اشتهرت إيطاليا عالمياً ببراعتها في إنتاج أجود أصناف المعجَّنات المجففة، وعلى رأسها المعكرونة التي غدت واحدة من أشهر وجبات البحر الأبيض المتوسط، وبات اسمها مقترناً بإيطاليا ذات السمعة الواسعة في هذا المجال. ولم تأت هذه السمعة وذاك الاقتران من فراغ أو بلا سبب، بل جاءت من خبرة تاريخية عريقة اكتسبها الإيطاليون من مهارتهم المميزة في إنتاج وإعداد المعكرونة منزلياً، وعلى أيدي الأمهات والجدات بالذات.

وفي هذه الصورة نرى المعلمة «أنجيلا كورشي» تساعد أحد طلابها على تعلم تقنية لف المعكرونة، أثناء حصة تدريبية في إحدى المدارس ببلدة بالومبارا الإيطالية الصغيرة بالقرب من العاصمة روما، حيث اعتادت الجدات في هذه البلدة - وغيرها من البلدات الإيطالية الأخرى - نقلَ فن صنع أنواع المعكرونة المنتجة يدوياً، مثل الفارفالي والرافيولي وغيرها من أشكال المعكرونة الشهيرة، إلى الأبناء والأحفاد، حتى حافظت إيطاليا على هذه المهارة العريقة، عبر نقلها من جيل إلى جيل على مر التاريخ. ولم تعد المدارس في إيطاليا، شأنها شأن كثير من الدول الصناعية المتقدمة، تكتفي بتقديم الدروس النظرية في مجالي العلوم والآداب وغيرهما، بل أصبحت تركز أيضاً على إكساب طلابها مهاراتٍ يدويةً مفيدةً يحتاجونها في الحياة اليومية وفي تجاربهم الوظيفية لاحقاً.

كما أصبحت الشركاتُ الكبرى مهتمةً بتعليم أطفال المدارس كثيراً من المعارف التطبيقية والمهارات العملية تؤهلهم لدخول سوق العمل مباشرة بعد التخرج من الجامعة، وذلك حتى لا تضطر هذه الشركات على صرف الأموال مستقبلاً من أجل تدريب موظفيها الجدد وإكسابهم المهارات العملية التي يحتاجونها للاطلاع بأدوارهم المهنية. ولا يكاد يختلف اثنان في إيطاليا حول أهمية الحفاظ على تقليد عريق منح بلادَهم جانباً كبيراً من شهرتها عبر العالم، ألا وهو مهارة إنتاج وصناعة لفائف المعكرونة بأحجام وأشكال ونوعيات مختلفة، وكلها محبَّبةٌ إلى متذوقي المطبخ الإيطالي والمعكرونة الإيطالية! (الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)