يخلق الاندماج في بيئة العمل -بصفته نموذجاً مستقبلياً لبيئة العمل- نمطاً جديداً للأعمال يدعم الابتكار والإنتاجية وجودة الحياة.
وقد أصدر البرنامج الوطني للسعادة وجودة الحياة في حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة «دليل السعادة وجودة الحياة في بيئة العمل»، الذي يؤكد «أهمية السعادة والجودة في بيئة العمل، والاهتمام بالأشخاص الذين يعملون بجد واجتهاد كل يوم»، فحكومات المستقبل تسعى إلى تعزيز وجود موظفين مبتكرين ومبدعين، يعكسون القيم والأصالة والهوية الوطنية، منتجين بجودة، يحققون التميز، ويوازنون بين الحياة والعمل، ويتمتعون بصحتين بدنيةٍ ونفسيةٍ، ولذلك تعمل هذه الحكومات على إعادة هندسة مكان العمل، وشكل يوم العمل بمنهجية جديدة، وبالاستخدام الأمثل للموارد المالية والبشرية والتقنية.
وقد نشرت «ديلويت»، أكبر شركة خدمات مهنية في العالم، عام 2019، تقريراً بعنوان «الاندماج هو مزيج الأعمال الجديد، وتقارُب الأنظمة البيئية يظهر نماذج أعمال جديدة»، تحدَّث «عن أهمية وجود مساحات للعمل متطورة ومشتركة، وغير مكلفة للعاملين في الحكومات، أو القطاع الخاص، أو الشركات الناشئة، ولأي شخص يتطلع إلى العثور على مساحة عمل يسهل الوصول إليها في أي وقت».
وأضاف التقرير أن مبادرات المدن الذكية المستدامة في جميع أنحاء العالم في طليعة المؤسسات التي تسعى نحو الاندماج في مساحات العمل، مع إعادة تصميم مقار العمل وهندستها، لتكون قريبة من المناطق الحيوية، بحيث لا تزيد المسافة بينهما على 15 دقيقة في الحد الأقصى.
وتقول ليز هيلتون سيجل، من شركة ماكينزي للاستشارات الإدارية: «إن مساحات الأعمال المدمجة ليست لزيادة إنتاجية الموظفين فحسب، بل مرتبطة بالابتكار والنجاح أيضًا، وعلى الشركات التعامل مع الرفاهية بصفتها مدخلاً رئيسياً، ونتيجة قابلة للقياس تحد من الإرهاق، وتعزز الصحة العقلية، وتخلق بيئات أكثر استدامة».
واعتمد مجلس إدارة هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس، في عام 2020، المواصفات القياسية الإماراتية للسعادة والإيجابية في بيئة العمل، وعَدَّ فيها إسعاد الناس هدفاً استراتيجياً، وقيمة مستدامة لزيادة الولاء والانتماء والإنتاجية، والشعور بالرضا والأمان الوظيفي، والتكاتف الاجتماعي، ولتحقيق ذلك على الحكومات المبادرة إلى وضع تصور مبتكر لبيئة العمل، وشكل يوم العمل، بمنهجية مستدامة وقابلة للتطبيق، مثل:
• عمل مساحات مكتبية مشتركة (كبسولات) في كل إمارات الدولة، بحيث يمكن للموظفين التشارك فيها بأي وقت، وأي مكان، ومن دون الحاجة إلى الذهاب لمقر العمل الرئيسي، وذلك باسم وعلامة وهوية واحدة.
• الاستفادة القصوى من الأتمتة والذكاء الاصطناعي في تسهيل الأعمال، واستمراريتها، وفي عمليتي التنسيق والمتابعة.
• توفير الاحتياجات اللازمة للموظفين من مطاعم واستراحات وأماكن للصلاة، حتى حضانات للأطفال، وغيرها، إضافةً إلى ضمان التوازن الصحي بين العمل والحياة الشخصية.
ويعمل تطبيق هذا الأمر، في مرحلة تجريبية إن أمكن، على ما يأتي: تشجيع التواصل والابتكار والتفاعل بين مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، مع التدوير العملي للموظفين بين مختلف إمارات الدولة، وإنعاش الاقتصاد المحلي، وخلق فرص للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتخفيف الازدحام، والإسهام في الاستخدام الأمثل للمواصلات، والمحافظة على البيئة، وتقنين الهدر في الموارد المالية والبشرية ومصادر الطاقة، ودعم رفاهية الموظفين وسعادتهم واستدامتهم، وتوفير فرص للنمو والتطوير، وتعزيز التماسك الأسري والدعم العاطفي، والتقليل من الجهدين البدني والنفسي الناجمَين عن الانتقال مسافات طويلة إلى مقار العمل.
*مدربة معتمدة في برنامج التبادل المعرفي الحكومي التابع لرئاسة مجلس الوزراء