في عام 1934، أصبح ضابط المدفعية الأميركي هاري ترومان عضواً في مجلس الشيوخ، وفي عام 1945 أصبح رئيساً للولايات المتحدة، ثم في عام 1953 غادر السلطة، وفي عام 1972 غادر الحياة. كان هاري ترومان يؤمن بوجود كائنات فضائية، بل إنَّهُ تحدث عن تلقيه رسائل من هذه الكائنات.
وفي عام 1952، قال: «إن سفراء الحضارة الفضائية أبلغونا أنهم يعرفون ما توصّلنا إليه في الأرض من تجارب نووية وأسلحة صاروخية، وهم يروْن أنها لا مبرّر لها». لقد كان هذا هو الرجل الذي حكم أكبر قوة في العالم، وأصدر قرار إلقاء أول وثاني قنبلة نووية في التاريخ، فوق هيروشيما ونجازاكي، وفي عهده تم بناء سور برلين وانطلقت الحرب الباردة، وفي عهده أيضاً نشبت الحرب الكورية، والتي راح ضحيتها (4) ملايين نسمة. إن شخصاً يؤمن بوجود كائنات فضائية، ويقول إنه تسلّم رسائل منها، كان يدير معظم العالم ثماني سنوات كاملة.. شهدت استخدام السلاح النووي والتقسيم الأيديولوجي للعالم. بعد أكثر من عشرين عاماً قال الرئيس جيمي كارتر، إنه رأى الكائنات الفضائية في جورجيا عام 1977.
وقد امتد الأمر، بل إنه صار أكثر غرابة، في عهد الرئيس رونالد ريجان الذي كان راسخ الإيمان بوجود هذه الكائنات وخطرها على كوكبنا. في عام 2015، نشر البروفيسور ديفيد كلارك كتابه الشهير «الأطباق الفضائية»، وفيه تم الكشف عن قيام الرئيس ريجان بطلب المساعدة من الزعيم السوفييتي «ميخائيل جورباتشوف» في التصدّي للمخلوقات الفضائية، وأكد الرئيس الأميركي أن هناك غزواً فضائياً محتملاً. كان كولين باول مستشار الأمن القومي الأميركي في عهد ريجان محبطاً للغاية من إيمان ريجان بذلك وتكراره في أحاديثه الرسمية، وكان كلما ذكر الرئيس قلقه من الغزو الفضائي يقلّب عينيه ويقول: ها هي الكائنات الفضائية تعود مجدداً.
بعد مرور سنوات أخرى عاد الأمر في إدارة أوباما، وفي مايو 2020 نشرت صحيفة «ديلي ستار» البريطانية وثيقة تؤكد قيام الرئيس أوباما بتحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من هجوم محتمل لكائنات فضائية، وطلب بناء نظام دفاع جوي لمواجهة هجوم الكائنات الفضائية على الأرض. من المثير أن الرئيس جو بايدن، والذي كان نائباً للرئيس باراك أوباما، هو الذي قدم هذه المخاوف للرئيس بوتين عند تسليمه رسالة من الرئيس أوباما.
ولقد اكتملت مسيرة الإثارة في هذا الصدد بإعلان المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون عام 2016، ثم إعلان الرئيس ترامب عام 2020 ضرورة رفع السريّة عن ملف الكائنات الفضائية واحتمالات التعاون الأميركي معها! كان يمكن لهذا السرد أن يكون شائقاً فحسب، ولكن وراء التشويق خطر عظيم، ذلك أن الآلية الديمقراطية، على امتيازها، يمكنها أن ترفع لسقف السلطة قادة غرباء عن العلم، وخصوماً للمنطق.
وإذا كان هذا هو المستوى المعرفي بشأن موضوع واحد، فإنه قد يكون معبراً عن المستوى المعرفي تجاه السياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية. لقد أبدعت النظرية الديمقراطية آلية مهمة للاختيار، لكنها لم تضع العلم شرطاً لهذا الاختيار. إذا كان من شرط ضروري لحماية مستقبل الديمقراطية، والأهم حماية عالمنا.. فهو عودة السياسة إلى العلم، وعودة العلم إلى السياسة.
أحمد المسلماني*
*كاتب مصري