في قمة «الناتو» التي انعقدت الأسبوع الماضي، كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يشبه في بعض النواحي فتى يتلقى أكواماً من الهدايا الرائعة صباح عيد الميلاد، لكنه مع ذلك يشعر بخيبة الأمل لعدم حصوله على أكثر ما يريده. لقد كان هناك طريق «لا رجعة فيه» نحو الحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولكن لم يتلق دعوة رسمية للانضمام إلى الحلف. وكانت هناك مجموعة رائعة من الأسلحة الجديدة، ولكن لا يوجد ضوء أخضر لاستخدامها بحرية.
وفي اجتماع مع الرئيس الأميركي جو بايدن في ختام اجتماع التحالف العسكري يوم الخميس الماضي، حرص زيلينسكي على تقديم الشكر للشعب الأميركي وأعضاء الكونجرس من كلا الحزبين، والرئيس بايدن شخصياً، على المساعدة الأميركية الكبيرة والحاسمة التي تلقتها لأوكرانيا منذ بداية الأزمة في فبراير 2022. وأعرب الرئيس الأوكراني عن امتنانه للتحالف الذي يضم 32 دولة لما حققته القمة، بما في ذلك الإعلان في البيان الختامي الذي يشير إلى المسار «الذي لا رجعة فيه».
فقد تعهدت الدول بتقديم أكثر من 40 مليار دولار من المساعدات على مدى العام المقبل، في حين تم الإعلان عن المزيد من أنظمة الدفاع الصاروخي لإحباط الهجمات المدمرة على البنية التحتية المدنية في أوكرانيا.
علاوة على ذلك، ستبدأ أوكرانيا قريباً في استلام العشرات من الطائرات المقاتلة من طراز إف-16 من العديد من دول «الناتو». وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض «جيك سوليفان» للصحفيين يوم الخميس الماضي إن المقاتلات المطلوبة، والتي من المفترض أن تساعد أوكرانيا في إحباط الهجمات الصاروخية والمساعدة في الاستعدادات للهجمات البرية، يجب أن تكون في الأجواء الأوكرانية في وقت لاحق من هذا الصيف.
ومع ذلك، لم يتم عرض شيئين كان زيلينسكي يريدهما حقاً - الدعوة للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وزيادة رفع القيود التي فرضها بايدن على استخدام الأسلحة بعيدة المدى التي توفرها الولايات المتحدة على الأراضي الروسية، إذ أن إدارة بايدن، التي تشعر بالقلق إزاء احتمال تصعيد الضربات داخل روسيا، تسمح حالياً لأوكرانيا بإطلاق أسلحة بعيدة المدى عبر الحدود فقط في منطقة خاركيف وعلى القوات الروسية التي تهاجم أو تستعد للهجوم.
وقال الرئيس الأوكراني: «إذا أردنا الفوز، إذا أردنا أن ننتصر، إذا أردنا إنقاذ بلادنا والدفاع عنها، فنحن بحاجة إلى رفع جميع القيود». وقد دعت بعض دول الناتو، بما في ذلك فرنسا، إلى دعوة أوكرانيا رسمياً للانضمام إلى الحلف. ورغم أن «الناتو» أعلن أن مسار عضوية أوكرانيا أصبح الآن «لا رجعة فيه»، فإن ما تعنيه هذه الكلمة بالنسبة لانضمام أوكرانيا في المستقبل يظل في عين الناظر (مسألة رأي شخصي، يختلف من شخص لآخر).
أما المسؤولون الأميركيون الذين عارضوا إدراج كلمة «لا رجعة فيه»، فقد تبنوها بمجرد وضعها في سياق أوسع لاندماج أوكرانيا الأوروبي، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي. لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعرب عن خيبة الأمل، قائلاً إن الباب أمام الانضمام لحلف الناتو «مفتوح، ولكن ليس إلى هذا الحد». ولم تستقبل موسكو هذه الكلمة بشكل جيد.
وقال دميتري ميدفيديف، نائب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مجلس الأمن الروسي إنه لا ينبغي للحلف الغربي أن يتفاجأ من أن روسيا ستبذل كل جهد ممكن «للتأكد من أن هذا المسار الذي لا رجعة فيه لانضمام أوكرانيا إلى الناتو سيؤدي إلى اختفاء أوكرانيا أو الناتو، أو الأفضل من ذلك، كليهما».. وفي مؤتمره الصحفي الذي خضع لتدقيق كبير مساء الخميس الماضي، اقترح بايدن أنه على الرغم من أنه قد يكون هناك المزيد من التعديلات على القيود المفروضة على استخدام أوكرانيا للأسلحة بعيدة المدى، فمن المرجح أن تستمر هذه السياسة. وأضاف الرئيس: «إننا نتخذ... على أساس يومي [قرارات بشأن] إلى أي مدى يجب أن يتوغلوا» في الأراضي الروسية. ولم تكن القمة، التي كانت احتفالاً بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الحلف، مخصصة لأوكرانيا طوال الوقت.
وقال المتحدث باسم الحكومة الصينية «لين جيان» في مؤتمر صحفي إن «تضخيم الناتو لمسؤولية الصين بشأن قضية أوكرانيا أمر غير معقول وله دوافع شريرة». وأكد أن الصين لديها موقف عادل وموضوعي بشأن القضية الأوكرانية. تميزت القمة باتخاذ خطوات لتعميق التعاون مع الشركاء الأربعة في منطقة المحيط الهادئ الهندية، أستراليا، واليابان، ونيوزيلندا، وكوريا الجنوبية، في وقت تتقارب فيه روسيا والصين، وتقيم روسيا علاقات أوثق مع كوريا الشمالية وإيران.
وفي الفترة التي سبقت القمة، وصف وزير الخارجية أنتوني بلينكين العلاقات المتنامية بين «الناتو» والشركاء الآسيويين بأنها جزء من «هندسة جديدة» لمواجهة التحديات العالمية. وقال: «على نحو متزايد، يرى الشركاء في أوروبا أن التحديات في آسيا ذات صلة بهم، تماماً كما يرى الشركاء في آسيا أن التحديات في أوروبا ذات صلة بهم». هوارد لافرانشي*
*كاتب متخصص في الشؤون الخارجية.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»