاصطناعي، تتعاون وزارة الخارجية الأميركية بشكل وثيق مع الحلفاء والشركاء في جهود حاسمة.
تُعطى الأولوية في المبادرات الجماعية للبحث والتطوير التعاوني في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يضمن أن يُعزز التقدم الرفاه العالمي مع التصدي للمخاطر المتعلقة بإساءة الاستخدام أو التداعيات غير المقصودة. في الوزارة، تقود مكاتب وإدارات متنوعة مبادرات الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، يعمل مركز المشاركة العالمية بالتعاون مع الحكومة والصناعة والأكاديميين لمكافحة الدعاية الأجنبية والتضليل باستخدام التقنيات المتقدمة.
ويستخدم فريق المشاركة التكنولوجية داخل مكتب وكيل الوزارة لإدارة الذكاء الاصطناعي لتطوير الأنشطة الدبلوماسية التقليدية، بما في ذلك تطبيق التعلم الآلي في تكنولوجيا المعلومات والاستشارات الإدارية. هنا نرى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في وزارة الخارجية الأميركية ليس مجرد تقدم تكنولوجي، بل هو ضرورة استراتيجية حيوية. من خلال اعتماد الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وتعاوني، تؤكد الولايات المتحدة التزامها بالتقدم التكنولوجي لتحسين إدارة الشأن الدبلوماسي بشكل أكثر فاعلية. *باحثة سعودية في الإعلام السياسي